يزداد قلق العراقيين من احتمالات تردي أوضاعهم المعيشية في حال إيقاف العمل بالبطاقة التموينية التي اعتادوا عليها طيلة 13 عاما من الحصار والتي كانت تؤمن لهم نصف ما يحتاجونه تقريبا من الغذاء بأسعار رمزية لا تتجاوز دولارا للفرد الواحد.
وازداد هذا القلق مع تصريحات بدأت تنشرها الصحف العراقية حول احتمال تعويض البيت العراقي بعشرين دولار شهريا تعويضا عن البطاقة التموينية في حال وقفها على أساس ان الحصار رفع عن العراق وفق قرارات مجلس الأمن الدولي، ويبدو ان هذا القلق العراقي قد دفع بريمر الى الإعلان في مؤتمر صحفي يوم السبت الماضي في بغداد الى التنويه عن هذا الموضوع حيث أكد ان الإدارة الأمريكية ربما تدرس تمديد العمل ببرنامج مذكرة التفاهم النفط مقابل الغذاء والدواء لفترة إضافية دون ان يؤكد نتيجة ما ستقرره الإدارة الأمريكية.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه برنامج الأغذية العالمي انه ومن اجل إيصال المواد الغذائية للعراقيين ضمن البطاقة التموينية اضطر الى الاستعانة بعدة موانئ أخرى في الدول المجاورة مثل الأردن وسوريا ولبنان وتركيا وإيران لعدم حفر قنوات ميناء أم قصر وعدم صلاحيته في الوقت الحاضر لاستقبال السفن الكبيرة بعد ان تضرر بسبب الحرب.
يؤكد العراقيون من خلال الصحف ومن خلال مقالات وآراء لعدد من خبراء الاقتصاد أهمية استمرار العمل بمذكرة التفاهم التي تدعم البطاقة التموينية لكونها المنقذ الوحيد للعراقيين في الوقت الحاضر وضرورة استمرار نظام الحصة التموينية في العراق الذي يتطلب توفير نصف مليون طن شهريا من المواد الغذائية خاصة بعد ان تعرض اكثر من ثلاثة ملايين عراقي للبطالة بسبب حل الوزارات وإقصاء الموظفين من الخدمة في الدولة اضافة الى أفراد الجيش العراقي السابق.
ومع ان العراق تسلم كثيرا من المساعدات الإنسانية لسد النقص في الغذاء مما يمكن ان يعوض إيقاف الحصة التموينية ، الا ان مبعث القلق من تدهور الوضع الغذائي يأتي من خلال ما يشار الى ان هذه المساعدات لم تصل العراقيين.
فمنذ أسابيع لم تتوقف الصحف العراقية من توجيه الاتهامات المستمرة حول سرقة مواد المساعدات الإنسانية التي تصل العراق وعدم وصولها الى العراقيين بشكل مباشر مع الإشارة الى انها تباع في الأسواق العراقية بأثمان كبيرة وخاصة المواد الغذائية حيث تصل الى العراق مجانا وبإشراف القوات الأمريكية والبريطانية ومن دول عديدة في العالم.
المساعدات الإنسانية التي تشكل الآن أحد اهم المنافذ التي تخفف معاناة العراقيين ما زالت تصل الى العراق ولكن دون استقرار وعدالة في التوزيع ويؤكد ذلك حجمها الكبير الذي ورد الى العراق وخاصة عن طريق الخليج العربي الى موانئ العراق جنوبا او ما وصل الى العراق عن طريق سوريا والأردن.
ويؤكد مدير برنامج الأغذية العالمية في العراق ان شحنات المواد الغذائية التي تم جلبها الى العراق منذ بداية نيسان ـ أبريل الماضي والتي تصل الى اكثر من مليون طن تكفي لاطعام الشعب العراقي لمدة شهرين مشيرا الى ان اعتماد برنامج الأغذية العالمي على ميناء أم قصر في تزايد مستمر وذلك لخفض تكاليف النقل وخلق فرص عمل لابناء هذه البلدة الصغيرة وكذلك لدعم وسائط النقل العراقية.
ومع ان لا أحد في العراق ينكر الإحصائيات التي يذكرها مدير البرنامج الغذائي في العراق الا ان جميع العراقيين يشكون من عدم وصول التغذية إليهم ويؤكدون انهم يقومون بشرائها من الأسواق وهي غالبا ما تمثل النسبة الأكبر من غذاء الأطفال او الأدوية المهمة التي تديم حياة العراقيين في هذا الظرف ، وقد وصل الحد ببعض الصحف الى ذكر بعض الأسماء التي تقوم ببيع هذه المواد او المتاجرة فيها في أسواق العراق الكبيرة في الوقت الذي يشكو فيه العراقيون من تدهور أوضاعهم المعيشية بسبب توقف صرف الرواتب لشرائح اجتماعية كبيرة.
ويزداد قلق العراقيين مع استمرار تدفق المساعدات التي لم يروا أثرا لها على المائدة العراقية الا ما يأخذونه من الحصة التموينية المعتادة التي توقفت عن توزيع حليب الكبار وبعض الأغذية الاخرى المهمة التي اعتاد عليها العراقيون في الحصة قبل سقوط النظام في العراق.
وكان برنامج الأغذية العالمي قام بإرسال عدد كبير من موظفي وحدة النقل والإمداد الى العراق والدول المجاورة في حين يتولى الإشراف على مجمل العملية في العراق من مكتبه في لارنكا - قبرص حيث أعلن البرنامج انه سوف يستمر في دعم وزارة التجارة العراقية لكي تتمكن من إدارة نظام توزيع الحصص التموينية الشامل في العراق.
و تشير الدراسات قبل الحرب الى ان 60% من 26 مليون عراقي كانوا يعتمدون وبصورة رئيسة على الحصة التموينية الشهرية المتسلمة كمصدر للدخل الوحيد لهؤلاء الأفراد وعوائلهم و ان وزارة التجارة العراقية تمكنت من إعادة برنامج الحصة التموينية الى الحياة في الأول من حزيران ـ يونيو الماضي بدعم وإسناد كاملين من برنامج الأغذية العالمي، الا انه مهدد بالتوقف واستبداله بتعويضات مالية لا تسد الحاجة الحقيقية للعائلة العراقية.