بعد مضي ما يقرب من شهرين على تولى بول بريمر المسئولية في العراق , مازالت السلطات الامريكية تحاول الخروج من هذا الظلام الذي انغمست فيه .
و من بين المشاكل التي تواجه السلطات الامريكية في العراق ان الكهرباء والمياه لم يتم امداد جميع المناطق بهما حتى الان كما ان الملايين من الذين كانوا يعتمدون في معيشتهم على النظام السابق مازالوا لا يعملون كما انهم لا يحصلون على أي دخل . كما ان مستويات المعيشة لم يتم تحسينها لتصل على اقل تقدير الى ما كانت عليه قبل الحرب , كما تم حفظ او تأجيل خطط اضطلاع العراقيين بتشكيل حكومة مؤقتة .
وحاليا, وفي اماكن كثيرة , يقوم الجنود الاجانب بواجبات الشرطة , هؤلاء الجنود الذين يجهلون الكثير عن العادات المحلية كما انهم مدربون على الرد على التهديدات بالقوة الكاسحة وليس بكلمات التهدئة .
السمة الاساسية هنا هي الفشل في دمج العراقيين بعمق في عملية اعادة بناء مجتمعهم . وتستطيع سلطات الاحتلال اذا تعاونت بشكل افضل مع الاساتذة والموظفين المدنيين العراقيين الاسراع بعملية اعادة بناء المجتمع كما انها ستقلل نسبة البطالة وتخفف الى حد ما الشكل العسكري الذي تبدو عليه .
ومن اكبر المشاكل التي تحتاج للحكمة في علاجها هي كيفية التعامل مع الملايين من اعضاء حزب البعث السابقين . في شهر مايو السابق قال بريمر ان جميع اعضاء حزب البعث سوف يحرمون من العمل في المستقبل داخل القطاع العام . وحتى الان يبدو انه افتقر الى الحكمة في هذا التصريح .
وفي عهد صدام لم يكن بالضرورة عضو حزب البعث شخصا ذا توجه سياسي او ايديولوجي وانما كانت عضوية حزب البعث ضرورة من ضروريات الحياة وكانت بطاقة عضوية حزب البعث تعتبر من الاوراق الاساسية للتقديم في الجامعات والمدارس او للعمل لدى الحكومة او على الاقل تجنب الملاحقات الامنية .
ان قادة حزب البعث وتلك الجماعات التي تنظم الهجمات على الجيش الامريكي هم من يجب حرمانهم من تولي أي منصب او وظيفة في الحكومة الجديدة ولكن هذا لا يجب ان ينطبق على الاف الابرياء من اعضاء حزب البعث حيث يجب اشراك العراقيين في اعادة بناء بلدهم .
ويبدو ان السيد بريمر بدأ يفهم ابعاد المشكلة حيث انه تحدث عن حرمان 30 الف قائد بعثي فقط من الوظائف الحكومية مما يجعل ما يقرب من 90% من اعضاء حزب البعث مؤهلين لشغل الوظائف الحكومية . كما انه اقترح انشاء محكمة جنائية جديدة والتي من الممكن ان يعمل بها قضاة بعثيين سابقين .
من ناحية اخرى وافق السيد بريمر على دفع رواتب 250 الف جندي عراقي سابق كما اقترح تشكيل جيش عراقي جديد اقل عددا على مدى السنوات القليلة القادمة مما يسمح بالاستفادة من الخبرات السابقة في الجيش العراقي. ويتم تشكيل جيش اخر وقوة شرطة اخرى بقيادة جديدة والتي من الممكن ان تضطلع بالمهام التي تقوم بها القوات الامريكية والبريطانية الان للحفاظ على الامن والاستقرار في العراق .
وعلى واشنطن ان تقوم بكل ما تستطيع من اجل اعادة احياء العراق وذلك لكي تعالج ما لحق بسمعتها حاليا وتأمين الامن والسلام في الشرق الاوسط . وهذا قد يتطلب المزيد من الاهتمام من قبل البيت الابيض والمزيد من الدعم المادي من قبل الكونجرس والاهم من كل ذلك تنظيم المشاركة الفعالة للشعب الشعب العراقي في هذه العملية .
@ نيويورك تايمز