عزيزي رئيس التحرير
ان بامكان كل فرد منا ان يساهم في تنمية قدراته الذهنية بمعرفة اساسيات يتبناها كسلوك دائم... ولنبدأ بما يجب ان نعرفه عن الذاكرة اولا:
ـ ان عقلك يحتاج الى ذاكرة يعتمد عليها حتى يندفع اندفاعا وهو في سبيل قضاء اعماله. وهي تنشط الى العمل عندما يسترخي المرء ويتوقف عن القيام بأي عمل، تاركا لها المجال لتتصرف كما تشاء في جو رحب صاف.
ـ والانتقاد هو الشيء الآخر الذي لا تتحمله المخيلة. فعندما تكون مستغرقا في عملية استنباط افكار جديدة، دع مخيلتك تأخذ مجراها دون ان توجه اليها اي انتقاد، مهما بدت بعض نتائجها مستحيلة وبعيدة عن التحقيقة.
ـ اعمل على تجميع كافة الافكار التي تراودك وانت جالس بهدوء، بينما تقوم مخيلتك باداء عملها بحرية تامة. وعندما تتكون لديك مجموعة كبيرة من الافكار المتخيلة، يكون قد حان عند ذلك وقت دراستها وانتقادها وتمحيصها وتطبيق احكامك عليها، متى تعثر على الحل الذي تريد. وافضل الافكار عادة هي تلكا لتي تراودك في آخر جلسة التخيل الفكري. ولكن اذا توقفت على تنفيذ الافكار الاولى، فستتوقف مخيلتك عن العمل وتفشل عند ذلك في التوصل الى افكار جديدة، عليك اذن ان تتعمق في التفكير والتخيل، وتطلق العنان لمخيلتك حتى تأخذ مداها، لكي تستطيع الحصول على الافكار الجديدة الصائبة.
والذين يظنون ان مخيلتهم لا تعمل بمافيه الكفاية، او لا تعمل مطلقا، غالبا ما يكونون قد عملوا على خنقها نتيجة نفاد صبرهم واندفاعهم الطائش غالبا ما يكونون قد عملوا على خنقها نتيجة نفاد صبرهم واندفاهم الطائش لتحقيق النجاح، وايضا بسبب الانتقادات الكثيرة التي يوجهونها لافكارهم الاولى، التي تكون فجة وشحيحة.
وحتى تصبح مخيلتك فعالة، اجلس مسترخيا وفكر في مشكلة واقعية من مشاكل حياتك اليومية، ملاحظا كافة النتائج واترك كافة احكامك معلقة في الوقت الحاضر.
قوة الملاحظة
ان العقل الكفؤ هو ذلك الذي يلاحظ ما يدور من حوله، والملاحظة الكفؤة المجدية هي التي تستعمل كافة الحواس، وليس حاسة النظر فقط.
ولكي تلاحظ امرا ما بعناية، انظر بدلا من ان ترى فقط. وانصت بدلا من ان تسمع فقط. وتحسس بدلا من ان تلامس فقط.
انظر فيما حولك الان يقصد ملاحظة اشياء ودقائق لم يسبق ان رأيتها بصورة حقيقية ابحث عن عيوب صغيرة في الغرفة التي انت فيها الان: التمزيق البسيط في اوراق الجدران، النتوءات في طبقة الدهان، واثار البقع الخفيفة على السجادة، ابحث ايضا عن الاشياء السارة. فمن هذه الملاحظات البسيطة تتكون عندك خطط للعمل في المستقبل.
ومن خلال الملاحظة الجيدة يمكنك ان ترى وتتمكن من العمل باكبر قدر من الكفاءة. ويجب عليك ان تكون قادرا على استرجاع المعلومات والتجارب التي مرت بك في الماضي، كلما اردت لكي تمدك بالوسائل الفعالة لمواجهة الحاضر. كما يتوجب عليك ان تكون قادرا على تشرب المعلومات والمعارف الجديدة كلما وضعت يدك عليها، او ان تسترجع الحقائق بذاكرتك كلما احتجت اليها، او ان تعرف اين تجدها على الاقل.
