إلى أن يتاح لنا أن نبوح بما ينبغي أن يقال في استيعاب عبرة المشهد العراقي ودروسه، فربما كان مفيداً أن نتابع الحوار الدائر حول الموضوع في اسرائيل، الذي يبدو انه أوسع كثيراً مما نظن. لم لا، وقد اعتبر شارون أن غزو العراق بمثابة "زلزال" ضرب الشرق الأوسط وقلب ميزان القوى فيه، الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في كل شيء فيه. (هاآرتس 14/4).
(1)
لفت نظري أن سلاح الجو الإسرائيلي شكل فور انتهاء العمليات العسكرية في العراق عشر مجموعات عمل لدراسة ما جرى، واستخلاص الدروس التي يمكن الإفادة منها في اسرائيل. وهي معلومة وقعت عليها في ثنايا حديث نشرته صحيفة "هاآرتس" (في 28/3) لقائد سلاح الطيران دان حالوتس. ولا اكتمك أنني شعرت بالغيرة والغيظ للأسباب التي تعرفها، وكان أول سؤال خطر لي هو: اذا كان ذلك هو الصدى في سلاح الجو وحده، فكيف به في بقية أجهزة الجيش ومؤسسات الدولة الأخرى؟ - أغراني التساؤل بمتابعة ما نشرته وسائل الإعلام الإسرائيلية في الموضوع. وأنا مدين في تمكيني من تلك المتابعة لثلاثة من الكتاب والصحفيين الفلسطينيين المقيمين في الأرض المحتلة وإسرائيل هم الأساتذة إبراهيم عبد الكريم وصالح النعامي ونظير مجلى. وحين تجمعت حصيلة المتابعة، وجدت أنها تتوزع على ثلاث دوائر. فثمة حوارات جرت حول ما أحدثه الاحتلال من تغيير على الساحتين الدولية والإقليمية. وأخرى ركزت على الدروس التي يتعين على اسرائيل أن تستخلصها عسكرياً واستراتيجياً، ثم ان هناك مستوى ثالثاً من التحليلات تتناول أوضاع العالم العربي. وسأحاول أن اعرض لخلاصة تلك الأصداء تباعاً.
من نماذج الأصداء التي سلطت الأضواء على الدائرة الأولى أن صحيفة "يديعوت احرونوت" دعت سبعة من الخبراء المعنيين بالدراسات الاستراتيجية لمناقشة دلالات ما جرى دولياً وإقليمياً من وجهة النظر الإسرائيلية، ونشرت في 16/3 ما انتهى إليه هؤلاء الخبراء، الذين ركزوا على ثلاث نقاط هي:
@ أن الانتصار الأمريكي الذي تحقق لم يكن في مواجهة العراق فحسب، ولكنه أيضاً انتصار على محور التحالف الأوروبي الجديد (روسيا - فرنسا - الصين). وهو ما أدى إلى شق الاتحاد الأوروبي إلى شقين يفصل بينهما شرخ كبير. وفي هذا فائدة ليس فقط للسيطرة الأمريكية على العالم وضعف المارد الأوروبي امام واشنطن، بل أيضا وبشكل خاص لفائدة اسرائيل. فقد انتهت اللعبة الأوروبية في التأثير على الأحداث في الشرق الأوسط. وما عاد ممكناً أن تقبل الإدارة الأمريكية بدور فاعل للأوروبيين، كما انتهى دور "اللجنة الرباعية" الدولية (الأمم المتحدة وروسيا وأوروبا والولايات المتحدة). وكل هذا يعني تخفيف الضغط الأوروبي على اسرائيل في موضوع تسوية النزاع في الشرق الأوسط.
@ بعد الانتصار لم يعد العالم محكوماً بلون واحد رأسمالي/ غربي كما قيل بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وإنما اصبح عالماً أمريكياً بامتياز. إذ أصبحت الولايات المتحدة هي المهيمنة وصاحبة الكلمة الأخيرة في شئون العالم، خصوصاً مجال السياسة الدولية. وفي هذه الحالة فمن مصلحة اسرائيل أن تتحرك في إطار المظلة الأمريكية، بحيث تصبح الولاية الأمريكية الواحدة والخمسين. ورغم أن هذا الوضع قد يكون له مردوده السلبي، من حيث انه قد يمكن واشنطون من الضغط على اسرائيل في قضايا معينة، إلا أن الأغلبية رأت أن ذلك الاحتمال بعيد، وان واشنطون لن تمارس أي ضغط جدي على اسرائيل، لأنها تشاركها عملياً في كل شيء.
