أخبار متعلقة
تناول الكتاب الجديد الذي صدر مؤخرا عن مكتبة العبيكان للمؤلف د. اسامة حمزة ابو غرارة بعنوان (مناخ الاستثمار الصناعي في المملكة العربية السعودية ـ المزايا والتحديثات) الدور الكبير الذي يلعبه القطاع الصناعي في دعم أركان الاقتصاد الوطني مبرزا في ذلك دور هذا القطاع في تحقيق استراتيجية الدولة نحو تحقيق التنمية الوطنية الشاملة مبينا الإنجازات الهامة والكبيرة التي تم تحقيقها والتي جاءت أيضا جراء توافر العديد من المقومات من قبل الدولة.
وركز الكتاب على استعراض جميع خطط التنمية التي تم تنفيذها بدءا من عام 1973م وعلى ما حققته من أهداف ومنجزات والتي كانت تنصب في مجملها على تقليل اعتماد الاقتصاد الوطني على انتاج وتصدير النفط كمصدر رئيسي للدخل الوطني وكذلك تنويع قاعدة الاقتصاد السعودي بالتركيز على تطوير القطاعات الصناعية والزراعية والخدمات والعمل على زيادة مساهمتها في الناتج المحلي الاجمالي للمملكة.
واستعرض الكاتب في فصل آخر دور ومساهمة الصناعات الاستخراجية في الناتج المحلي الاجمالي للمملكة والتي سنسلط الضوء عليها فيما يلي:
مساهمة الصناعات الاستخراجية في الناتج المحلي الاجمالي للمملكة:
لم تزد نسبة مساهمة الصناعات الاستخراجية في النتاج المحلي الاجمالي في بداية السبعينيات عن 46.6% فقط, ولكن بعد ارتفاع اسعار النفط عام 1974م ارتفعت هذه النسبة لتصل الى 77.1% وهي أعلى نسبة وصلتها هذه الصناعات خلال العقود الثلاثة الماضية،
وبعد ان أخذت المملكة بسياسة تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على مصدر واحد للدخل, مع تقليل الاعتماد على النفط كسلعة رئيسية للاقتصاد الوطني, بدأت خطط التنمية الاقتصادية في التركيز على تنمية وتطوير القطاعات الاقتصادية الأخرى من جهة, وكذلك تطوير قطاع الصناعات التحويلية من جهة أخرى، وقد أثمرت هذه الجهود انخفاض نسبة مساهمة الصناعات الاستخراجية في الناتج المحلي الاجمالي عام 1979 الى 57.9% فقط،
اما في عقد الثمانينيات فقد انخفضت هذه النسبة الى أدنى مستوياتها وذلك بسبب انخفاض أسعار النفط في تلك الفترة, حيث وصلت نسبة مساهمة تلك الصناعات الى 22% فقط, هذا بالرغم من ثبات نسبة مساهمة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي خلال تلك الفترة اذ لم تتجاوز 8،8%،
ويشير الكاتب الى انه في عقد التسعينيات شهد قطاع الصناعات الاستخراجية ارتفاعا في نسبة مساهمته في الناتج المحلي, باستثناء عام 1998م الذي شهد تراجعا حادا في تلك النسبة حيث بلغت 27.5% فقط، وبالطبع فان هذا الارتفاع يعود في المقام الأول الى ارتفاع أسعار النفط خلال تلك الفترة ما عدا عام 1998 والذي شهد انخفاضا في تلك الأسعار, هذا بالرغم من ثبات نسبة مساهمة قطاع الصناعات التحويلية التي تراوحت بين 9% ـ10% من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي،
اما عام 2000م فقد شهد ارتفاعا حادا عن العام السابق, حيث بلغت مساهمة هذا القطاع حوالي 42.1% أي بزيادة حوالي 10% عن العام السابق، ويعود هذا الارتفاع الى بدء استغلال حقول الغاز السعودية تجاريا بالاضافة الى ارتفاع اسعار النفط،
ويتركز نشاط قطاع الصناعات الاستخراجية على انتاج النفط الخام والغاز الطبيعي بصورة عامة, وبعض النشاطات المعدنية, وفيما يلي نبذة موجزة عن انتاج هذه الأنواع الثلاثة،
