سأتحدث في هذه المقالة والمقالات التالية عن بعض النظريات القيادية المميزة وعن اهم مزاياها وعناصرها.. ونبدأ اليوم بنظرية القيادة التحويلية.
ان للقائد في هذه النظرية اربعة مهام رئيسية نلخصها كما يلي:
اولا: تحديد الرؤية او صورة المستقبل المنشود. فالقائد يوضح للاتباع الهدف النهائي الذي يسعون لتحقيقه، ويضعه لهم في صورة جميلة للمستقبل المنشود مما يبث فيهم روح التفاؤل ويجعلهم يصمدون امام المصاعب. وليس بالضرورة ان يشكل القائد هذه الرؤية وحده بل قد يشاركه الاتباع في ذلك. وقد تتشكل الرؤية لهم من المنهج الذي يحملونه او ورثوه ممن سبقهم.
وتشير الدراسات الى ان تشكيل الرؤية أهم عناصر القيادة التحويلية. ونجد ان الرسول عليه الصلاة والسلام استخدم اسلوب القيادة التحويلية، اذ كان صلى الله عليه وسلم دائم التذكير بالاخرة وهي الرؤية النهائية للمسلمين. وها هو الرسول القائد عليه الصلاة والسلام يحث المسلمين على الجهاد بقوله: (قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض). اخرجه مسلم.
ثانيا: ايصال الرؤية للاتباع: ما قيمة الرؤية مهما كانت رائعة ومرغوبة إذا لم تصل للاتباع بشكل مفهوم وواضح كي يؤمنوا بها؟ ان القائد الفعال هو القادر على ايصال الرؤية للاتباع بطريقة عاطفية مقنعة وواضحة تجعلهم يؤمنون بها ويتحمسون لها ويندفعون للعمل على تحقيقها والتضحية من اجلها.
لذا نجد القادة يستعملون ما أمكنهم فصيح القول (وفي عصرنا هذا وسائل الاعلام والدعاية) من اجل ايضاح الصورة المستقبلية والرؤية المنشودة. وهذا عبدالله بن رواحه في معركة مؤتة يذكر المسلمين بالهدف من قتال العدو فيقول: (يا قوم: والله ان الذي تكرهون للذي خرجتهم له تطلبون الشهادة. وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، انما نقاتلهم بهذا الدين الذي اكرمنا الله به، فانطلقوا فانما هي احدى الحسنيين، إما ظهور أو شهادة) الطبرائي.
ثالثا: تطبيق الرؤية: فالقائد الذي يسعى للحصول على احترام الاتباع وتفاعلهم معه لا يكتفي بشرح الرؤية بل يعيشها ويطبقها اذ لم يعد مقبولا ان يعيش القائد في برج عاجي ويحدث اتباعه عن المستقبل والامال والاحلام. ان المفروض من القائد ان يعيش بين الاتباع ويتأكد من تطابق كل الاعمال مع هذه الرؤية والقيم والمبادئ.
رابعا: رفع التزام الاتباع تجاه الرؤية. بعد ان يحدد القائد الرؤية ويوصلها لاتباعه ويطبقها على نفسه تصبح مهمته زيادة التزام اتباعه بها. ويتم ذلك عبر التشجيع والتذكير واشراك الاتباع في تشكيل الرؤية واتخاذ القرار، وعبر كونه القدوة الصالحة التي يكون لها دور كبير في تحفيز الاتباع على الالتزام بالاهداف والرؤى المنظمة.
وتكون القيادة التحويلية أكثر فعالية عند:
@ تأسيس المنظمات
@ فترات الانتقال والتغيير والتحول
@ المصائب والكوارث والازمات