لم تعد شبكة الانترنت حكرا على الباحثين والقادرين بل أصبحت أيضا ملاذا للمتسولين وهو ما أتى الى الوجود بمصطلح (الاستجداء الالكتروني). ويلجأ الى هذه الوسيلة بعض من يريدون خفض ديونهم الائتمانية أو اليائسين من الحصول على نقود لتسديد تكاليف دروس الموسيقى أو ببساطة من تعبوا من العمل ويخجلون من استجداء الناس في الطرقات. ورغم ذلك يبدو أن هذه الطريقة لاقت نجاحا لدى البعض. فمثلا تقول كارين بوسناك في موقعها على شبكة الانترنت انها سددت في الشهر الماضي ديونا ائتمانية تراكمت عليها أثناء اقامتها في نيويورك بلغت 20 ألف دولار بعد أن أسهم متصفحون للانترنت بأكثر من 13 ألف دولار في سبيل قضيتها. والآن بعد أن سددت بوسناك ديونها تحولت الى مساعدة أمثالها بارشاد متصفحي الانترنت الى متسولين آخرين مثل مغني الاوبرا الطموح الذي يحاول تسديد تكاليف دروس في الصوت وقروض لدراسته الجامعية. وأثناء مشوارها لتسديد ديونها استغلت بوسناك شهرتها التي اكتسبتها حديثا في الظهور في برامج حوارية كما يقال انها عقدت صفقة لتأليف كتاب. وكانت شركة ياهو قد استحدثت في عام 1996 تصنيف (متسولون) في موقع دليلها الشهير على شبكة الانترنت وكان يضم وقتها أربعة مواقع. لكن ميشيل هايمبورجر كبيرة متصفحي الانترنت بالشركة قالت: ان التذبذب في النشاط والاختلاف بين المواقع دفعا الى اعادة تسمية هذا القسم بالاستجداء الالكتروني. وقالت هايمبورجر ان هذا القسم يضم حاليا 51 موقعا تتراوح بين من يطلبون النقود بلا خجل وآخرين يسعون للحصول على دعم مالي لتسديد قروض أو تكاليف علاج طبي. ولا يريد ريتش شميت وهو مسوق موسيقي حر أقل من الظهور في برنامج تلفزيوني شهير يقدمه ديفيد ليترمان.. والنقود بالطبع. يقول شميت: الانترنت بالنسبة لي فوضى ابداعية. كل ما أردته هو أن أترك بصمتي. لقد فكرت.. ماذا لو أن واحدا بالمائة من متصفحي الانترنت استجابوا وأرسل لي كل منهم دولارا.. كان ذلك الباعث على هذه الفكرة. وجمع شميت من خلال موقعه على شبكة الانترنت الذي أنشأه قبل ثلاثة أعوام تقريبا أكثر من 4800 دولار. ويتعرض شميت في موقعه لحالات غيرة من المتسولين عبر الانترنت كما يسمح لغيره بنشر رسالة قصيرة أو اعلان بحثا عن متبرع. وفي البداية كان شميت يطلب من زوار موقعه أن يرسلوا اليه دولارا عبر البريد العادي لكنه سرعان ما تحول الى خدمة الدفع الالكتروني (باي بال) التي تسهل تحصيل الاموال عبر شبكة الانترنت. وقال شميت: أتلقى رسائل الكترونية كثيرة من أشخاص يعانون بالفعل مصاعب وينشدون النصيحة. اذا كانوا يعتقدون أنهم سينالون الثراء بهذه الطريقة فهذا لن يحدث. كان هدفي أن أحل ضيفا على برنامج ديفيد ليترمان ومن يدري فقد أجمع مئات الالاف من الدولارات وأتمكن من الظهور فيه. لكن شميت يقول: انه على المدى القصير سيبدأ في بيع مساحات اعلانية على موقعه على شبكة الانترنت ليتمكن من شراء عربة (فان) صغيرة جديدة لعائلته. ومن المواقع الاخرى التي يشملها تصنيف الاستجداء الالكتروني موقع (رجل ممسحة الانترنت المطاطية) الذي يمكنه غسل ما بداخل شاشة جهاز الكمبيوتر نظير القليل من النقود. كما تقول بيني هوكينز انها تأمل في جمع نقود تكفي لانهاء دراستها في كلية التمريض حتى يتسنى لها الحصول على الطلاق من زوجها. وقد تلقت حتى الآن أكثر من 1500 دولار عبر موقعها على شبكة الانترنت. وقالت: انه بالاضافة الى التبرعات التي وصلتها عبر البريد الالكتروني فقد تلقت جرعة صحية من تعليق زوار موقعها على قضيتها. وقالت هوكينز: فيما يتعلق بأكثر الردود جنونا.. يسعني القول انها مهداة الى متعصبين دينيين يريدون انقاذي أو انقاذ زواجي أو الاثنين معا. لكن ناتالي التي تلقب نفسها بأميرة ويستوود في أوهايو قد لا تحصد كثيرا من التعاطف. وهي تقول في موقعها على شبكة الانترنت :انه يتعين على الناس التبرع لها بالنقود لان مجرد تصورها لعالم يضطر فيه شخص يتمتع بموهبتي الى العمل سيكون تفكيرا مخيفا وقد يفسد طلاء أظافري.
ويقول موقعها رغم ذلك انها تلقت 1473 دولارا وخاتما لاصبع قدمها وبطاقة هاتفية وكتبا.. وبعض تهديدات بالقتل. لكن هذا كله يبعث على التساؤل.. لماذا بالتحديد قد يرغب أي شخص في التبرع بنقوده التي كد في اكتسابها لمتسول على شبكة الانترنت.
يقول شميت: أعتقد أنه عندما يزور أناس الموقع فهم يفكرون ليتني فكرت في ذلك قبلا وفي ضوء ذلك يتبرع الناس بدولار. ومع نجاح مواقع الاستجداء الالكتروني فان الامر لا يخلو حتما من سخرية وذلك مثل موقع لا تنقذوا كارين الذي يرد على موقع أنقذوا كارين. ويقول بوب وبن مبتكرا موقع لا تنقذوا كارين انهما أيضا متسولان عبر الانترنت ولا يتظاهران بكونهما أي شيء آخر. فاذا كان لدى أي شخص دولار زائد فهما يعدان بانفاق نقودك بطرق مبتكرة وخلاقة بدلا من استخدامها في تسديد أي فواتير أو مساعدة أطفال يتضورون جوعا في افريقيا.