أولا: انتاج النفط الخام
ويعتبر هذا النشاط أهم مورد اقتصادي في المملكة تستخدمه الدولة للانفاق على مشروعاتها التنموية والخدمية, ويقوم بإدارة هذا النشاط شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية) وهي الجهة الأساسية لانتاج وتسويق وتوزيع وتكرير نفط المملكة العربية السعودية، وقد تزايد انتاج النقط الخام خلال العقود الثلاثة الماضية, فبينما كان هذا الانتاج حوالي 3،8 مليون برميل يوميا عام 1390هـ، ارتفع الى 8،5 مليون برميل يوميا عام 1420هـ, مع التذبذب في الانتاج خلال الفترة المذكورة وذلك حسب تذبذب أسعار النقط في الأسواق العالمية، كذلك تزايدت احتياطيات هذا المورد خلال الفترة السابقة, فبينما كان احتياطي المؤكد من النفط عام 1390هـ حوالي 138.7 مليون برميل, زادت هذه الاحتياطيات حتى وصلت الى 26.8 بليون برميل عام 1419هـ, بالرغم من كمية الانتاج الهائلة التي حدثت خلال العقود الثلاثة الماضية, وذلك لان العمليات المكتشفة الجديدة تفوق بكثير معدلات الانتاج،
ثانيا: انتاج الغاز الطبيعي وهو النشاط الآخر للصناعات الاستخراجية في المملكة وقد زاد انتاج الغاز المصاحب للنفط من 20.6 بليون متر مكعب عام 1390هـ، الى 50.6 بليون متر مكعب عام 1417هـ، وهذا النشاط يتزايد تبعا لتزايد وتناقص انتاج النفط لانه مصاحب له، وقد استطاعت المملكة الاستفادة من هذا المورد باستخدامه (كلقيم) لتصنيع الفولاذ والألومنيوم واللدائن البلاستيكية والأسمدة بعد ان كان في السابق يذهب هدرا بحرقه في الجو،
ثالثا: انتاج الثروات المعدنية
تملك المملكة العربية السعودية احتياطيات من المعادن الفلزية واللافلزية, ويجري استكشاف المزيد منها بما في ذلك الذهب والفوسفات والحديد والزنك, وتشير التقديرات الى ان المملكة لديها من احتياطيات خام الحديد حوالي 2.62 مليار طن, ومن خام الزنك ثلاثة آلاف طن, ومن خام الرصاص 18 ألف طن, ومن خام النحاس ألف طن، كذلك قدر الاحتياطي لمنجم فوسفات الجلاميد الذي اكتشف مؤخرا بنحو 213 مليون طن،
ومن المتوقع ان يشهد قطاع الصناعات الاستخراجية تطورا متزايدا خاصة بعد انشاء المجلس الاقتصادي الأعلى في 28 اغسطس عام 1999م، وهو المجلس الذي يختص ببلورة السياسات الاقتصادية للدولة ومتابعة تنفيذها, وكذلك انشاء المجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن في يناير عام 2000م الذي يختص بالبت في كافة شؤون النفط والغاز والمواد الهيدروكربونية الأخرى, وقام هذا المجلس بعد حوالي شهرين من تأسيسه وبناء على مبادرة من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد بدعوة شركات النفط العالمية الراغبة في الاستثمار في مجال الغاز ومجالات ما بعد الانتاج من تكرير ونقل وتوزيع, للاستثمار في هذا القطاع بهدف تعزيز قوة ومتانة الاقتصاد الوطني من خلال توفير المزيد من الغاز للاستفادة منه كوقود وكلقيم، وقد جاء تجاوب الشركات العالمية مع هذه المبادرة ليؤكد بوضوح ان هذه الشركات تعي جيدا مكانة المملكة العربية السعودية وانها تعتبر من أهم الدول الجاذبة للاستثمار وذلك لعدة أسباب أهمها:
@ تمتلك المملكة حوالي 26% من إجمالي احتياطات العالم من النفط،
