من يتابع تعامل السياسة الاسرائيلية مع مختلف مشروعات ومبادرات السلام سواء صدرت من الولايات المتحدة او دول الاتحاد الاوروبي او الدول العربية سوف يدرك دون مشقة او عناء انه تعامل يقوم على الرفض جملة وتفصيلا لكل اطروحة لا تتوافق مع اهواء وأمزجة قادة اسرائيل القائمة على املاء الشروط والتمسك بأحلام توسعية قديمة لقيام الدولة العبرية التي لا تحدها حدود ولا سدود، وتلك السياسة العدوانية تظهر الان من جديد اثناء تعامل شارون مع مشروع (خريطة الطريق) حيث يحاول تحميل الفلسطينيين مسؤولية تمييع الخريطة رغم انهم السباقون للدعوة الى وضع نصوصها موضع التنفيذ الفوري لا التفاوض، فالقيادة الفلسطينية تدرك يقينا ان تلك الخريطة ان دخلت الى دائرة التفاوض كما تنادي بذلك اسرائيل فانها ستكون كسابقاتها من المبادرات السلمية التي اجهضت قبل ولادتها، غير ان ساسة اسرائيل سوف يقعون هذه المرة في خطأ تقدير حساباتهم ذلك ان مشروع الخريطة تبنى مبادىء توازي الخطوات والاجراءات وماهو مطلوب من الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي تحديدا وطرح بوضوح الهدف الاساسي منه وهو اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ولهذا فان المشروع قطع على اسرائيل فرصة الخوض في مفاوضات عقيمة لا تخضع لاي مبدأ او هدف او جدول زمني، كما ان المشروع الجديد خضع هذه المرة للتدويل بمعنى ان مشاركة الاتحاد الاوروبي وروسيا والامم المتحدة تحت مظلة مراقبة دولية لانفاذ نصوص الخريطة حال دون تفرد الولايات المتحدة برعاية انفاذ المشروع وفوت على اسرائيل فرص التملص من تطبيق محتويات الخريطة غير ان مراوغات اسرائيل المعهودة تقتضي من القيادة الفلسطينية اتخاذ جانب الحذر فقد يلعب شارون بورقة الازمة العراقية بحجة ان غياب ادوار الاتحاد الاوروبي وروسيا والامم المتحدة عن تلك الازمة بعدم موافقتها الدخول في الحرب الخليجية الثالثة قد يستدعي استبعاد تلك الاطراف من تسوية محتملة للازمة الفلسطينية، كما ان شارون قد يلعب بورقة اخرى قد تكون رابحة بانجاز صفقة لربط دعم اليهود لبوش الابن في الانتخابات الرئاسية الامريكية المقبلة بمصالح اسرائيل في التسوية التي تضمنتها نصوص خريطة الطريق.