تعتمد الذاكرة بصورة خاصة على تلاحم الافكار، فنحن بامكاننا ان نسترجع الامور بذاكرتنا لاننا نربط هذه الامور بأشياء اخرى. فاعمل على الاستفادة من هذه الحقيقة حتى تساعد نفسك على تقوية ذاكرتك. الافكار الجديدة او الحقائق التي تريد ان تتذكرها بأشياء تعرفها مسبقا، واجعل العلاقة في عقلك بين الاثنتين سهلة واضحة، وابحث في هذه وتلك عن نقاط تلاحم يمكنك ان تستفيد منها لتساعد نفسك على تذكر التفاصيل.
سجل البنود تريد ان تتذكرها على ورقة، فالتصرفات العملية التي تشترك اعضاء الجسم في تحقيقها تساعد الذاكرة على العمل، دون الملاحظات في الكتب التي تقرأها، واكتب خلاصة ما درسته في الفكرة الرئيسية لكتاب او بحث او الليلة السابقة، واشرح لاحد اصدقائك مسرحية ما.
ذلك لان اي تصرف عملي تستخدم فيه المعرفة الجديدة التي اكتسبتها، يثبت هذه المعرفة في ذهنك. لهذا اذا اردت ان تتعلم شيئا بشكل كامل دون ان تنساه ابدا في المستقبل، افرض على نفسك تقديم تقرير عن هذا الشيء لاحد اصدقائك، فمن الافضل والاقوى لذاكرتك لو انها تعطي احيانا، بدلا من ان تظل تتلقى المعلومات بصورة دائمة.
التخيل
العقل الفعال هو عقل خلاق. فانت في حاجة لان تكون قادرا على استنباط الافكار وابتداعها وايجاد طرق جديدة لحل المشاكل.
ان التخيل مقدرة يتمتع بها كل انسان، على الرغم من ان بعض الناس يستعملونها اكثر من البعض الاخر. على ان ثمة اشخاصا كثيرين نادرا ما يستعملون مخيلاتهم خلال سنوات طويلة، حتى لكأنهم قد نسوا وجودها. ولعل بعضا منهم يعتقدون احيانا ان مخيلتهم قد فارقتهم الى غير رجعة.
والحقيقة ان هذا الاعتقاد خاطئ ولكي تستعيد المخيلة عملها بنشاط فهي لاتحتاج الا للاوضاع الصحيحة، انها خجولة. تحتاج الى السكون والانفراد، كما تحتاج الى بعض الوقت حتى تظهر من مكمنها وتقف على قدميها جاهزة للعمل. انها لا تندفع اندفاعا، بل تتمدد ببطء.
وقلما تعمل المخيلة عند اولئك الذين عندهم عيوب ومجالات للتحسين لا يلاحظها احد غيرك. وما تلاحظه يوفر لك مادة تستعملها خلال اوقات تخيلك الخلاقة، وستكون النتيجة ان عقلك الكفؤ يوجد عندك سيلا من الافكار الجديدة ومشاريع للتحقيق توفر لك فرصا اكبر في الحياة.
هذه الصفات الست: المقدرة على الحكم والتفكير السليم والتركيز الفكري والذاكرة وقوة الملاحظة، ستعمل متضافرة مع بعضها البعض لتؤمن لك عقلا كفؤا ممتازا. فادرسها بتفصيل وامعان.
ان مقالة واحدة مختصرة، مثل هذه ـ اذا تدبرتها باهتمام ـ بامكانها ان تفعل من اجلك الكثير، بل اكثر من ان تجعلك تنطلق في الطريق الصحيح. ولكن ما ان تنطلق، حتى يصبح بامكانك ان تتابع التقدم وحدك، وسترى اية نتائج مدهشة يمكن ان تحصل عليها. عبدالله الزهيري