@ تعتبر المملكة من أكبر دول العالم من حيث انتاج النفط حيث بلغ حجم انتاجها لعام 1420هـ 8.5 مليون برميل يوميا،
@ تمتلك المملكة ما يقارب من 5% من حجم صناعة البتروكيماويات في العالم،
@ تعتبر المملكة رابع دولة في العالم من حيث احتياطي الغاز، ولا شك في ان دعوة هذه الشركات للاستثمار في المملكة ستكون لها نتائج ايجابية سوف تنعكس على صناعة الغاز في المملكة العربية السعودية حيث من المتوقع ان تؤدي هذه الخطوة الى التكامل بين الصناعات حيث سيتم توفير الغاز كلقيم للصناعات البتروكيماوية وبكميات كبيرة وكوقود لمحطات انتاج الطاقة الكهربائية وتحلية مياه البحر المالحة اضافة الى الاستفادة المتوقعة من التقنيات العالمية والمتقدمة التي تمتلكها الشركات العالمية مما سيؤدي الى تحقيق نتائج ايجابية لقطاع الصناعة في المملكة العربية السعودية وتحقيق قيمة مضافة عالية ينعكس اثرها على الاقتصاد الوطني،
ولا شك في ان هناك ثلاث حقائق وراء قبول شركات البترول العالمية الاستثمار في مجال الغاز في المملكة وهذه الحقائق هي:
1ـ ان تطوير قطاعات الغاز والكهرباء وتحلية المياه والصناعات البترولية في المملكة العربية السعودية يتطلب استثمارات تصل الى 200 بليون ريال خلال السنوات الخمس والعشرين القادمة،
2ـ ان نمو امداد الغاز القائم, قد لا يواكب النمو المتوقع في قطاعي الصناعة والخدمات, مما يحد من نمو هذه القطاعات, ويؤثر على أداء ونمو الاقتصاد الوطني بوجه عام, ويخل بمستوى الخدمات, خصوصا في قطاعي الكهرباء والمياه، ومن ثم فهناك حاجة ملحة لتوفير الغاز بكميات اقتصادية مستقرة, تفي بحاجات قطاع الخدمات, وتكفل قيام صناعة وطنية تنافسية،
3ـ ان العروض التي تقدمت بها الشركات العالمية للطاقة تحتوي على استثمارات ضخمة في قطاع استكشاف الغاز وانتاجه ومعالجته، وفي قطاعات الصناعة والكهرباء والتحلية وهذه العروض تحتوي على آلية تمويل ذاتية من قبل الشركات نفسها دون ان تترتب على المملكة أعباء مالية،
لا شك في ان الاستثمارات الضخمة في قطاع الغاز ستمكن من إحداث تغييرات ايجابية في كافة قطاعات الاقتصاد الوطني, من خلال الاستثمارات غير المباشرة الناتجة عن تطوير قطاع الغاز, حيث اظهرت تجارب الدول الصناعية ان كل دولار يتم استثماره في قطاع الغاز ينتج عنه استثمار من خمسة الى ثمانية دولارات اضافية في قطاعات الاقتصاد الأخرى, واذا علمنا ان المملكة تملك من احتياطيات الغاز حوالي 6000 مليار متر مكعب منها 4000 مليار متر مكعب في حقول مشتركة مع النفط, وحوالي 2000 مليار متر مكعب من الغاز في حقول مستقلة, فسيتبين لنا ان المملكة مقبلة على ثورة صناعية شاملة, حيث ستتم الاستفادة من مشروعات الغاز في زيادة توليد الطاقة الكهربائية وذلك بتحويل المعامل الحرارية ومنشآت تحلية المياه التي تعمل حاليا بالمازوت, لكي تعمل بالغاز, مما سيعمل على زيادة كفاءة عمل هذه المنشآت بالاضافة الى استخدام الغاز (كلقيم) في عدد من الصناعات السابق ذكرها, مما يعزز كذلك من القاعدة الصناعية للمملكة،
أما بالنسبة لقطاع النفط الخام, فمن المتوقع ان يشهد هو الآخر تطورات جوهرية في المستقبل, خاصة ان المملكة تمتلك ربع الاحتياطي العالمي من النفط الخام, حيث تقدر احتياطات المملكة من هذا المورد الناضب حوالي 261 مليار برميل،
