من المتوقع ان يبلغ الانتاج النفطي العراقي حده الاقصى على مدى الاسابيع القادمة، بسبب نقص قدرات التخزين، حيث سيتم تحديد الانتاج لان احواض التخزين في مرفأ جيهان (التركي) ممتلئة ولا توجد بنى تحتية تخزينية في جنوب العراق ولم تتم برمجة اية صادرات لشهر مايو.
وحسب ما ذكرت نشرة "ميدل ايست ايكونوميك سيرفي" (ميس) في عددها الاخير، فقد تم تسليم القسم الاكبر من الانتاج العراقي الحالي الى مصافي بيجي والبصرة والدورة التي يمكنها ان تعالج في الوقت الحاضر حوالي ستين الف برميل يوميا. وكانت القدرة الانتاجية للمصافي الثلاث قبل الحرب تبلغ 500 الف برميل يوميا.
ويعتبرمرفأ جيهان معبر صادرات المحروقات العراقية في اطار برنامج "النفط مقابل الغذاء" المطبق منذ ديسمبر 1996 بهدف تخفيف معاناة الشعب العراقي من نتائج الحظر الدولي المفروض على العراق منذ صيف 1990.
من جهة اخرى، قالت النشرة ان ثامر غضبان الذي تم تعيينه لادارة وزارة النفط العراقية ، اعتبر ان العراق سينتج 5.1 مليون برميل يوميا اذا اراد استخدام المحروقات الغازية المستخرجة في الوقت نفسه من النفط لتغذية محطاته الحرارية لتوليد الكهرباء وتصنيع غاز النفط المسيل لتلبية حاجات البلاد.
واضافت النشرة الصادرة في قبرص اذا كان الفيول والغاز المستخدم في تغذية محطات توليد الكهرباء يشكلان مشكلة له، فان العراق يحتاج خصوصا للبنزين وغاز النفط المسيل. كما ان السلطات الحالية تتوقع استيراد الوقود وغاز النفط المسيل الى ان يتمكن الانتاج الوطني من تلبية احتياجات البلاد.
وحسب النشرة فان الوزارة تبحث مع شركات خاصة في تركيا بهدف استيراد البنزين وغاز النفط المسيل باسرع وقت ممكن، موضحة ان العراق ابرم اتفاقا مع الاردن يسمح بمقايضة الفيول العراقي ببنزين اردني.
وفي الوقت الحاضر، لا يسمح انتاج النفط الخام بتغطية اكثر من 40% من الطلب على البنزين في البلاد وهذا ما ادى الى ارتفاع اسعار هذه المادة في السوق واصابة البلاد بالشلل.
وكان العراق ينتج قبل الحرب 5.2 مليون برميل من النفط الخام يوميا من بينها 500 الف برميل مخصصة للسوق الداخلية والباقي للتصدير.
مصفاة البصرة
و حسب بعض المصادر المطلعة فمن المتوقع ان تبدا مصفاة البصرة النفطية العمل بكامل طاقتها الانتاجية نهاية الشهر الجارى لترتفع طاقتها الى 140 الف برميل يوميا بعدما كانت تنتج 70 الف برميل يوميا فقط. وقالت المصادر ان الانتاج الجديد سيخصص بالكامل لسد حاجة السوق العراقي والاستهلاك المحلي من المنتجات النفطية لمدينة البصرة ومناطق الجنوب الاخرى في الوقت الذي تدرس فيه جهات بريطانية مختصة امكانية مد خطوط انابيب الى بغداد لسد جزء من النقص الحاد فى هذه المنتجات الذي تعانيه العاصمة.
