كما كان متوقعا فإن زيارة باول للمنطقة كانت أقرب الى الفشل منها الى النجاح فقد قام شارون كعادته برفض (خريطة الطريق) كرفضه سائر المبادرات السلمية المتلاحقة حول الأزمة الفلسطينية، وماعدا اعلان باول عن مساعدة امريكية للسلطة الفلسطينية قيمتها خمسون مليون دولار، فانه لم يتمكن عبر جولته الأخيرة التي وصفت بانها (بروتوكولية) من الضغط على اسرائيل لانفاذ مشروع (خريطة الطريق) بل اخذ الوزير الامريكي يمارس ضغطا واضحا على حكومة (ابومازن) لمحاربة التنظيمات الفلسطينية المسلحة التي وصفها بأنها (ارهابية) وهكذا خيم التشاؤم ليس على الفلسطينيين فحسب، بل على الاسرائيليين المتزنين لا المتطرفين، فقد أضاع شارون فرصة اخرى من فرص التوصل الى سلام حقيقي عبر (خريطة الطريق) واضحت هذه الخريطة اليوم في مهب الريح كغيرها من البوادر السلمية التي طالما رفضها شارون وضرب بها عرض الحائط إمعانا منه واصرارا على عدم التوصل الى سلام في المنطقة، ومواصلة التعنت والغطرسة وركوب الرأس لإضاعة الحقوق الفلسطينية والعربية المشروعة، وكعادة شارون فانه سوف يحاول الالتفاف حول الخريطة من خلال عملياته الانتقائية لبعض نصوصها ورفض البعض، والعمل على فصل عناصرها وتفكيك بنودها حتى يتم اسقاطها تماما كما سقطت بقية الخطط السلمية السابقة، ورغم اعلان باول ان الشروط مكتملة لتطبيق فوري للخريطة من الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، الا انه لم يعلن صراحة بأن اسرائيل قد وافقت على نصوص الخريطة، بل اخذ على استحياء في دعوة اسرائيل لتقديم تسهيلات للفلسطينيين دون الزامها بتلك النصوص وهو امر سلبي للغاية سوف يدخل الازمة بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي في مآزق وصعوبات جديدة، وسوف يؤدي الى اطالة امد العنف في الاراضي الفلسطينية المحتلة ويضعها على صفيح ساخن.