@ باحتلال العراق فان قوة عسكرية عربية خرجت من دائرة الحرب ضد اسرائيل، الأمر الذي من شأنه إضعاف سوريا وفقدانها عمقا استراتيجيا مهما. مما يحدث خللاً جوهرياً في توازن القوى. ومن ثم يجب أن تعمل اسرائيل على تحقيق هدفين: أولهما مطالبة حكومة العراق القادمة بتوقيع اتفاق سلام معها، والثاني ممارسة أقوى ضغوط ممكنة لإحداث تغيير أساسي في السياسات السورية والإيرانية إزاء اسرائيل.
(2)
أهم النقاط التي أثيرت في القراءة الإسرائيلية للحدث من الناحية العسكرية هي:
@ انه يجب إعادة النظر في التفكير العسكري الإسرائيلي. ذلك أن التخوف من الجبهة الشرقية فرض اتخاذ احتياطات كثيرة، مثل إقامة حزام أمني على طول نهر الأردن، وإقامة مستوطنات وقواعد عسكرية على سفوح الجبال، والاحتفاظ بسياج ضخم من المدرعات. وذلك كله لم يعد له لزوم الآن بعد انهيار الجبهة الشرقية. في الوقت ذاته فان الجيوش البرية العربية لم تعد تشكل مصدر قلق لإسرائيل، إنما ما قد يثير قلقها هو العمليات الإرهابية او استخدام أسلحة غير تقليدية. (المعلق الاستراتيجي يارون لندون - يديعوت احرونوت 18/3).
@ ذهب معلق آخر هو عوفر شيلح إلى ما هو ابعد، حيث نشرت له "يديعوت احرونوت" (في 21/4) تحليلاً تحت عنوان "حان الوقت لبحث وضع الجيش الإسرائيلي". وقال فيه انه لعدة عقود خلت ظلت اسرائيل تعاني هاجس اشتراك الجيشين العراقي والسوري في هجوم ضدها. وقد تلاشى الآن ذلك الهاجس/ الكابوس، ولذلك فالأمر يتطلب إعادة نظر شاملة في الوجهة المستقبلية للجيش. وقد شكك في إمكانية إجراء مثل ذلك الحوار في الوقت الراهن، الذي تمنى أن يشترك فيه السياسيون والأكاديميون والإعلاميون، إلى جانب العسكريين بطبيعة الحال.
@ محلل استراتيجي اخر هو اوري دان، كتب في "هاآرتس" (27/3) يقول ان الدرس الفوري الذي يتعين على الجيش الإسرائيلي أن يتعلمه هو تلك الأهمية التي تمتعت بها القوات البرية. ذلك أن تلك القوات هي التي حسمت المعركة العسكرية. وهو ما ينبغي أن يذكر اسرائيل الصغيرة بأنه آن أوان تقوية أجهزة الجيش، لأنه ونحن في القرن الـ 21 ليس الجيش الصغير والذكي هو المهيأ للدفاع عنها عند اللزوم. وإنما اذا كان من أهداف اسرائيل الحصول على السلام والدفاع عنه، فلذلك يتعين على الجيش الإسرائيلي أن يجدد نفسه كلياً.