والجدير بالملاحظة ان مجال انتاج الشركات الأجنبية التي ستقوم بتطوير قطاع الغاز في المملكة يتحدد فيما بعد مرحلة الانتاج, حيث لم يسمح الاتفاق الموقع بين هذه الشركات وحكومة المملكة لها بالاستثمار في المناطق التي ينتج فيها الغاز غير المصاحب للنفط, اذ ستستمر شركة أرامكو في انتاج الغاز وتطوير وإدارة حقوله وسيكون مجال عمل الشركات الاجنبية للاستثمار في مراحل ما بعد الانتاج في هذه المناطق، اما المناطق التي اكتشف فيها الغاز ولكن لم يتم انتاجه بعد، فإن المجال سيكون مفتوحا أمام هذه الشركات للاستثمار في تطوير وانتاج الغاز في تلك المناطق, اضافة الى مراحل ما بعد عملية الانتاج, اما المناطق التي لم يكتشف فيها الغاز بعد فانه سيكون بامكان هذه الشركات الاستثمار في عملية الاستكشاف والتطوير والانتاج بالاضافة الى عمليات ما بعد الانتاج،
كذلك سوف يشهد قطاع التعدين في المملكة مزيدا من التطور خلال الفترة القادمة, خاصة ان المملكة تملك احتياجيات هائلة من خامات النحاس والفوسفات والذهب والحديد،، الخ، ومن المتوقع ان تساهم خامات المعادن الصناعية المكتشفة في تنمية قطاع التعدين والقطاع الصناعي بشكل أكبر خلال السنوات القادمة ـ ان شاء الله ـ ويعود ذلك الى عدة عوامل أهمها:
بدء انتاج المشروعات الصناعية المعتمدة في انتاجها على المعادن الصناعية, مثل: مصنع الأسمنت الأبيض توسعة مصنع شركة الخزف السعودية, مشروع انتاج الجبس, مشروع انتاج الخزف, مشروع انتاج البنتونيت, مشروع طحن رمال السيليكا, مشروع انتاج حبيبات الصودا, مشروع انتاج الدولوميت, مشروع انتاج الرخام والجرانيت, مشروع توسعة مصانع شركة الجبس الأهلية, مشروع توسعة مصانع شركة الزجاج العربي السعودي, ومشروع انتاج الحراريات،، الخ،
اتجاه بعض الصناعات المحلية القائمة والمعتمدة على خامات المعادن الصناعية المستوردة او احد منتجاتها الى احلال الخامات المحلية محل المستوردة، مشروعات المعادن الصناعية التي طرحت في شكل صناعات بهدف تنمية القطاع الصناعي في المملكة وتشمل المشروعات التالية: الطين الأحمر, والكاولين, والطين الكاولين والبازلت, والدولوميت, والحجر الجيري النقي, واحجار الزينة وكسر الرخام الأبيض, ورمل السيليكا, هذا بالاضافة الى مشروعات الفوسفات والبوكسايت والمغنيزايت،
وبصورة عامة يمكن القول ان قطاع الصناعات الاستخراجية سوف يشهد مزيدا من التطور والتوسع في السنوات المقبلة, وذلك بفضل السياسة الصناعية التي تسير عليها المملكة, وبفضل الحوافز وتهيئة مناخ الاستثمار للمستثمرين سواء المواطنين او الأجانب, للقيام بمشروعاتهم الانتاجية مما يحقق هدف المملكة في توسعة وتنويع مصادر الدخل الوطني، مساهمة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الاجمالي للمملكة:
