على ضوء التطورات الخاصة بعولمة الاقتصاد وتحرير التجارة العالمية وما ينجم عنها من تحديات كثيرة فان ابرز استجابة ممكنة من قبل دول مجلس التعاون الخليجي لهذه التحديات تكمن في اتخاذ مزيد من الخطوات لتعزيز تكتلها وتعاونها الاقتصادي. فلقد لاحظنا ان العديد من التكتلات الاقتصادية الاخرى - سواء كدول
او كمجموعة - باتت تتصرف في علاقاتها الدولية على اساس انتمائها للتكتل.
كما لاحظنا ايضا ان الدول الاوروبية تعلل عدم اقدامها على عقد اتفاقية التبادل التجاري الحر مع دول المجلس لكون هذه الدول لا تتمتع بسياسة موحدة في تعرفتها الجمركية كما يتمتع الاتحاد الاوروبي.
والى حين تتبنى دول المجلس لسياسة واحدة في هذا المجال فإن الاتحاد الاوروبي لن ينظر بالجدية اللازمة لعقد هذه الاتفاقية.
ان خارطة العلاقات الاقتصادية الراهنة بين دول المجلس والاتحاد الاوروبي تعتبر نموذجا للاختلالات الموجودة في علاقات دول المجلس مع بقية التكتلات العالمية والتي تفرض عليها اتخاذ خطوات حثيثة نحو تكتيل وتوحيد جهودها.
فنحن لا ننكر اهمية الاسراع في اقرار مشروع التعرفة الجمركية الموحدة بين دول مجلس التعاون، الا ان ذلك لا يبرر استمرار فرض قيود جمركية مجحفة على الصادرات النفطية والبتروكيماوية الخليجية في الوقت الحاضر، بل ان دول اوروبا تقوم في الوقت الحاضر باعطاء العديد من الدول أفرادا ومجموعات معاملات جمركية تفضيلية ، وهذه الدول لا تمتلك نفس حجم المعاملات التجارية مع اوروبا.
كما نلاحظ ايضا انه بالرغم من ان اجمالي عدد سكان دول مجلس التعاون الخليجي يبلغ 21 مليون نسمة، الا انها تعد خامس اكبر سوق لصادرات الاتحاد الاوروبي ، متفوقة في ذلك على الصين ودول اتحاد الكومنولث المستقلة ومجلس التعاون الخليجي هو الوحيد الذي يوفر للاتحاد الاوروبي فائضا تجاريا ثابتا. حيث بلغ حجم التجارة بين الجانبين 35 مليار ايكو (العملة الاوروبية) في 97 وبلغت صادرات الاتحاد الاوروبي لدول مجلس التعاون 23 مليار ايكو فيما بلغ الميزان التجاري لصالح اوروبا 12 بليون ايكو.ويشكل البترول 70% من نسبة واردات الاتحاد الاوروبي من دول مجلس التعاون الخليجي.ومما يزيد من اهمية دول الخليج كمصدر للنفط بالنسبة لاوروبا هو ان النفط مازال يمثل اهم مكونات استهلاك دول الاتحاد الاوروبي من الطاقة وهي 45%.
وكانت دول مجلس التعاون الخليجي هي المصدر الهام الوحيد لواردات الاتحاد الاوروبي من الطاقة البالغة 23% من اجمالي وارداتها عام 97، كما ان اعتماد دول الاتحاد الاوروبي على الطاقة الخارجية من المقرر ان يزيد بنسبة تتراوح بين 50 الى 60 حتى سنة 2010 وحتى ذلك الحين سيكون النفط والغاز من اهم مصادر الطاقة. هذا اضافة الى ان دول مجلس التعاون الخليجي لديها اكبر احتياطي من النفط على مستوى العالم وهو 47% فضلا عن امتلاكها 5ر14% من احتياطيات الغاز الطبيعي العالمي. اما بالنسبة لضريبة الكربون ، فقد سبق للمفوضية الأوروبية في بروكسل ان اعلنت عن الانتهاء من وضع اللمسات الاخيرة على مشروع الضرائب على المحروقات والذي وصف بأنه البديل عن مشروع ضريبة الكربون الذي وضع عام 92 ولم ينفذ لمعارضة بعض الدول الأوروبية له وكذلك دول الخليج، وتسبب في تعطيل مشروعات التعاون المشتركة الاوروبية الخليجية لفترة طويلة.