@ قائد سلاح الجو دان حالوتس ذكر أن اسرائيل ستظل بحاجة إلى جيش قوي، رغم تحسن موقفها الأمني بعد احتلال العراق. ذلك أن الأخطار التي تهددها لن تتوقف، وفي المقدمة منها احتمال انهيار أنظمة صديقة لإسرائيل. لكنه يرى أن الخطر الأكبر يكمن في الإرهاب، والجيوش العربية آخر ما يخشى منه. وقد دعا إلى استغلال الفرصة وإحداث تغييرات أساسية في المبنى وتنظيم القوات، مع إجراء تقليص جزء كبير من القوة المدرعة. واقترح تطوير قوات برية خفيفة ومتحركة، تكون قوتها الأساسية الضاربة قوة جوية. (هاآرتس - 28/3). وحين أشار إلى ما خلصت إليه مجموعات العمل العشر التي تشكلت بعد انتهاء الحرب، قال انها انتهت إلى توصيات عدة، منها أن القوة الجوية اذا احسن استخدامها يمكن أن تكون حاسمة في أي معركة، وان إدماجها مع القوة البرية من شأنه أن يولد قوة مضاعفة، شديدة التأثير والفعالية.
(3)
في صدد آثار الحرب قدر البروفيسور يئير زيمون (محاضر في الاقتصاد بالمجمع الأكاديمي في كريات اونو)، أن زوال الخطر الصاروخي العراقي الذي كان يؤرق المجتمع الإسرائيلي أدى إلى تحسين "المزاج القومي". وهو ما يزيد بالتالي من حجم المشتريات وحركة النشاط الاقتصادي. وهذه الأجواء الإيجابية كان لها إسهامها في ارتفاع أسعار الأسهم بإسرائيل في الآونة الأخيرة (يديعوت احرونوت - 9/4).
رجح البروفيسور زيمون أن تشجع نتائج الحرب الولايات المتحدة على أن تضخ مزيداً من المساعدات المالية لإسرائيل. وهو ما حدث، فقد وافق الكونجرس على منح بليون دولار لإسرائيل كمساعدات، وتقديم ضمانات مالية أخرى بقيمة تسعة بلايين دولار.
خشي آخرون أن تؤدي نتائج الحرب إلى إثارة التعاطف الدولي مع الفلسطينيين، باعتبار أن وضعهم صار اضعف، أمام اسرائيل التي تضاعفت قوتها. وفي هذا المعنى كتب الصحفي البارز يهودا ليطاني، قائلاً انه كلما ضعف الفلسطينيون صار وضع اسرائيل اكثر تعقيداً، حيث سيتوجه عطف العالم اكثر نحو نصرة الضعيف الذي يثير وضعه الشفقة ويدفع إلى التضامن (يديعوت احرونوت 24/3).
ثمة قلق إضافي عبرت عنه كتابات إسرائيلية أخرى. فقد ذهب المحلل الاستراتيجي افيعاد كلينبرج إلى أن اسرائيل لم تستوعب بعد دلالات الغزو الأمريكي للعراق - لماذا؟. أجاب على السؤال قائلاً: لان غزو العراق يقلل بمقدار كبير اسهم دولة اسرائيل ككنز استراتيجي، ليس لأنها غير وفية للعم سام، وهي التابع المطيع والمخلص، وإنما ببساطة لأنها لم تعد ضرورية. فالثقل الاستراتيجي الكبير الذي تمتعت به نجم عن قدرتها، في منطقة لم تكن الولايات المتحدة معنية بالتدخل المباشر فيها. وكانت إسرائيل بمثابة "دولة عظمى إقليمية" مصغرة أمكن بها تهديد الكتلة السوفياتية وتوابعها والعالم العربي، وحين يصبح التدخل الأمريكي مباشراً، لا تبقى حاجة إلى وسطاء، فالولايات المتحدة تقوم بمهماتها القذرة بنفسها. واكثر من هذا، اختارت الولايات المتحدة التدخل المباشر في الشرق الأوسط لكونه أمراً سهل التنفيذ. ومعنى التناقض في مكانة اسرائيل - يتابع كلينبرج - أن الاستعداد الأمريكي لمواصلة دفع الثمن لقاء إخراجنا من الوحل الذي نورط أنفسنا فيه من حين إلى اخر سيقل كثيراً، فالدعم الأمريكي سيتضاءل، والأزمة الاقتصادية ستتعمق، والديموقراطية الإسرائيلية ستتآكل، ويمكن أن تتحول اسرائيل بسهولة إلى دولة أخرى في العالم الثالث لتدق أبواب المتصدقين. من ثم فالعبرة التي ينبغي أن تتعلمها اسرائيل من الحرب هي - في تقديره - الإسراع إلى التوصل إلى تسوية جديدة تتيح ترميم الاقتصاد والشروع في ترميم المجتمع والديموقراطية، حيث يرى أن الكنز الأساسي والاهم الذي يمكن أن تمتلكه اسرائيل في العالم الجديد ليس القوة العسكرية، بل الانتماء الحقيقي لنادي الدول المتقدمة. (هاآرتس - 11/4).