ويشير الكتاب الى ان الصناعات التحويلية هي الصناعات التي تقوم بعمل تغييرات جوهرية في هيئة وخواص المنتجات ذات الأصل الطبيعي او الأصل التركيبي، وتهيئتها للاستخدام النهائي (سواء كان انتاجيا او استهلاكيا) لاشباع الحاجات الاقتصادية, وذكرنا كذلك أهمية هذه الصناعة حيث انها تلعب دور المحرك او القاطرة للاقتصاد الوطني, وذلك بتنويع هيكل الانتاج وتنمية الصادرات والإسراع بمعدلات النمو في الناتج القومي وفي توفير فرص العمل للاعداد المتزايدة من السكان،، إلخ، ان نصيب الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الاجمالي للمملكة لم يتجاوز 10% وهي نسبة ضئيلة بالمقارنة مع الدول الصناعية, ويلاحظ ان نسبة مساهمة الصناعة التحويلية في الناتج المحلي الاجمالي لم تتغير كثيرا خلال العقود الثلاثة الماضية, حيث لم تزد هذه النسبة على 5.2% في عقد السبعينيات, ثم حوالي 8،8% في فترة الثمانينيات وحتى منتصف التسعينيات، ثم ارتفعت هذه النسبة الى 9% عام 1996م الى ان وصلت هذه النسبة الى 9.2% عام 2000م،
ونلاحظ ايضا ان هيكل الصناعة التحويلية في المملكة يتكون من ثلاثة أنشطة صناعية وهي: (صناعة تكرير النفط, صناعة البتروكيماويات، صناعات تحويلية أخرى)، ومن المملكة يمكن ملاحظة اختلاف نسب مساهمة أنشطة الصناعة التحويلية فيما بينها, وكذلك خلال سنوات العقود الثلاثة الماضية, وفيما يلي شرح موجز لمساهمة كل نشاط في اجمالي ناتج الصناعة التحويلية،
أولا: مساهمة صناعة تكرير النفط في اجمالي ناتج الصناعات التحويلية:
لا شك في ان خيار المملكة الاستراتيجي المتمثل في تصنيع ثروتها المحلية يهدف أساسا الى توفير الخامات والمنتجات التي تحتاج اليها القطاعات الاقتصادية المختلفة, وذلك بهدف تنمية هذه القطاعات بصورة متوازنة, وربطها مع بعضها البعض, بحيث ينمو الاقتصاد السعودي بكافة قطاعاته معا بصورة متوازنة،
ومن هذا المنطلق اهتمت المملكة بصناعة تكرير النفط, فقد اوكلت مهمة انتاج وتسويق وتوزيع وتكرير نفط المملكة الى شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية) حيث لم تعد المملكة تبيع كل انتاجها من النفط في شكل نفط خام, وانما اصبحت تكرر جزءا منه في مصافيها وتبيعه في الداخل والخارج،
وهناك 8 مصاف للنفط في المملكة تقوم بتكرير حوالي مليون وسبعمائة الف برميل يوميا حسب احصاءات عام 1998 تشكل حوالي 30 من مجمل تكرير النفط في الدول العربية،
وقد توزع انتاج النفط المكرر في المملكة حسب احصاءات عام 1998م بين زيت الديزل 32.5% وزيت الوقود 28.2% والبنزين والنافتا 25.6% وما تبقى من النسبة يعود الى الكيروسين وغاز النفط السائل،
اما بالنسبة لطاقة الاستهلاك المحلي من المنتجات النفطية المكررة فقد دلت مؤشرات العام نفسه 1998م على ان نسبة الاستهلاك المحلي من زيوت الوقود الصناعية بلغت 79% ومن البنزين بنسبة 14.5%, ومن وقود الطائرات وغيره من منتجات النفط المكررة بنسبة 6.5% ويلاحظ ان الاستهلاك المحلي من زيوت الوقود الصناعية يفوق غيره من الاستخدامات الأخرى لمنتجات النفط المكررة مما يدل على سرعة تطور وتزايد الصناعات في المملكة، ونجد ان هناك تذبذبا في نسبة مساهمة صناعة تكرير النقط في ناتج الصناعات التحويلية فبينما كانت هذه النسبة في عام 1974م هي 81.7% بدأت تتراجع في أعوام الثمانينيات حتى وصلت الى نسبة 37.7% عام 1989م, ثم بدأت في الزيادة خلال الأعوام التالية حتى وصلت الى نسبة 40.2% من اجمالي ناتج الصناعات التحويلية, ولكن بعد ذلك العام بدأت في التراجع, ويعود هذا التراجع الى زيادة نسبة مساهمة الصناعات التحويلية الأخرى من 41.3% ام 1997م الى 51.1% عام 2000م أي بنسبة زيادة تقدر بحوالي 10%،
