تعتبر المنطقة العربية ذات جاذبية عالية للإستثمارات بقطاعات النفط والغاز، والبتروكيماويات حيث تتمتع بجاذبية جيدة للاستثمار في مشروعاتها الواعدة، وتعتبر صاحبة أكبر احتياطي مؤكد للنفط في العالم أي حوالي (62بالمائة) وثاني أكبر احتياطي مؤكد للغاز الطبيعي عالميا أي نسبة (25بالمائة) وتتمتع أيضا بمزايا استغلال مواردها الغازية والنفطية. على ضوء ذلك، كم يبلغ حجم الاحتياجات الاستثمارية للمشروعات البترولية الجديدة في المنطقة العربية حسبما تشير التوقعات وذلك في الفترة من 2002 إلى 2006 ؟ تشير التوقعات والدراسات الى ان حجم الاحتياجات الاستثمارية للمشروعات البترولية الجديدة في المنطقة العربية المخطط لها تقدر بحوالي 84 مليار دولار منها 21 مليار دولار لزيادة الطاقة الإنتاجية للنفط مايعادل (25بالمائة)، و36 مليار دولار لقطاع الغاز و7 مليارات لقطاع التكرير 8 و20 مليارا لقطاع البتروكيماويات أي (24بالمائة) وذلك في الفترة من 2002 إلى 2006 علما أنه تم تحديد النسب المئوية للتمويل التجاري لكل قطاع على حدة من واقع خبرة شركة (أبيكورب) التابعة لمنظمة الدول العربية المصدرة للنفط ( أوابك) في تمويل المشروعات ووقوفها على مستجدات ظروف التمويل في الأسواق العربية والعالمية. وتوقعت الشركة أن يساهم التمويل التجاري باسلوب تمويل للمشروعات بنحو 35 مليار دولار أي ما نسبته 42 بالمائة من إجمالي الاحتياجات الاستثمارية المتوقعة منها 2 مليار دولار أي ما يمثل 10 بالمائة من إجمالي الاحتياجات الاستثمارية المتوقعة لزيادة الطاقة الإنتاجية للنفط، مقابل 19 مليار دولار أي ما يعادل 55 بالمائة من إجمالي الاحتياجات الاستثمارية المتوقعة لمشروعات الغاز، و2.5مليار دولار اي 40بالمائة من احتياجات مشروعات التكرير، و11.2مليار دولار اي 60بالمائة من الاحتياجات الاستثمارية للمشروعات البتروكيماوية. سيبلغ نصيب المؤسسات المالية العربية حوالي 10 الى 11 مليار دولار أي ما يعادل 30الى 40 من إجمالي احتياجات التمويل التجاري ، حيث أن أغلبية هذه المشروعات تنتظر التنفيذ، وأن بعضها قد لا ينفذ أو يؤجل تنفيذه لأسباب تتعلق بظروف المشروع أو التطورات السياسية الإقليمية والدولية. لقد مرت وسائل التمويل التجاري لمشروعات النفط والغاز بعدة مراحل تطور خلالها حتى وصل إلى شكله الحالي حيث تبنت التمويل حكومات الدول المعنية بتدبير التمويل اما من السيولة المتوافرة أو بالحصول على قروض خارجية حكومية ثم بدأ قطاع النفط والغاز في الاعتماد على نفسه تدريجيا معربا أنه الدعم الحكومي اقتصر على أنواعه غير المباشرة مثل توفير المرافق العامة، والمزايا الضريبية. و مع التركيز على المشروع كوحدة لها كيانها المستقل انعكس ذلك على التمويل حيث بدأت مرحلة جديدة بالانتقال من التمويل الحكومي إلى تمويل الشركات، وإرتفع حجم التمويل المطلوب من المؤسسات المالية إلى حوالي 60 إلى 70 بالمائة من تكلفة المشروعات أي حوالي ضعف رأس المال المدفوع من الشركاء إيذانا ببداية المرحلة التالية (تمويل المشروع)، وأسلوب تمويل المشروعات لجأ المساهمون إلى إصدار سندات تمويلية لتغطية جزء من الاحتياجات الاستثمارية للمشروعات الكبيرة مثلما حصل مشروع غاز رأس لفان في قطر قيمة سنداته المصدرة 1.2مليار دولار. ولفت (إبيكورب) الى أن العديد من الشركات العربية تدرس حاليا استخدام هذا الأسلوب كمصدر استراتيجي هام للتمويل موضحا أنه طالما ظل السوق الرئيسي للاستثمار في السندات خارج الدول العربية فإن الريادة في ترتيب، وتسويق السندات ستكون في الأغلب لمؤسسات التمويل الأجنبية، ما لم تتدخل الشركات المقترضة وتبدي اهتمامها بأن تكون بنوكها الوطنية ومؤسسات التمويل العربية ضمن مديري التمويل. لقد صاحب تزايد الطلب على تمويل المشروعات ارتفاع فترة سداد القروض إلى أكثر من 10 سنوات مما سينعكس إيجابيا على التدفقات النقدية للمشروعات علما أنه صاحب ذلك تعدد اتفاقيات القروض، وتعقيد نصوصها نظرا لطبيعة ومخاطر أسلوب التمويل بدون حق الرجوع ولدخول أكثر من شريك أجنبي ومحلي (مؤسسين وممولين) في هذه الاتفاقيات. مع نمو وتطور صناعة النفط والغاز في المنطقة العربية وفتح مجال للاستثمار الخاص الوطني، والأجنبي زاد الطلب على التمويل التجاري باسلوب تمويل المشروعات، وتوسع