لأول مرة في تاريخ السياسة الأمريكية الحديثة يعلن أحد المسؤولين الأمريكان السيد كولن باول بان الولايات المتحدة (عازمة على الضغط بشدة على الجانبين وستقرن اقوالها بالافعال) وهو يقصد بالجانبين الحكومة الفلسطينية واسرائيل لحثهما معا على الالتزام بنصوص خطة خريطة الطريق الرباعية, فقد جرت العادة ان يكون الضغط الأمريكي على جانب واحد هو الجانب الفلسطيني, اما إسرائيل فهي فوق الضغوط الأمريكية أيا كان نوعها, وإذا كان هذا التصريح يمثل منعطفا جديدا في السياسة الأمريكية الحالية فان على حكومة الرئيس الأمريكي إذا كانت جادة بالفعل لربط اقوالها بالافعال كما اعلن وزير خارجيتها ان تسعى لكبح جماح شارون عن تنفيذ مخططاته التوسعية العدوانية على الأراضي الفلسطينية, وان تدفعه للانسحاب من قطاع غزة وبيت لحم وتمنعه من نسف المشروع السلمي الرباعي لتسوية الأزمة القائمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين, وتمنعه من الاستيطان, وتلك ضغوط حقيقية لا مناص منها للخروج من النفق الضيق الذي حشرت إسرائيل فيه القضية الفلسطينية بنية تصفيتها, فاذا كانت الايام القليلة القادمة (مصيرية) في شأن تطبيق خطة خريطة الطريق على أرض الواقع فان من الضرورة بمكان ان تمارس الولايات المتحدة الضغوط التي اعلنت عنها على إسرائيل حتى تتمكن من الحيلولة دون اجراءات شارون التي تستهدف احباط تلك الخطة والقفز على مستلزماتها ومقتضياتها كما احبط من قبل كافة المبادرات السلمية واحدة تلو الأخرى وقفز عليها جميعها دون حسيب أو رقيب, وليس ادل على القفز الجديد من افشال شارون للاجتماع الأمني الفلسطيني/ الإسرائيلي يوم أمس الأول حيث اخفق في التوصل إلى نتائج حول الترتيبات الأمنية بالانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وبيت لحم لتتولى الحكومة الفلسطينية مسؤولياتها الأمنية فيهما, وهو فشل يؤكد اصرار حكومة شارون الدموية على الاجهاز على مشروع خطة خريطة الطريق وضربه في مقتل لاسيما إذا اقترن بدعوة شارون الأخيرة للمضي في بناء مستوطنات جديدة ولكن (دون طبل وزمر) كما قال, وتبقى المسؤولية الهامة والملحة في يد الإدارة الأمريكية التي بوسعها وهي تملك ادوات الضغط المناسبة على إسرائيل ان تفعل شيئا لانقاذ خطة خريطة الطريق من عثرتها الحالية, لاسيما في ضوء تأكيدات باول بان بلاده مصممة على تطبيق نصوص الخريطة بحذافيرها, وانها سوف تقرن اقوالها بالافعال.