ترى هل يتحقق الحلم الامريكي في الاستيلاء على مقدرات العراق، واستلاب ثرواته، واخضاع شعبه للهيمنة الاقتصادية الصهيونية بعد ان اصبح حكام تل ابيب يعدون العدة لاستقبال انابيب النفط العراقي بحجة تصديرها عبر البحر الابيض المتوسط، وكأنه لا توجد موانئ عربية يمكن منها ضخ النفط عبر المتوسط الى العالم.
يبدو هذا السيناريو مقدمة لضم دول مجاورة اخرى في هذه الاجندة التي تعمل الولايات المتحدة على تنفيذ خطواتها بحرص شديد، وبمبررات لن يكون اولها لا آخرها اسلحة الدمار الشامل، او مكافحة الارهاب، فهذا هو منطق القوة الغاشمة.
وكما ان قراءة اسرائيل لاوراق الانتفاضة يحتاج الى اعادة نظر من حكام تل ابيب، فان قراءة اوراق احتلال العراق تحتاج ايضا الى اعادة قراءة في ظل ما تشهده الاوضاع في العراق من اضطرابات يزعم الامريكيون ان فلول الحكم المنهار هو المحرك لها، بينما الدلائل تشير الى ان هذه الاضطرابات كما تسمى ليست سوى مقاومة للاحتلال تقوم بها جميع القوميات العراقية، بعد ان فضل ازلام النظام الهروب من المعركة، وتسليم العراق لقمة - لن تكون سائغة- للاحتلال الانجلو امريكي، هذا الحلم الامريكي بدأت تعتريه بعض الكوابيس، حتى من داخل امريكا نفسها، ويتمثل ذلك في بروز علامات استفهام كبيرة حول مبررات الحرب ضد العراق، بعد الفشل في العثور على اسلحة الدمار الشامل، وما يحدث في واشنطن يحدث في لندن، وربما بصورة اكثر وضوحا وجلاء.
واشنطن بطبيعة الحال لن تتراجع عن تحقيق حلمها الوردي هذا، لكن بالمقابل وكما تشير الاحداث لن يكون الثمن سهلا، ولن يكون الثمر حلوا، والعراقيون بعد سقوط الطاغية لن يرضيهم استبدال طاغية مستبد، بمحتل يعزلهم عن اختيار المستقبل الذي يريدون الوصول اليه، محتل لن يكتفي بالشكر على ما قام به من اسقاط النظام الفاشي، بل يطالب بالثمن، وياله من ثمن باهظ وظالم.
ما اكثر الويلات التي تعرض لها العراق، لكن شعبه ظل دائما يقاوم القهر والاستبداد، ويرفض السيطرة الاجنبية بكل اشكالها، وما اكثر الضحايا العراقيين الذي طحنتهم الحروب على امتداد التاريخ، فكانت دماؤهم وقودا لشعلة الحرية والاستقلال.