لم يعد هناك شك انه يوجد داخل لوبي القرار الاستراتيجي في اميركا، رجال مهتمون بالنفط والمصالح الاقتصادية الاميركية في العالم. وكان هؤلاء في البداية يعتبرون ان الحرب هي وسيلة مثلى لادخال آسيا الوسطى الغنية بالنفط بالفلك الاميركي.
وكان يفترض على واشنطن بعد نجاحها في احتلال افغانستان، دعم سلطة حامد قرضاي هناك. ولكنها لم تفعل ذلك، فقرضاي تمتد سلطته داخل كابول فقط، اما باقي مناطق افغانستان فهي تحت سيطرة امراء الحرب، بما فيهم طالبان التي تستعيد قوتها في ارياف افغانستان.
كانت خطة واشنطن تقضي بتقوية مركز افغانستان في آسيا الوسطي التي تتطلع الولايات المتحدة لدمج دولها في الفلك الاميركي لاسباب اقتصادية، ولكنها مؤخراً حولت اهتمامها لمصلحة هدف السيطرة على الشرق الاوسط.
وتسود منذ فترة عند صناع الاستراتيجية الرئيسيين في واشنطن، قناعة تفيد بأن السيطرة على آسيا الوسطي هي امر ثانوي في مقابل السيطرة على الشرق الاوسط.
والمحافظون في ادارة بوش يعتبرون ان الحرب على افغانستان كانت مناورة افتتاحية ضرورية للتوصل الى هدفهم الحاسم: سيطرة الولايات المتحدة على الشرق الاوسط. وهذه سياسة عريقة في اميركا، كان روزفلت استعملها في الحرب العالمية الثانية عندما هاجم اليابان من اجل محاربة المانيا، وسميت آنذاك هذه الخطة باسم الباب الخلفي للحرب.
ان العراق يقع في قلب الاهداف الاميركية في الشرق الاوسط، فهو يملك ثاني اكبر احتياط نفطي بعد السعودية. وثمة قناعة لدى خبراء جديين بأن العراق لديه احتياطات هائلة من النفط لم تكتشف بعد.
ويكاد معارضو الحرب الاميركية على العراق يجمعون بأن السبب الحاسم الذي دفع واشنطن لها هو النفط. وحتى مؤيدي الحرب في اميركا يعتقدون بجزم، انه اذا سيطرت الولايات المتحدة علي النفط العراقي، فمن الممكن ان تغرق العالم بالنفط وترفع بذلك الاقتصاد الاميركي والاقتصادات العالمية من حالة الركود.
ولكن هناك ما يدعو الى الحذر في سياق الاندفاع لتصديق مقولة ان النفط والنفط فقط يكمن وراء اهداف اميركا للحرب. فشركات النفط الكبيرة ليس لها تأثير كبير، او هي لها تأثير ضئيل، في انتاج سياسة الولايات المتحدة الاميركية.
ومن ناحية ثانية، لو افترضنا جدلاً، ان لها تأثيراً كبيراً، فان معظم شركات النفط الكبيرة، لم تر الحرب مفيدة للاعمال (هذه الاراء طبقاً لما يراه انطوني سامبوس- المحلل النفطي).
ويبدو ان الشركات النفطية الكبيرة في الولايات المتحدة الاميركية خافت على ان تأتي تداعيات الحرب ومساراتها التدميرية على عقودها المبرمة في غير دولة نفطية عربية. وكانت مقولتها تفيد انه اذا كانت مصالحنا تنمو بالسلم، فلماذا الحرب؟؟ وقد اجاب دعاة الحرب على هذه المقولة بالقول ان الحرب تلبي احتياجات وقائية لمصالح الولايات المتحدة في الشرق الاوسط والعالم.
وضمن هذا السياق من النقاش بدا واضحاً ان الحرب في العراق، تهدف الى الوصول الى المنطقة التي تعتبرها واشنطن اساسية في استراتيجيتها لتحقيق مصالح كبرى.. كما ان الهدف الاستراتيجي فيها هو مزيج من تحقيق طموحات السيطرة علي النفط وتحقيق اهداف حماية مستقبلية لواشنطن (وهذا ما يسمى بالاهداف الوقائية). ان أولى الخطوات باتجاه السيطرة علي نفط العراق تتم الآن من خلال جعل نفط هذا البلد يمر عبر الاردن باتجاه حيفا، وذلك بواسطة شركات اميركية، بدل ان يمر عن طريق سوريا.
ان كلام المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الاميركية، يربط بين السيطرة علي امدادات النفط، ومنع حدوث ازمات اقتصادية مقبلة في الولايات المتحدة الاميركية، ويربط ايضاً بين ضرورة ان يستقر الاميركيون في المنطقة تحت غطاء رفع شعار نشر الديموقراطية فيها من خلال انشاء حكومات ديموقراطية اولاً في العراق تكون نموذجاً للحكومات التي سيتم انشاؤها في المنطقة عن طريق القوة العسكرية او الضغوطات السياسية.
ويرى المحافظون الجدد ان الحكومات الديموقراطية في الشرق الاوسط ستؤيد السياسات الاميركية بما فيها دعم اسرائيل ودعم سياسة نفط موجهة لصالح الولايات المتحدة الاميركية.