لا شك في ان مساهمة صناعة تكرير النفط, التي تبلغ الآن حوالي ثلث انتاج الصناعات التحويلية ليس فقط فيما تقدمه من قيمة مضافة الى الناتج المحلي الاجمالي للمملكة, (الذي بلغ عام 2000م حوالي 22 مليار ريال) وانما فيما تحدثه من اصلاحات هيكلية في الاقتصاد السعودي، فبالرغم من اعتماد هذه الصناعة على الكثافة الرأسمالية أكثر من الكثافة العمالية, واعتمادهاعلى التقنية المتقدمة ذات الميكنة العالية, إلا انها ساهمت في توظيف وتدريب الآلاف من العمالة من المواطنين, وكذلك المئات من خريجي الجامعات والمعاهد المتوسطة في مستويات الإدارة العليا والمتوسطة, الى جانب انشائها العديد من مراكز التدريب الفني في مواقع الانتاج وفي المراكز الإدارية كل ذلك ساعد على زيادة الكفاءة الانتاجية للعمالة الوطنية،
ثانيا: مساهمة الصناعات البتروكيماوية في الناتج المحلي للصناعات التحويلية
شهدت بداية السبعينيات الميلادية تحولات تاريخية هادفة اثرت على صناعة البتروكيماويات في العالم تأثيرا بالغا حيث حدث ارتفاع حاد في اسعار المنتجات البتروكيماوية وانعكس ذلك مباشرة على هيكل تكاليف الانتاج ومن ثم أسعار المنتجات البتروكيماوية، وعلى ضوء ذلك وخلال تنفيذ خطة التنمية الخمسية الأولى وهي النواة التي شهدت الاعداد لخطة التنمية الخمسية الثانية, اكتملت جميع الدراسات الفنية والاقتصادية لانشاء مشروعات الصناعات الأساسية البتروكيماوية والمعدنية وذلك في اطار خطة التنمية الصناعية والاقتصادية الشاملة, وارتكزت برامج الصناعات الأساسية على ثلاث دعامات رئيسية تتمثل في:
1ـ بناء وتشكيل شبكة لتجميع الغاز المرافق لانتاج البترول والاستفادة منه كلقيم للصناعات البتروكيماوية،
2ـ انشاء مدن صناعية حديثة تتوافر فيها قاعدة متكاملة من البنية الأساسية وشبكاتها بحيث تسمح بقيام منشآت في صناعات متطورة وذات تقنية عالية،
3ـ تأسيس شركة يوكل اليها مهمة وضع خطط انشاء صناعات قادرة على المنافسة العالمية وتشغيل مجمعات صناعية كبيرة واقامة استثمارات ومشاريع ضمن شركات تابعة،
وكان ذلك ايذانا بميلاد الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) والتي انشئت بموجب المرسوم الملكي رقـم م/66 وتاريخ 1396/6/13هـ وعهد اليها إنشاء الصناعات التي تستثمر الثروات الهايدروكربونية والمعدنية وتسويق منتجاتها كما تم انشاء المدينة الصناعية في كل من: الجبيل وينبع، وقد تجلت استراتيجيات شركة سابك الانتاجية في عدد من المحاور أهمها:
ـ بناء طاقات واسعة للاستفادة من الثروات الطبيعية واستغلال الميزات النسبية التي تتمتع بها المملكة وانتاج سلع بتروكيماوية أساسية مثل: البتروكيماويات واللدائن والحديد والأسمدة والغازات الصناعية وغيرها،
ـ بناء مصانع ذات كثافة رأسمالية عالية ليس لتعويض الشح في توفر الأيدي العاملة الوطنية المتخصصة (والتي كانت نادرة في ذلك الحين)، ولكن للارتباط الوثيق بين الكثافة الرأسمالية للمصانع وارتفاع مستوى التقدم التقني لتلك المصانع،
ـ ملاءمة هذه التقنية لموارد المملكة المتاحة،
ـ قدرة التقنية على المنافسة وقابليتها للتطوير وقدرة مالك التقنية على البحث والتطوير،
ـ سهولة التشغيل وأعمال الصيانة المرتبطة بالتقنية المرخصة،
ـ استعداد مرخص التقنية لمشاركة سابك في ملكية التقنية بناء على ما تبذله سابك من جهود في البحث والتطوير،
