لا يمكن ان تتم الهدنة من طرف واحد هو الطرف الفلسطيني في الوقت الذي يعيث فيه الجيش الاسرائيلي فسادا وخرابا وتدميرا في المدن والقرى الفلسطينية, وهذا يعني بصريح العبارة دون تلميح ان الشعب الفلسطيني بحاجة الى ضمانات امريكية بانسحاب اسرائيل من قطاع غزة وبيت لحم انسحابا كاملا غير مشروط, ووقف الاغتيالات والاعتداءات والاعتقالات الجماعية, وبدون هذه الضمانات فان من المتعذر ايقاف التوتر بين الطرفين, فاسرائيل على استعداد دائم لنقض عهودها ومواثيقها, ولن يوقف هذا النقض الا تلك الضمانات المقترحة التي سمعتها رايس بوضوح اثناء زيارتها الحالية للمنطقة, فقد تمرست اسرائيل على مزاولة ألاعيبها المكشوفة للقفز على مسلمات ومعطيات مختلف المبادرات السلمية المطروحة على الساحة ما دامت تحمل نصوصا صريحة لاقامة الدولة الفلسطينية المستقلة, وليس أدل على ذلك من التسويفات التي طرحتها في الاجتماع الأمني الأخير مع الجانب الفلسطيني يوم امس الاول واستغرق زهاء خمس ساعات, وكانت اسرائيل تريد الوصول الى قرار يقضي بتفكيك البنى التحتية للتنظيمات الفلسطينية, فهي في كل اجتماع أمني تحاول اختلاق أزمة جديدة للنفاذ منها الى طريقة تتمكن معها من اجهاض خطة خريطة الطريق والقفز على معطياتها, وازاء ذلك فان من الضرورة بمكان ان تتحمل الولايات المتحدة مسؤولياتها كاملة تجاه تسويفات اسرائيل ومماطلاتها وألاعيبها المكشوفة للاجهاز على المبادرة السلمية الرباعية الأخيرة بحكم أنها الراعي الاول للسلام في المنطقة, فان لم تتمكن من ممارسة الضغوط المناسبة على اسرائيل فلا مناص من اعطائها الضمانات المطلوبة للسلطة الفلسطينية حتى يمكن التوصل الى اسلوب عملي للتسوية, فالفصائل والتنظيمات الفلسطينية على استعداد للقبول بهدنة يتم على ضوئها وقف اطلاق النار شريطة ان تلتزم اسرائيل من جانبها بوقف عملياتها العسكرية ضد الفلسطينيين, ووقف الاغتيالات والاعتقالات الجماعية, وشريطة ان يحصل الفلسطينيون على ضمانات امريكية واضحة حول هذه الشروط, فالسلطة الفلسطينية فقدت الثقة تماما في اسرائيل التي جبلت على نقض كل عهد وتبديد اي امل في السلام, ومن المنطقي ان تطالب السلطة الفلسطينية بتلك الضمانات حسما لأي تسويف اسرائيلي من شأنه ان يعطل المسيرة الحثيثة التي تبذلها عدة اطراف بما فيها الطرف الامريكي للوصول الى الاسلوب الأنسب للبدء في تطبيق خطة خريطة الطريق.