DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

قضية وسؤال

قضية وسؤال

قضية وسؤال
أخبار متعلقة
 
يتضح الآن، وبعد انتظار طويل، ان النفط العراقي سيعود مرة اخرى الى الاسواق العالمية ، وان هذه العودة تختلف عن مثيلاتها السابقة في السنوات الماضية، حيث كان يتم التصدير تحت نظام الحصار الدولي او من خلال لعبة الكر والفر مع لجنة العقوبات التابعة لمجلس الامن. فهذه المرة يعود النفط العراقي من دون قيود قانونية على التصدير او الكميات الممكن تصديرها او الجهات الممكن البيع لها او التعامل معها. ولكن على الرغم من كل ذلك، هناك قيود عدة ستبقى مهيمنة على صناعة النفط العراقية في المستقبل المنظور. فكيف ستتناول منظمة أوبك في اجتماعها الاستثنائي في الدوحة الاسبوع القادم موضوع عودة العراق للانتاج في ظل الهيمنة الامريكية على الانتاج ؟ تعقد منظمة الاوبك اجتماعا استثنائيا في الدوحة في 11 يونيو الجاري من اجل مراجعة اوضاع السوق والعودة المنتظرة للعراق الى الاسواق النفطية بعد غياب حوالي ثلاثة اشهر. وليس من المستغرب عقد هذا الاجتماع في الوقت الحاضر. فاحد أسباب نجاح المنظمة في السنوات الثلاث الماضية في استقرار الاسعار والمحافظة عليها على مستوى حوالي 25 دولارا للبرميل الواحد، وهو الوضع الان، هو الاجتماعات المستمرة والمشاورات المكثفة والاتصالات المتعددة مع الدول المنتجة غير الاعضاء في الاوبك والتي ستحضر اجتماع الدوحة. ان المسألة الأساسية المطروحة على جدول أعمال وزراء المنظمة في الدوحة هي موضوع العراق. فهو العامل الأساسي في السوق هذه الايام، وبالذات في غياب عوامل ملحة اخرى في الوقت الحاضر. وهنا يجب توضيح بعض الامور ذات الصلة بالعراق والنفط. فقد صدر لغط كثير عن احتمال انسحاب العراق من منظمة اوبك. ومن غير المستبعد ان يطفو هذا الموضوع مرة اخرى في اجتماعات الدوحة وبالذات لأن العراق لن يكون ممثلا في الاجتماع. ان سبب غياب العراق هو عدم وجود حكومة شرعية ذات سيادة. فما دام الاحتلال متواجدا وهو يمثل السلطة الحاكمة، فلن يكون هناك تمثيل سياسي او دبلوماسي للعراق في اي من المحافل الدولية، لا في منظمة الامم المتحدة ولا الجامعة العربية ولا منظمة اوبك. بالاضافة الى هذا الأمر، فان من مصلحة العراق البقاء في المنظمة والتعاون مع بقية الاقطار الاعضاء من اجل استقرار اسعار النفط. فالعراق ثاني اكبر دولة نفطية في العالم. ويهمه الامر، كما يهم بقية الدول المنتجة استقرار الاسعار والاسواق لأطول فترة ممكنة حتى يبقى النفط مهيمنا على سوق الطاقة ويتمكن العراق مع بقية الدول النفطية الاخرى من تصريف الاحتياطي المتوفر لديه بأسعار مناسبة. وفي هذا المجال يكثر الكلام عن عودة العراق الى الاسواق، وكيف ان بغداد بالتعاون مع الاميركان ستقوم باغراق الاسواق وتخفيض الاسعار. في حقيقة الامر ان هذا الموضوع أبعد ما يكون عن الصحة. والمعلومات المتوافرة لا تؤيد هذا النوع من الكلام. فعلى المدى القريب، اي في الاسابيع والاشهر القادمة، ستنصب جهود المسؤولين النفطيين في العراق على اعادة ترتيب اوضاع القطاع النفطي العراقي بعد حوادث السلب والنهب التي تمت في العديد من الحقول والمنشآت النفطية، ناهيك عن تدارك الامور في ظل الانسياب والفلتان الامني المهيمن في العراق اليوم. لقد أصبح واضحا اليوم، وبعد ان استطاع رجال صناعة النفط في العراق من ترتيب امورهم، اصبح واضحا انهم قد استلموا قيادة الصناعة النفطية. فهم الذين يتولون التخطيط والتنفيذ بالنسبة لتأمين البنزين والغاز المسال، وهم الذين يقومون باعداد الخطط والتنفيذ لصيانة المعدات وهم المسؤولون عن رسم الخطط لاعادة تعمير قطاع النفط. وهم يقومون بذلك بالتشاور مع المسؤولين الامريكان والسبب بسيط. فالسلطة الاميركية هي المسيطرة على البلاد اليوم. الا انه قد اصبح من الواضح انه نتيجة لجهود وتفاني المسؤولين في قطاع النفط فقد اوكلت السلطات الاميركية مهام القطاع الى العراقيين. وفيما يتعلق بالانتاج في المدى القريب، ففي حقيقة الامر ان الطاقة الانتاجية قد تدهورت اكثر بكثير مما كان متصورا في الماضي. فالفكرة