ومع بداية الثمانينيات بدأت شركة سابك في تسويق منتجاتها من البتروكيماويات وارتفعت مبيعات الشركة لتصل عام 1984م حوالي 540 مليون ريال واستفادت الصناعات التحويلية وخصوصا الصناعات البلاستيكية من منتجات سابك في تصنيع منتجات نهائية عززت سوق هذه المنتجات في السوق المحلي وارتفعت صادراتها للأسواق الخارجية مما رفع من القيمة المضافة لهذه المنتجات،
وقد بلغ اسهام صناعة البتروكيماويات في ناتج الصناعات التحويلية عام 1988م الى 19.2% بقيمة مضافة تبلغ 4690 مليون ريال إلا ان الفترة من 1989ـ1994م شهدت انخفاضا في اسهام هذه الصناعة نظرا للأزمة الاقتصادية التي سادت اسواق الدول الصناعية ودول جنوب شرق آسيا،
وخلال الفترة من 1995ـ1997م عاود هذا القطاع نشاطه وازدادت القيمة المضافة له حتى بلغت حوالي 10 آلاف مليون ريال عام 1995م أي بنسبة 23.3% من اجمالي القيمة المضافة في قطاع الصناعات التحويلية، منذ عام 1998م نتيجة للانخفاض الحاد في أسعار المنتجات البتروكيماوية بسبب تأثيرات الأزمة الاقتصادية في جنوب شرق آسيا واليابان وتدهور الاقتصاد الروسي واقتصاديات عدد من دول أمريكا اللاتينية حيث بلغت القيمة المضافة لهذا القطاع حوالي 7 آلاف مليون ريال عام 2000م أي بنسبة 12.1% من اجمالي ناتج الصناعات التحويلية،
وبالرغم من هذه التطورات, فمازالت المملكة مستمرة في توسعة طاقاتها الانتاجية من المنتجات البتروكيماوية في ضوء التوقعات المستقبلية التي تشير الى استمرار نمو الطلب العالمي عليها، وبينما تبلغ حصة المملكة في الوقت الحاضر من المنتجات البتروكيماوية حوالي 5% من اجمالي الانتاج العالمي للبتروكيماويات، إلا ان التوسعات الجديدة في طاقات الانتاج سوف تزيد هذه النسبة ومن المتوقع ان تنمو هذه التوسعات بمعدل سنوي مقداره 5.6% وهي نسبة عالية مقارنة بالمقاييس العالمية، وبينما بلغ انتاج المملكة عام 2000م حوالي 10 ملايين طن, فانه من المتوقع ان يتم اضافة 5،5 مليون طن خلال الفترة 2000ـ2005م وسيكون النمو الأكبر في الطاقات المنتجة للبروبيلين والعطريات (البنزين والتولوين والبارازيلين) حيث من المتوقع ان يبلغ معدل نمو كل منها حوالي 21.8% للبروبيلين, و15% للعطريات،
لا شك في ان الصناعات البتروكيماوية اتي تمثل حجر الزاوية في استراتيجية تنويع مصادر الدخل, قد استفادت من اقتصاديات ووفورات الحجم التي تتميز بها هذه الصناعة مما ساعد على وجود الميزة التنافسية للمنتجات البتروكيماوية السعودية في الأسواق، وكما هو الحال بالنسبة لصناعة تكرير النفط, وبالرغم من ان صناعة المنتجات البتروكيماوية ساهمت بنسبة حوالي 12% في القيمة المضافة في ناتج الصناعات التحويلية التي بلغت عام 2000م أكثر من سبعة مليارات ريال, إلا ان هذه الصناعة بالرغم من اعتمادها على الكثافة الرأسمالية أكثر من الكثافة العمالية, واعتمادها على التقنية المتقدمة ذات الميكنة العالية, إلا انها هي الأخرى ساهمت في توظيف وتدريب الآلاف من العمال والموظفين والمهندسين والإداريين من أبناء المملكة, بالاضافة الى انشائها العديد من مراكز التدريب الفني والإداري مما ساعد على زيادة الكفاءة الإدارية والمهنية للعمال والموظفين السعوديين.
غلاف الكتاب