نشاط مؤسسات التمويل العربية في دولها، واكتسبت المزيد من الخبرات التمويلية وصولا إلى قيام البنوك المحلية، والإقليمية بدور هام ومتزايد في ترتيب تمويل مشروعات النفط، والغاز، والمشاركة فيها. وشددت الدراسة التي أعدها رئيس الشركة تحت عنوان (الاحتياجات الاستثمارية المتوقعة لقطاعات النفط والغاز والصناعات البتروكيماوية في المنطقة العربية) على دور المؤسسات المالية، والبنوك العربية الذي يزداد أهمية وصعوبة نظرا للتنافس الشديد بين المؤسسات المالية على زيادة حجم تمويلها وزيادتها لترتيب القروض، في اشارة الى أن القدرة على الاكتتاب بمبالغ كبيرة أصبحت أحد أهم عناصر التمييز وتزامن ذلك مع تنفيذ مشروعات ذات احتياجات تمويلية ضخمة، وسيكون للمؤسسات المالية الكبرى ذات المتانة المالية، والحجم الكبير. واعترفت الدراسة أنه فيما عدا عدد محدود من البنوك العربية فإن متوسط حجم القطاع البنكي العربي يعتبر صغيرا مقارنة بالبنوك العالمية وبحجم الاكتتاب المطلوب لقروض مشروعات النفط والغاز، ومازالت أغلبية المصارف العربية تركز على التمويل داخل حدود دولها مما يحجم القطاع البنكي العربي، ويجعل تجميع المصادر من البنوك العربية، المختلفة لتمويل مشروع في دولة معينة أمرا ليس باليسير. وتوقعت أن تبلغ حصة البنوك المحلية، والإقليمية من إجمالي مبالغ التمويل المطلوب توفرها خلال الفترة قيد الدراسة بين 30 إلى 40 بالمائة وهي حصة على أهميتها مازالت دون الطموح إذا ما قورنت بحجم القاعدة المالية المتوافرة لهذه المنخفضة نسبيا إلى المنافسة الشديدة مع البنوك العالمية للحصول على أدوار التمويل الرئيسية في المنطقة، ولمشاركتها في الاكتتاب بمبالغ كبيرة. وأوضحت أنه على الرغم من السيولة المالية العالية لدى بعض البنوك العربية المحلية إلا أنها تتردد المشاركة بالتمويل لآجال طويلة كما هو مطلوب في مشروعات النفط، والغاز، والبتروكيماويات خاصة خارج دولها كما أن العديد منها لا يمتلك القدرات الفنية المطلوبة للعب الأدوار الرئيسية في التمويل . وكشفت الدراسة أنه نظرا لضخامة الاستثمارات اللازمة يسعى العديد من الدول العربية إلى فتح المجال أمام الاستثمارات الخاصة العربية، والأجنبية للمساهمة والمساعدة في توفير الأموال المطلوبة مشيرا إلى اتخاذ عدد من الخطوات العملية لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية لقطاع النفط وإنشاء تحالفات بين الشركات النفطية العالمية، والوطنية بهدف توفير الاستثمارات المطلوبة، والاستفادة من الخبرة الفنية المتقدمة التي تستطيع شركات النفط العالمية توفيرها اضافة إلى إمكانية الاستعانة بالمصارف العربية والمؤسسة الإقليمية لتوفير التمويل اللازم. ونادت الدراسة بضرورة إيجاد سوق نفطية متوازنة ومستقرة تلبي تطلعات المنتجين (والمستهلكين) حيث يعتبر ذلك أمرا ضروريا لحفز الدول المنتجة والمصدرة لزيادة استثماراتها النفطية إذ من المتوقع أن يكون لدى الدول المصدرة للنفط الحافز المالي أو الموارد الكافية للاستثمار في توسعة طاقتها الإنتاجية في ظل سوق مستقبلة ومتأرجحة الحال في الوقت الراهن، والمستقبل المنظور نظرا لكلفتها المالية الباهظة من جهة وعدم التأكد من توافر الطلب، والسعر المناسب من جهة أخرى علما بأن هذا تؤكد عليه سياسات الدول العربية المنتجة للنفط من خلال دورها في منظمة الأوابك وسعيها لتحقيق معادلة سعرية مناسبة تفاديا لحصول تذبذب كبير في الأسعار. وحول مشروعات تحويل الغاز لمشتقات بترولية ذكرت الدراسة أن مشروع قطر للبترول ساسول بطاقة 34 ألف برميل يوميا باكورة هذه المشروعات في المنطقة العربية وأكثرها تطورا يليه المشروع الذي تفكر شركة (شل) العالمية في إقامته في دمياط بالتعاون مع الهيئة العامة المصرية للبترول بطاقة 70 ألف برميل يوميا سيستخدم هذان المشروعان نحو مليار قدم مكعب يوميا من الغاز الطبيعي تعادل نحو 10 مليارات متر مكعب سنويا لإنتاج المشتقات البترولية بالطاقات السابقة.
الطاقة الانتاجية
ولوحظ أن مشروعات التكرير العربية لا تستهدف زيادة طاقة التكرير الابتدائية في المنطقة إلا بنسبة ضئيلة جدا حوالي 3بالمائة، وقد عزت الدراسة ذلك إلى أن الدول العربية على الوجه الاجمالي تمتلك فائض طاقة تكرير كافية لتغطية الاستهلاك المحلي خلال الاعوام المقبلة.