لا يوجد نقص في المبادرات والخطط والمقترحات لأحلام السلام في فلسطين، بل برامج السلام والواسطات لم تتوقف منذ عقود طويلة..
ولكن المشكلة الحقيقية هي نقص الرغبة الإسرائيلية في السلام.. وهذا ما يجعل أي مقترح للسلام لا حظ له ولا أمل حينما يصطدم بالرغبات الإسرائيلية.. وإسرائيل لا يمكنها أن تجنح إلى خيار السلام إذا استمرت الولايات المتحدة الأمريكية في تلبية الرغبات الإسرائيلية، وإذا ما استمرت الولايات المتحدة في دعم إسرائيل حتى في ممارستها المضادة للسلام، والمضادة لأبسط قيم العصر..
وحينما أعلن الرئيس جورج بوش الابن مبادرته للسلام "خطة الطريق" لم تجد كثيراً التفاؤل نظراً لأسباب عديدة منها أن لدى الحكومة الإسرائيلية المتطرفة برنامجاً تطبقه يومياً على الأرض للتطهير العرقي، ومحاولات يومية ومستمرة لقتل أكبر عدد من الفلسطينيين أو تشريدهم وإجبارهم على النزوح.. وسياسة هدم المنازل لأناس أبرياء لا ذنب لهم، إنما هي سياسة واضحة للتطهير العرقي ورفض قطعي للسلام العادل الذي يحفظ كرامة الشعوب.
وإذا كان الرئيس الأمريكي جادا لإحلال السلام في الشرق الأوسط فعليه أن يحجم الغرور الإسرائيلي ويمنع الحكومة الإسرائيلية المتطرفة من الاستمرار في تحطيم الآمال الفلسطينية في السلام.
ولا يمكن القول أن إسرائيل ترغب في السلام أو تعترف به كخيار مادامت دباباتها تعمل ليل نهار في المدن الفلسطينية وجنودها يمارسون هواية القتل اليومي في صفوف الفلسطينيين.
إن ما تمارسه إسرائيل يهدف - في الواقع، إلى دفع الطرف الفلسطيني للتشبث بالكفاح المسلح. ومن غير المعقول مطالبة الفلسطينيين بحسن النوايا بينما الجيش الإسرائيلي يعمل القتل في رقاب أبنائهم. ويحول مدنهم إلى سجون كبرى، ويمارس التخريب والتجريف لمزارعهم وهدم منازلهم..
والغريب إن السلوكية الإسرائيلية المستمرة التي تجد إدانة ورفضاً في كل محفل دولي ومن كل عقل نير، تواجه بصمت أمريكي لا يليق بموقف وسيط عادل للسلام.
وإذا ما أراد الرئيس بوش لخريطة الطريق أن تكون خريطة حقيقية للسلام، فعليه أن يزيح من وجهها العقبة الكبرى الكأداء وهي سياسة العداء الصهيونية وبرنامج القتل اليومي للفلسطينيين الذي تمارسه الحكومات الصهيونية منذ عام 1948.. إن منع إسرائيل من الاستمرار في برنامج الكره يمكن أن يحقق جواً من التفاؤل بشأن نجاح خريطة الطريق وكل الخرائط الملحقة بها.