عزيزي رئيس التحرير
لا شك ان للزواج فوائد عظيمة تتمثل في بقاء الانسان وصلاح المجتمع وقوة النسل والتخلص من الامراض الفتاكة واختلاط الانساب والنزاع والفتن التي تكون بسبب التكالب على النساء. ولولا الزواج لكثر الاطفال الذين لا يعرف آباؤهم فيتعرضون للضياع والشتات والتمزق. وبالزواج يتربى الاطفال في اسرة تهتم بهم وتعلمهم دينهم فيكثر عدد الموحدين لله عز وجل على الوجه الذي يريده الله, ومن هنا يخاطب النبي صلى الله عليه واله وسلم الشباب قائلا: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فيلتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء).
ثم عليك اخي المؤمن اذا اردت ان تتزوج ان تطرح على نفسك من هي المرأة التي تريد الاقتران بها وفي المستقبل تصبح اما لاولادك ومربية لهم وحافظة لفراشك وبيتك واسراره. وسريعا ما نجد الاجابة في حديث نبوي شريف: (تنكح المرأة لاربع لما لها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك) ذلك ان الشاب اذ نظر الى المال فحسب باعتباره قد يعينه على تبعات الحياة الزوجية واغفل الدين, فقد يقع في زوجة طاغية لا خلق لها, فلا تلتزم بما يأمر به الدين من صيانة الحياة الزوجية, واذا تزوجها لحسبها دون النظر الى دينها فقد تتخذ من حسبها مبررا للتعالي على زوجها, واذا تزوجها لجمالها دون دينها فقد تتخد من جمالها مناسبة للادلال والاذلال, اما اذا تزوجها لدينها فانها تحبه وتطيعه وتحقق له ما يشترك في الحياة الزوجية من السكن والمودة والالفة, وتصون نفسها عن الخسائس الدنيئة التي تجره وتجرها الى مالا يحمد عقباه, فلا تزري بزوجها ولا تسود وجه بين الناس, وكلما تحقق مع الدين شيء من موقومات المال والحسب والجمال كان ذلك محمودا, فالمرأة ذات المال مع الدين لا تطغى على زوجها ولا تعلو على الدرجة التي له عليها, بل تتخذ من مالها قوة تدفع بها شر الفاقة على أسرتها فتكون عونا لها على الزمان, وذات الحسب الطاهر والاصل الشريف والدين القويم تربي اولادها على المكارم والمروءات وعمل الصالحات, ولا يغيب عن عقلها انها من اصل طيب فلا تفعل الا طيبا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (تخيروا لنطفكم فان العرق دساس). وذات الجمال مع الدين الخالص تحقق السعادة لزوجها فتدوم الالفة وتقوى الحياة الزوجية.
وصفوة القول:
ان الدين اهم مقوم من مقومات الحياة الزوجية واهم ما يشترطه المؤمن في مخطوبته, فاذا كان مع غيره من مقومات المال والحسب والجمال كان ذلك اعلى واغلى لذلك لا تضع العراقيل في طريق زواجك بوضعك شروط في زوجتك لم أرى مستندا يسندها ولم اقرأ خبرا يقومها, واجعل شرطك الوحيد ان تكون عارفة بامور دينها محافظة على عفتها وشرفها فانك بهذا الشرط قد اطعت الله عز وجل واتبعت سنة نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وانت اختي المؤمنة:
عليك ان تسألي نفسك من هو الشاب الذي تريدين الاقتران به؟ وعليك ان تقولي لنفسك ولابويك انه ايضا صاحب الدين قبل كل شيء لانه ان احبك اكرمك وان كرهك لم يظلمك, اذا تزوجت الفتاة من شخص ليس له دين فقد يهملها وينحرف عنها, وقد يظلمها ولا يرعى فيها إلا ولا ذمة, والنبي صلى الله عليه وآله وسلم ينصحنا ويحذرنا فيقول (اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه, ان لا تفعلوا تكن فتنة في الارض وفساد كبير).
ايها الوالد العزيز وأيتها الوالدة العزيزة عليكما ان لا تضعا العراقيل في طريق زواج ابنتكما من وضع المهور الغالية والشروط اللامتناهية واعلما ان الامر يرجع الى ابنتكما لأنها هي التي سوف تعيش معه وليس انتما وعليكما بتوجيها اذا عزمت على اقتران نفسها بمن تريد وبينا لها مكانة الزوج ووجوب طاعته واشرحا لها حديث نبيكم محمد صلى الله عليه اله وسلم (لو كنت آمرا احدا ان يسجد لأحد لامرت المرأة ان تسجد لزوجها) وبينا لها قوله ايضا (ايما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة) وهكذا يكون الزواج السعيد يقول تعالى (ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) ويقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (الا اخبرك بخير ما يكنز المرء المرأة الصالحة اذا نظر اليها زوجها سرته واذا امرها طاعته واذا غاب عنها حفظته في عرضها وماله). ايها الابوان عليكما بتفقد زوج ابنتكما المتقدم لها والنظر الى دينه اكثر فاكثر ولا تغركما امواله المنقولة منها وغير المنقولة بل عليكما ان تنظرا فقط الى دينه وعفته وشرفه وغيرته وحميته لانكما سوف تسلمانه أمانة كانت في عنقكما فاذا كان المتقدم شاربا للخمر مثلا فلا تتساهل أيها الأب في هذا الامر وتزوجه ابنتك فانا وجودها عندك وتحت رعايتك الى ان تموت افضل من وجودها تحت رعايته ولو لساعة واحدة.
بعد ذلك الخصومة فيما بينهما وان يفعلا كل ما يؤدي الى التوافق بينهما والانسجام لتبقى حياتهما الزوجية في سعادة ورضى من الله سبحانه.
كاظم ياسين الحريب