وظيفة رئيس العمل وظيفة هامة للغاية.. يتوقف نجاح الجهاز على كفاءة وأداء من يشغلها ـ وأقصد بالجهاز اي تكوين نظامي او تقسيم إداري سواء كان إدارة حكومية او مؤسسة خيرية أو شركة أهلية أوهيئة خدمية او مستشفى علاجيا او مدرسة تعليمية او حتى ورشة تعليمية او حتى ورشة فنية لاصلاح الأدوات والأجهزة المنزلية..
وتنبع أهمية هذه الوظيفة من الموقع القيادي الذي تحتله على قمة الهرم الوظيفي وما يلازمها من صلاحيات وسلطات وما يعهد اليها من اختصاصات وقبل ان نطوف على أهم المواصفات التي يجب توافرها فيمن يشغل هذه الوظيفة نرى انه من الملائم ان نعترف اولا بأن تجارب البشرية قد اثبتت ان ليس كل شخص يصلح لتولي زمام القيادة حتى لو توافرت لديه ما يسمى بالمؤهلات العلمية والشكليات الأدبية وذلك لان هذه الوظيفة لها طابع إداري غالب ومن المسلم به ان الإدارة فن شأنها في ذلك شأن أي فن آخر (مثل الرسم والموسيقى والشعر.. الخ) اي انها موهبة يهبها الله لمن يشاء من عباده تنميها المعرفة وتصقلها التجربة.. ومع انعدام الموهبة الإدارية تنعدم الصلاحية.. ولقد عايشنا الكثير من حالات الفشل الإداري ورأينا أمهر الأطباء يخفق في إدارة مستشفى صغير بسبب فقدانه للموهبة الإدارية, ولا يغيب على احد ظاهرة مدير الأعمال الذي يستعين به صاحب الثروة والمال والمشاهير من المشتغلين في العديد من المجالات اقتصادية كانت او فنية.
وأولى صفات شاغل وظيفة (الرئيس) ان يكون عادلا مع مرؤوسيه.. فلا يقرب قريبا ويبعد غريبا ولا يرفع خاملا ويهمل مبدعا ولا يغدق العطايا على الكسول ويحرم المجد والمجتهد.. لان أداءه العادل يشعر العاملين معه بالاستقرار والاطمئنان على حقوقهم ويعمق لديهم الشعور بالانتماء الوظيفي للجهاز الذي ينتسبون اليه ومن ثم ينصرفون الى تنفيذ مهام وواجبات وظائفهم ويقول أحد (الخبثاء) ان من أسباب تخلفنا وتدهور أحوالنا تمسكنا بتطبيق النظرية الفلسفية التعبوية القائلة بالاعتماد على أهل الحظوة والثقة دون أهل الخبرة والمعرفة.
ورئيس العمل أكثر الأفراد عملا.. وأولهم تقيدا والتزاما بأحكام النظام وحفاظا على أوقات العمل.. حيث لا رقيب عليه سوى ضميره وخوفه من الله. والرئيس الناجح هو من يعمل على تكوين كوادر إدارية تليه في المسؤولية.. يرعاهم بالتوجيه والارشاد والتدريب فالرئاسة اولا وأخيرا ليست امتيازات تصيب صاحبها بقدر ماهي عطاء ومسؤوليات تلازم شاغلها.. والرئيس الذكي هو الذي يدافع عن مرؤوسية ويعمل على تحسين أحوالهم ورفع مستوياتهم الوظيفية.. وهذا يؤدي الى رفع معنوياتهم وينعكس بشكل ايجابي على مستوى أدائهم.. وهو أكثر الناس احتراما لهم صغيرهم وكبيرهم حتى يكسب ودهم وينعم بحبهم.
والخطأ الأكبر الذي يقترفه الرئيس (وأقصد رئيس العمل) ان يستحوذ على الامتيازات والمكافآت ويحتكر لنفسه النجاحات والانجازات وينسب لغيره الفشل والاخفاقات.. كما ان الظلم عاقبته وخيمة ومسيرته تؤوي الى نهاية أليمة..
(يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) وتذكر دائما سيدي (الرئيس) الحكمة القائلة (اذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك).
سيدي (الرئيس) خير لك ألف مرة ان تكون رئيسا محبوبا على ان تكون رئيسا مرهوبا يخافه العاملون معه في الظاهر ويلعنونه في الباطن.
السيد البنا