(4)
الشق الذي يتعلق بالعالم العربي بشكل مباشر تلقيته من زميلنا الباحث والصحفي الفلسطيني صالح النعامي، في رسالة بعث بها من غزة، ضمنها حصيلة متابعاته للحوارات الإسرائيلية التي ركزت على ذلك الجانب، في البرامج التليفزيونية والإذاعية العبرية. فذكر أن اكثر من 45 من الجنرالات السابقين والأكاديميين والمعلقين في اسرائيل اجمعوا في برامج حوارية مختلفة على أن النهاية السريعة للحرب في العراق وانهيار النظام في مواجهة آلة الحرب الأمريكية، لا يرجع بشكل أساسي إلى اختلال موازين القوى بشكل جارف لصالح أمريكا، بل أولا وقبل كل شيء إلى رغبة العراقيين في التخلص من نظام صدام حسين القمعي، حتى ولو كان ذلك عبر قوة معادية مثل الولايات المتحدة - في هذا المعنى ذكر الجنرال يعكوف عامي درور، الذي كان مديراً للأبحاث في الاستخبارات العسكرية أن الديكتاتوريات في العالم العربي أسهمت بشكل كبير في قتل الشعور بالانتماء لدى بعض قطاعات العالم العربي. ولان حصانة المجتمع الداخلي هي التي تحسم المواجهة مع أي عدو خارجي، فلم يكن ما حدث في العراق مفاجئاً. وخلال حديث طويل مع التليفزيون الإسرائيلي قال الجنرال درور: أنني أتميز غيظاً حينما استمع إلى أولئك الذين يدعون إلى "دمقرطة" العالم العربي، لان ذلك اذا ما حدث فانه سيجعل العرب في موقف قوي يهدد اسرائيل في أية مواجهة بيننا وبينهم في المستقبل. لكنه طمأن المشاهدين إلى أن ذلك لن يحدث، لان الولايات المتحدة غير جادة في حديثها عن حكاية الدمقرطة (ما رأي حزب أمريكا في الإعلام العربي؟!).
البروفيسور عماتسيا برعام أستاذ التاريخ في جامعة حيفا قال ان غياب الأنظمة الديمقراطية في العالم العربي افقدها القدرة على مراجعة الأداء واستخلاص العبر. ولو كانت هناك ديمقراطية لحوسب المسئولون عن الهزائم التي لحقت بالعرب عامي 1948 و 1967، وهو ما لم يحدث. أضاف انه من الناحية النظرية لا يوجد أي مبرر منطقي يفسر هزيمة العرب امام اسرائيل بشكل متتال في عدة حروب، لو أن الأنظمة آمنت بالقضايا الوطنية التي تطرحها. ذلك أن الأولوية ظلت منصبة على استمرار تلك الأنظمة بصرف النظر عما يلحق بالأوطان.
يعكوف بيري الرئيس السابق لجهاز المخابرات الإسرائيلية الداخلية (الشاباك) قال انه في بعض الأحيان، كانت الأنظمة العربية المتشددة اكثر إراحة لإسرائيل من غيرها. ودلل على ذلك مذكراً بأنه منذ توقيع اتفاقية الهدنة في عام 1974 بين اسرائيل وسوريا، لم تقع أي عملية عسكرية ولو واحدة انطلاقاً من الحدود السورية.
الدكتور افرايم سنيه الوزير السابق والقيادي في حزب العمل، قال في حديث له ضمن برنامج "صباح الخير يا اسرائيل". علينا أن نصلي جميعاً لكي يبقى العالم العربي خاضعاً لأنظمته. وأضاف ان غياب الديمقراطية عن العالم العربي عطل الإبداع عند العرب. ففي الوقت الذي نطور فيه إمكانياتنا في مختلف المجالات، فان هذه الأمور لا تشكل أولوية بالنسبة للعرب، رغم إمكانياتهم المادية الهائلة. لذلك فان اشد الكوابيس سوداوية ستبرز امام اسرائيل لو حدث إبداع حقيقي في العالم العربي.
