في ظرف لم تمر فيه مسيرة التعليم في العراق عبر تاريخها قبل اليوم توجه اكثر من أربعة ملايين طالب وطالبة من تلاميذ المدارس الابتدائية والثانوية في العراق امس السبت لاداء امتحاناتهم لنهاية العام الدراسي الحالي 2002 -2003 في الوقت الذي يستعد فيه اكثر من نصف مليون طالب وطالبة في الجامعة لامتحاناتهم التي ستجري في الأسبوع المقبل بعد ثمانية أسابيع من عودة الدراسة التي تأخرت هذا العام بسبب الحرب وكان من المفترض ان تكون في أواخر أيار - مايو الماضي وبذلك سيكون عدد الطلبة الذي سيؤدون الامتحانات قرابة أربعة ملايين ونصف المليون طالب وطالبة.
ولا يخفي طلبة العراق وهم يتوجهون الى الامتحانات من عدم توفر الظروف المناسبة لاداء الامتحانات بدءا من نقص المستلزمات الدراسية خاصة في الكليات العلمية حيث تعرضت اكثر تلك الكليات ومختبراتها وأقسامها العلمية والفنية الى النهب على اثر احتلال بغداد في التاسع من نيسان - أبريل الماضي مما اضر بالمسيرة التعليمية في الوقت الذي كانت فيه الدراسة للاسابيع الثمانية متقطعة بسبب الانتخابات التي جرت في الجامعات والكليات والمعاهد لاختيار إدارات جديدة بدلا عن الإدارات السابقة التي وصفت بأنها كانت من البعثيين السابقين الموالين للنظام، إضافة الى تأخر الطلبة في الالتحاق بالجامعات والمعاهد بسبب قلة الوقود وعدم توفر الأمن وفقدان الكثير من مستلزمات الحياة الطلابية مما جعل الكثير من الطلبة يقومون بتأجيل السنة الدراسية الحالية للعام القادم.
وكانت مشكلة تدهور الوضع الأمني وشيوع ظاهرة خطف الفتيات قد دفعت بالكثير من العائلات الى عدم إرسال بناتها الى الدراسة، كما كان لتدهور الأبنية الجامعية وخدماتها وتضررها بسبب الحرب والنهب والسلب الذي تبعها ما جعل الكثير من طلبة المدن البعيدة لا يجدون أقساما داخلية للمبيت فيها مما دفعهم الى مقاطعة الدراسة.
وبسبب كل تلك الظروف اصبح الدوام في الجامعات لمدة أربعة أيام في الأسبوع، ومع تأكيد بعض الإدارات الجامعية لقدرتها على إكمال المناهج الدراسية إلا ان الحقيقة التي يعرفها الجميع من الطلبة والأساتذة هو ان عودة الحياة الدراسية لم تكن بالمستوى المطلوب، وانما كانت بهدف إشعار الناس بان الحياة بدأت تعود الى طبيعتها المعتادة وكان الجانب الإعلامي والدعائي لعودة الدراسة اكبر بكثير من حقيقة وجود عملية تعليمية ، حيث ما زالت بعض المدارس والجامعات حتى الآن تشكو من نقص الطلبة والأساتذة والمستلزمات الطبيعة لانجاح مسيرة التعليم، والى غاية الاثنين الماضي قامت السلطات الأمريكية في العراق بفصل 40 مديرا عاما من وزارة التربية مما اربك العملية التعليمية في الوقت الذي تستعد فيه المدارس لاداء الامتحانات.
الوضع التعليمي ـ ومع اقتراب موعد الامتحانات التي يقول عنها الطلبة انها صورية وان الجميع سينجحون فيها ـ يزداد سوءا حيث ستظهر نتائج السرعة في إعادة الدراسة بهذا الشكل على المستوى العلمي للطلبة في السنوات القادمة.
ولكن أمام آراء الطلبة يؤكد أساتذة الجامعات ان الدراسة كانت مقبولة خلال الأيام الماضية، ويقول الدكتور طاهر البكاء رئيس الجامعة المستنصرية لـ (اليوم) عن الامتحانات الجامعية لهذا العام (ان نسبة الدوام في الكليات وصلت في بعض الكليات 95% وهو ما يعني ان الطلبة تحدوا الظروف القاهرة التي يمرون بها، وقد جعلنا الأسئلة الامتحانية أمرا متروكا للأساتذة لتقديرهم الظروف التي يمر بها الطلبة الآن، وبهذا يستعيد الأستاذ الجامعي دوره بعد ان سلب منه في السنوات السابقة ونحن متفائلون بانتظام الطلبة والنتائج التي يمكن ان يحصلوا عليها هذا العام).
من جانيه يقول الدكتور عمار المعاضيدي عميد كلية التراث الجامعة عن الامتحانات في هذه الظروف (الهدف من الامتحانات ليس النجاح فقط بل الأمانة العليمة والحفاظ على المستوى الرصين وقد درسنا جميع أوضاع الطلبة في المرحلة الراهنة وأخذنا بعين الاعتبار مسألة وضع الأسئلة كما أخذنا بنظر الاعتبار الظروف الصعبة وفقدان الأمن وصعوبة التنقل والجانب النفسي للطلبة وتم إعادة الطلبة المفصولين بسبب الغيابات الذين يرغبون بأداء الامتحانات). لكن الطلبة الذين لم يتمكنوا من مواصلة الاستعدادات الامتحانية بشكل كبير بسبب انقطاع التيار الكهربائي لاكثر من عشرين ساعة في اليوم الواحد وفي فصل الصيف يؤكدون ان مذاكرتهم لا تتعدى ان تكون رمزية لامتحانات رمزية أيضا، وهم يشكون من فقدان الكثير من الخدمات في مدارسهم التي تعرضت للنهب والدمار لكن مع كل هذا فهم يشعرون ان النتيجة لصالحهم على الرغم من ان النتيجة ستكون وخيمة على المجتمع العراقي الذي سيستقبل هذا العام خريجين غير مؤهلين يمكن ان يثروا على مستقبل البلاد العلمي.
وتقول الطالبة هيلين عبد الكريم من كلية الآداب في قسم التاريخ في الجامعة المستنصرية
(اعتقدنا ان اجراء الامتحانات هذا العام ضرب من المستحيل وان القرار سيتراجع لكن الطلبة يحاولون مسايرة العمادات لاداء الامتحانات كي لا تفوتهم فرصة سنة دراسية، على الرغم من الوضع الأمني والنفسي المتردي).
بينما يؤكد الطالب عدي عبد الصاحب من كلية القانون (نحن نترقب الامتحانات مع انها ستكون صعبة ولكن نحن واثقون انها مهمة ليست سهلة للإدارات الجامعية ونتائجها ستكون غير حقيقة ولا تعبر عن المستوى العلمي الحقيقي للطلبة). وبين الطلبة والادارت الجامعية اخذ وجذب ولكن النتيجة ان الامتحانات ستجري ولكن يعتقد الكثيرون انها لا تمثلهم حقيقة ولن تؤدي لخدمة مسيرة التعليم الرصين.