عمدت شركات القروض، في المدة الأخيرة، إلى حرمان الموظفين العموميين البالغين من العمر خمسة وخمسين عاما فما فوق من القروض. وذلك - حسب ما يروج في أوساط الموظفين- بناء على توجيهات من وزارة المالية. هذا الإجراء، الذي خلف استياء كبيرا في أوساط الموظفين، يمس لا فقط الموظفين المعنيين به وإنما أسرهم أيضا. فالجميع يعلم أن أوضاع الغالبية العظمى من موظفي القطاع العمومي لا تسمح بتسديد النفقات الضخمة التي قد يتطلبها العلاج، أو تمدرس الأبناء، أو غيرها من متطلبات الحياة. وبالنتيجة فإن الحل الوحيد، والأوجه، الذي يظل متاحا أمام هذه الفئة هو قروض الاستهلاك. وبالعودة إلى طرق تسديد القروض الاستهلاكية فإن مدة تسديدها لا تتعدى في أغلب الحالات ثمانية وأربعين شهرا، أي أربع سنوات. وبالتالي فلا معنى لحرمان الموظف الذي لا تزال أمامه أربع أو خمس سنوات من العمل من حقه في الاستفادة من القروض. أضف إلى هذا أن وزارة المالية كان عليها -قبل أن تلجأ إلى إجراء من هذا القبيل- أن تضع البدائل الضرورية الكفيلة بتعويض الموظفين المتضررين من هذا الإجراء.
أما والبدائل التي من هذا القبيل غائبة على أرض الواقع مثلما هي غائبة أيضا عن تصورات وزارة المالية و"تخطيطاتها" فإن حرمان الموظفين العموميين البالغين من العمر خمسة وخمسين سنة فما فوق من قروض الاستهلاك لا يمكن اعتباره إلا حيفا آخر يضاف إلى كل أصناف الحيف التي يعاني منها الموظف العمومي. وحيال هذا يبقى من الضروري أن تراجع وزارة المالية قراراتها في هذا الشأن سيما وأن اختتام المسار المهني للموظف العمومي بحرمانه من الاستفادة من القروض له آثار حتمية وخيمة على أداء الموظف في السنوات الأخيرة من مشواره العملي، مثلما له نفس الآثار - أو ربما أكثر- على النفسية العامة للموظفين.