رافي ايتان الذي شغل في السابق منصب قائد وحدة تجنيد العملاء في جهاز الموساد، وهي المعروفة باسم "كيساريا" ذكر في اكثر من لقاء إعلامي أن أحد أهم الأسباب التي تساعدنا على تجنيد العرب لصالحنا هو غياب او ضعف الشعور بالانتماء لدى البعض في العالم العربي، جراء الأوضاع الاستبدادية السائدة فيه. وفي هذا السياق تحدث يعكوف غرودي الذي كان ضابطاً في جهاز الاستخبارات العسكرية عن نجاح بعض صغار الضباط في سلك المخابرات الإسرائيلية، في تجنيد عدد من كبار الضباط والمسئولين في بعض الدول العربية.
(5)
التحليل الإسرائيلي كانت له قراءة خاصة للحالة الإسلامية. فالبروفيسور يجال كارين المستشرق والباحث في الشئون العربية ذكر انه من حسن حظ اسرائيل أن الأنظمة العربية لا تبقى إلا على القوى السياسية التي تخدم استمرارها. وهي بذلك قدمت خدمة جليلة لإسرائيل في الماضي والحاضر. ذلك أن معظم تلك الأنظمة توصلت إلى استنتاج مفاده انه يتوجب استبعاد الحركات الإسلامية، التي هي اخطر القطاعات الفكرية في العالم العربي على اسرائيل. وخلص في حديثه للإذاعة الإسرائيلية إلى انه لولا الحرب التي خاضتها العديد من الأنظمة العربية ضد الحركات الإسلامية، لكان شكل المنطقة قد تغير منذ زمن. وفي تفصيل هذه النقطة قال كارين: خذوا على سبيل المثال الأراضي الفلسطينية التي أتيح للحركات الإسلامية حرية عمل اكبر فيها، ستجدون أن الإسلاميين جعلوا من ثقافة الاستشهاد سمة إجماع لدى المنظمات الفلسطينية، حتى العلمانية منها. واستطرد قائلاً ان مواجهة الأنظمة العربية للحركات الإسلامية كانت دائماً في مصلحة اسرائيل. لذلك فان مواصلة تقييد حركتها (قمعها) تفيدنا كثيراً، ومن المهم جداً استمرار هذا الوضع. كما انه من المهم للغاية الاتصال بأصدقاء اسرائيل في الإدارة الأمريكية لإثنائهم عن المضي إلى النهاية فيما يقولونه في العلن عن "دمقرطة" العالم العربي.
الملاحظة الأخيرة مثيرة للغاية، وصاحبها هو حاييم هنجبي الروائي والكاتب الذي ينتمي إلى مدرسة "ما بعد الصهيونية"، الذي ذكر انه تعرف قبل خمس سنوات على الجنرال موشيه كلاو، الذي هو واحد من أهم أصدقاء شارون ورفاقه منذ التحق بالجيش الإسرائيلي قبل العام 1948. وقد دأب حاييم على زيارته إلى حين وفاته قبل ثلاث سنوات. وفي إحدى الزيارات وجده مكتئباً ومغموماً، بينما كان ممسكاً بكتاب في يده. وحين سأله عما به، قال كلاو انه لم يعد يغمض له جفن، بعد أن تعددت قراءاته لملابسات معركة "حطين"، التي انتصر فيها العرب على الصليبيين. خصوصاً بعدما لاحظ أن أوضاع العرب والمسلمين في المرحلة التي سبقت المعركة كانت لا تقل سوءاً عن وضعهم الآن. ومع ذلك حققوا نصراً غير من شكل المنطقة. ثم أضاف: إنني أخشى أن تعود الكرة مرة أخرى، وقد يكون الطارق الذي قدم من كردستان (يقصد صلاح الدين) مهيئا لقادم آخر، يأتي ليغير ما عليه الحال الآن. ما رأيكم دام فضلكم؟؟