السابقة ان العراق سيعمل حالا على العودة الى الطاقة الانتاجية ما قبل احتلال الكويت، اي حوالي 3,5 مليون برميل يوميا. لكن حقيقة الامر اليوم، ان العراق بحاجة للعمل اولا على العودة الى المستوى الانتاجي الفعلي ما قبل الحرب الاخيرة، اي الى مستوى 5.2 مليون برميل يوميا. ويتوقع المراقبون ان يبدأ العراق بالانتاج منذ منتصف يونيو بمستوى 1 الى 5.1 مليون برميل يوميا ويرتفع هذا الى حوالي مليوني برميل يوميا في أشهر الصيف. اما الارتفاع الى مستوى اعلى من مليوني برميل يوميا فهذا يمكن ان يتطلب وقتا أطول والسبب في ذلك ان هناك حاجة لتقييم الخسائر التي لحقت بالحقول نتيجة عمليات النهب والسلب في حقل غرب القرنة و حقل شمال جمبور وحقل العجيل (حقل صدام سابقا) واستيراد المعدات لتعويض ما تم تلفه او نهبه. وبعد الانتهاء من هذه المرحلة هناك عملية تعويض الطاقة المفقودة التي كانت متوافرة سابقا (حوالي 3 ملايين برميل يوميا حتى نهاية العام الماضي و5.3 مليون برميل يوميا ابان احتلال الكويت) . وهذه العملية طويلة وصعبة وباهظة الثمن. ان معنى هذا كله ان عودة العراق لن تكون سهلة او سريعة ولن تكون هناك اي عملية اغراق. ومن الممكن جدا ان تتعامل الاوبك مع هذه العودة من دون صعوبات تذكر، وبخاصة ان سياسة المنظمة في السنوات الاخيرة هي المحافظة على سعر نفطي بمعدل 25 دولارا لسلة نفوط الاوبك وليس التنافس على الاسواق كما كان الوضع في الماضي. الامر الوحيد الذي يجب ان تراعيه المنظمة هو توازن العرض والطلب العالمي، وبالذات النفوط الجديدة من خارج المنظمة والكساد المهيمن على الاقتصاد الدولي. اما فيما يتعلق بزيادة الطاقة الانتاجية العراقية الى خمسة او ستة او ثمانية ملايين برميل يوميا، فهذا الأمر لن يتحقق في المستقبل المنظور، وسيتطلب سنوات عديدة، حتى نهاية العقد في اقل تقدير. فموضوع تطوير الحقول الجديدة هو أمر سيادي تقرره حكومة عراقية مستقلة وليس سلطة احتلال. والمفاوضات مع شركات النفط وتطوير حقول جديدة يتطلب سنوات عديدة. لذا فمن السابق لأوانه التعامل مع هذا الأمر في الوقت الحاضر. العودة صعبة ان قرار مجلس الامن الذي تمت الموافقة عليه في 22 مايو الغى نظام العقوبات ولكنه فرض احتلالا على العراق من خلال سلطة اجنبية تحكم البلاد لفترة غير محددة. يعني هذا الأمر انه لن تكون هناك حكومة سيادية في البلد حتى اشعار آخر . لقد تغير هدف السلطات الاميركية نحو العراق مع مرور الوقت، من ازالة أسلحة الدمار الشامل التي لم يتم العثور عليها بعد، الى تبيان علاقة نظام صدام بالارهاب التي لم يتم البرهان عليها بعد، ومن ثم الاطاحة بالنظام واعادة اعمار العراق وتحويله من النظام الشمولي والدكتاتوري السابق الى مجتمع ديموقراطي واقتصاد حر، يكون نموذجا يقتدى به في منطقة الشرق الاوسط. وهنا يلعب النفط دورا أساسيا وحيويا في هذه الاستراتيجية الاميركية للعراق والشرق الاوسط عموما. فخلافا لدول البلقان وافغانستان الفقيرة نسبيا، فان ريع النفط العراقي السنوي هو بحدود 20 مليار دولار سنويا، اعتمادا على كمية الانتاج المتاحة وسعر النفط هذه الايام. وهذا المبلغ يسد كثيرا من احتياجات البلد في حال ادارته بطريقة عقلانية وفي الاحوال الاعتيادية. ولكن، نظرا لتراكم الديون والتعويضات، ناهيك عن الخراب والتبذير والاسراف في العهد السابق، فان هذه الاموال بالكاد تكفي لتنفيذ الحد الادنى من الالتزامات والمشاريع العمرانية. وقد بدأ يتضح تدريجيا كيف ستتعامل الادارة الاميركية مع موضوع النفط العراقي. سيتم التعامل الاميركي مع القرار النفطي من خلال رئيس الهيئة الاستشارية فيليب كارول مهمته الاشراف على السياسة النفطية العراقية، بالتعاون مع المهنيين العراقيين، وقسم الهندسة في الجيش الاميركي الذي أوكل مهمة اعادة اعمار القطاع النفطي الى شركة هاليبورتن. اسئلة مطروحة ولكن، بالرغم من ضبابية الوضع السياسي العراقي اليوم، فان الاسئلة النفطية ستطرح نفسها عاجلا ام آجلا وستكون لها في حينه اثار بعيدة المدى على الصناعة النفطية العراقية، بخاصة، وصناعة النفط الشرق الاوسطية بصورة عامة.