وأضحت المصادر ان القرار بمد خطوط انابيب للنفط جاء لمواجهة العقبات التي تعترض عمليات توزيع البترول والنقص الواضح في شاحنات وصهاريج توزيع النفط. وأوضح مارك تيلي الضابط المسؤول عن الفريق البريطاني في المصفاة أن هناك مشاكل في التوزيع، نظرا لأن خط الأنابيب الممتد لبغداد لم يفتح مجددا بعد وعجز خط السكك الحديدية الذي يربط بين البصرة وبغداد عن نقل إمدادات الوقود. وتنتج المصفاة وقود الديزل والبنزين والكيروسين وتفي باحتياجات جنوب العراق من الوقود حيث أدى نقصه لحالة من الغضب العام. وذكر مسؤولون بريطانيون أن جميع العاملين تقريبا في المصفاة ويبلغ عددهم 2600 عراقي عادوا للعمل وجرى تدريب قوة أمن عراقية للمساعدة في حراستها.
وأوضح كيث جيمس الخبير النفطي البريطاني أن العراقيين سيستأنفون السيطرة الكاملة على المصفاة في غضون ستة أشهر. ومن المقرر أن تغادر القوات البريطانية المصفاة قريبا ليحل محلها جنود أميركيون.
من جهته أعلن رئيس مكتب الإدارة المدنية في العراق بول بريمر أنه ناقش خطة مع مسؤولي الأمم المتحدة لإنفاق بعض أموال برنامج النفط مقابل الغذاء في شراء محصول الغلال للعام الحالي من المزارعين المحليين.
جاء ذلك عقب محادثات المسؤول الأميركي مع منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق راميرو لوبيز وكبار مسؤولي الأمم المتحدة الآخرين في مقر المنظمة الدولية في بغداد. وقال لوبيز إن مجلس الأمن يعطي السلطة للأمم المتحدة في استخدام موارد النفط مقابل الغذاء للقيام بالمشتريات المحلية.
صعوبات أمام التطوير
تتكشف حقيقة واقع وآفاق قطاع النفط العراقى يوما بعد يوم لجهة الدور الذى يمكن ان يلعبه سواء فى سوق النفط العالمية أو فى اعادة تأهيل نفسه ومعه الاقتصاد العراقى، وذلك بعد تقارير اشارت الى عجز هذا القطاع حسب الايرادات التى يتوقع ان يدرها فى الفترة المقبلة حتى عن تمويل اعادة اعمار الصناعة النفطية نفسها ناهيك عن النهوض بمهمة تمويل اعادة اعمار الاقتصاد العراقى المدمر. قالت نشرة اخبار الساعة الصادرة عن مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية قي افتتاحيتها ان هذه الشكوك تعززت بشكل اكبر مع اتضاح طبيعة الاوضاع المحيطة بالصناعة النفطية العراقية والعراقيل الحالية والمستقبلية التى تجابهها فى سبيل الوقوف على قدميها، فحسب أكثر التقديرات محافظة فان العراق سيحتاج منذ الآن وعلى مدى السنوات المقبلة الى نحو يتعدى بكثير مبلغ 15 مليار دولار سنويا من الاموال التى يتوقع ان يدرها قطاع النفط على خزينة الدولة العراقية بافتراض استئناف تشغيله حسب الطاقة الانتاجية المعروفة. واشارت النشرة الى انه من غير المتوقع لعملية الاستثمار فى قطاع النفط العراقى ان تتحقق قبل مرور سنوات عديدة تتم خلالها صياغة قواعد وقوانين العلاقة بين العراق وشركات النفط العالمية وبالتالى فان غالبية التوقعات فى الوقت الحالى تميل نحو استبعاد تحقيق زيادة ملموسة فى انتاج النفط العراقى عن المستويات المسجلة التى سبقت الحرب الاخيرة وقبل مرور فترة زمنية طويلة يقدرها الخبراء بحدود خمس سنوات تقريبا.
واكدت النشرة فى ختام افتتاحيتها ان الصعوبات التى يواجهها قطاع النفط العراقى تلقى مزيدا من الاضواء على طبيعة الدور الذى يمكن ان يلعبه فى الاسواق العالمية بعد التوقعات المبالغ فيها والتى رسمت صورة زاهية لسوق النفط تتسم بتدفق كميات هائلة من الخام نتيجة امكانية استغلال افضل لثانى أكبر ثروة فى العالم كما تعني أن اعادة اعمار العراق ستكون رهنا بتدفق المعونات الاجنبية.
