اعادت الحرب في العراق الى الواجهة قضية الدم الملوث في الثمانينات وهي احدى اكبر الفضائح في تاريخ الطب في فرنسا حيث ادى نقل كميات من الدم من فرنسا الى العراق الى اصابة العديد من العراقيين بالايدز حسب ما أكد اطباء عراقيون في بغداد.
وكانت حكومة بغداد اتهمت عام 2000 المختبر الفرنسي "ميريو" الذي اصبح اسمه اليوم "افنتي-باستور" بانه صدر دما ملوثا الى العراق، وطالبت باكثر من ثلاثين مليون دولار كتعويضات عطل وضرر لعائلات الضحايا. ولا يزال الوسط الطبي في بغداد يتذكر هذه المسألة تماما. ففي مقرات المركز الوحيد للوقاية من الايدز يؤكد الطبيب صبحان محمد ان 500 قارورة من العنصر اف-8 تم استيرادها من فرنسا عام 1986. والعنصر اف ـ 8 هو دواء مشتق من الدم الهدف منه معالجة النزيف. وقال هذا الطبيب "لقد اكتشفنا خلال الحرب (ضد ايران بين عامي1980 و1988) ان هذه العناصر ملوثة وتوقفنا عن استخدامها الا ان اطفالا عديدين كانوا حقنوا بها. واضاف: لقد احصينا180 حالة عدوى بسبب هذه العناصر الا ان هذه الارقام رسمية ويمكن ان يكون الرقم الفعلي اكثر من ذلك بكثير.
ويعرض الطبيب لائحة مختومة من وزارة الصحة العراقية تتضمن اسماء المصابين ال180وتشرح بالتفاصيل تواريخ ارسال كميات الدم الملوث الى العراق طيلة خمس سنوات.وتشيرالوثيقة الى "مختبر ميريو".ويضيف الطبيب ان "الضحية الاولى للدم الفرنسي الملوث كان حسن جاسم محمد وكان يومها في الخامسة والثلاثين من العمر". ويروي والد احد المصابين بالايدز بسبب الدم الفرنسي الملوث ان ابنه الذي لا يزال على قيد الحياة تلقى جرعة من عنصر اف ـ 8 بينما كان عمره احد عشر شهرا موضحا ان مصدر العنصر هو مختبر ميريو.
واعلن المختبر الفرنسي مرارا ان لا علم له حتى الان باي دليل يتيح التاكيد ان عنصر اف ـ 8 الذي وضعه في السوق قد تسبب باي حالة عدوى.
وكانت اخر دفعة من عنصر اف-8 قد سلمت عام 1986وكانت تتضمن 403 قارورات. وبما انه لم يكن يسمح للمختبر باخذ دماء من فرنسا فان هذا العنصر صنع انطلاقا من بلازما امريكية اخذت من متبرعين اصحاء في مراكز معترف بها من قبل السلطات الصحية الامريكية حسب ما يوضح مختبر افنتي-باستور.
وقدمت وزارة الصحة العراقية دعوى ضد مختبرات ميريو بعد نشر مقال في اسبوعية "تكريت" العراقية في اغسطس 2000 يفيد ان 123 شخصا من المصابين بالايدز اصيبوا به بسبب دم ملوث سلم عام 1986.
ويقول الطبيب كريم ندا مدير القسم الوحيد في العراق الذي يعالج مرض الايدز وحاملي هذا الفيروس ان عدد الاشخاص الذين ماتوا بسبب حقنهم بالدم الملوث يتراوح بين "500 و700". واضاف الطبيب العراقي "رغم اكتشاف فيروس الايدز واصل هذا المختبر الفرنسي تصدير الدم الملوث وهناك لجنة طبية رسمية عراقية تملك وثيقة تفيد ان الحكومة الفرنسية سمحت بتصدير عنصر اف ـ 8 الى العراق".
ويؤكد هذا الامر الاطباء الثلاثة الذين عملوا في هذا القسم بينهم الطبيب علي حسين قبل ان يغادروه اثر دخول القوات الامريكية بغداد في التاسع من الشهر الماضي. وقال الطبيب ندا متهما ان الحكومة الفرنسية كانت على علم بالامر ولم يكن احد ليهتم بما يمكن ان يحصل نتيجة ذلك في العراق وكأن هناك ازدراء لدول العالم الثالث.
بسام (22 عاما) المصاب بفيروس الايدز يؤكد انه اصيب بالعناصر التي ارسلها مختبر ميريو ويطلب مساعدة فرنسا قائلا: كانوا يعرفون ان الدم ملوث وسبق ان اوقع ضحايا في فرنسا ومع ذلك ارسلوه الى العراق.