وفي سياق ذي صلة اعتبر المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية أن واشنطن تشجع خصخصة قطاع النفط العراقي ، حيث وذكر المعهد في تقريره السنوي عن شؤون العالم أن خطة اليمين المحافظ الجديد في أميركا من شأنها إعادة رسم خارطة العراق في أعقاب الحملة العسكرية الأميركية ليتحول إلى اقتصاديات السوق مع تقوية زيادة إنتاج النفط العراقي لتقويض هيمنة منتجي نفط آخرين وجعل منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك أقل أهمية. من جانب آخر اوضحت المصادر ان الولايات المتحدة تهدف حاليا لاستئناف العمل في مصافي العراق الرئيسية في العراق لتوفير حاجة السوق المحلي والتصدير الخارجي واستخدام عوائد النفط في عمليات اعادة اعمار العراق الذي انهكته سنوات الحروب الطويلة. في الوقت نفسه تراجعت تقديرات الخبراء العراقيين بكمية انتاج النفط العراقي لتصل الطاقة القصوى الى ثلث معدلات ما قبل الحرب بسبب الاضرار التي لحقت بتلك الصناعة جراء اهمال النظام العراقي لاعمال الصيانة والترميم الدوري لها. وتشير بعض التوقعات الأولية الى تمكن المصافى النفطية العراقية من ضخ حوالي مليون ونصف برميل في اليوم اي ما يعادل نصف معدلات الإنتاج قبل الحرب.
الأسواق تتأهب
من جانب آخر، فقد بدأ المشترون الأساسيين للنفط العراقي بحجز الناقلات الضخمة للنفط استعدادا على ما يبدو لاستخدامهما في نقل أو تخزين النفط العراقي عندما يستأنف صادراته.
وقال تجار إن شركتين تعدان من الزبائن الرئيسيين للنفط العراقي وهما شركة باي أويل الأميركية وشركة ميلينيم الأردنية حجزتا ناقلات نفطية ، حيث تسود السوق تكهنات بأن حجز الناقلات تم توقعا لعودة الصادرات العراقية. وتبحث الولايات المتحدة مشروع قرار يقضي برفع العقوبات المفروضة على العراق منذ 12 عاما، وهو ما سيعطي بمجرد الموافقة عليه إشارة البدء لعودة تدفق النفط العراقي إلى الأسواق. وكان العراق يضخ مليوني برميل يوميا قبل الحرب.
بدء التصدير غير مؤكد واستبعد دبلوماسيون ومحللون استئناف صادرات النفط العراقية قريبا، رغم تعيين العراقي ثامر غضبان في مطلع الأسبوع الماضي لإدارة وزارة النفط العراقية.
وتوقع خبراء نفط ودبلوماسيون في الأمم المتحدة أن تتعطل صادرات النفط العراقي شهرا آخر على الأقل بسبب الشكوك، ورجح آخرون أن تتأخر ثلاثة أشهر. وبإمكان العراق الذي لديه مخزون كاف من البدء مباشرة في تصدير النفط، غير أن غياب السلطة الموكلة بتوقيع العقود وإصدار شهادات التصدير حال دون قيام شركات النفط بعمليات البيع والشراء.
وتستمر سلطة مراقبة الأمم المتحدة لصادرات النفط العراقية حتى الثالث من يونيو المقبل، وهو تاريخ انقضاء أجل المرحلة الراهنة من اتفاق النفط مقابل الغذاء.
ومن المتوقع أن تطرح الولايات المتحدة مشروع قرار برفع العقوبات المفروضة على العراق مما ينهي مراقبة المنظمة الدولية على صادرات العراق، غير أن روسيا وأعضاء آخرين في مجلس الأمن أبدوا رغبة في أن تبقى صادرات النفط العراقي تحت سيطرة الأمم المتحدة.