أعتبرت مصادر مطلعة على أكبر مشروع تطوير حقول بترول في العالم في كازاخستان ان الخلاف بين حكومة كازاخستان ومستثمرين دوليين كبار في مجال البترول في طريقه الان إلى الحل، كان قد أدى لوقف الاستثمارات الاجنبية. وثار الخلاف بين الحكومة وكونسرتيوم من شركات البترول يقوم على استغلال حقول النفط قبالة ساحل كاشاجان في منطقة بحر قزوين بشأن غرامة فرضتها الحكومة بسبب تأخيرات من جانب الكونسرتيوم.
وسيعني حل الخلاف إمكانية توقيع عقود مع موردين للمرحلة الاولى من المشروع وانفاق نحو ثمانية مليارات دولار على مدى الاعوام الستة القادمة لتطوير الموقع.
ويقول محللون ومسئولون في صناعة البترول ان حجم الاستثمار الكلي على مدى السنوات الخمس عشرة المقبلة من المتوقع أن يتجاوز 20 مليار دولار. ورفض وزير الطاقة في كازاخستان فلاديمير شكولنيك التطرق إلى فحوى المفاوضات، غير أن متحدثا باسمه قال تم الاتفاق على القضايا الاساسية للتنمية وتجرى الاستعدادات الآن باتجاه الموافقة على خطة تنمية كاشاجان. ومن المتوقع أن ينتج الحقل الذي يعتقد أنه يضم خامس أكبر احتياطيات البترول في العالم أكثر من مليون برميل يوميا.
ومن شأن هذا أن يجعل من كازاخستان التي لا يتعدى عدد سكانها 15 مليون نسمة واحدة من بين أكبر خمس دول مصدرة للنفط في العالم. وتركز النزاع الذي عطل الموافقة على خطة تطوير الحقل التي قدمت في ديسمبر الماضي على تأخر الكونسرتيوم في حفر أول بئر استكشافية والذي كان مقررا له أن يبدأ عام 2000. وعقب التأخير طلب الجانب الكازاخستاني الكونسرتيوم بغرامة إعمالا لبنود اتفاق تقاسم الانتاج في حالة التأخر. لكن الكونسرتيوم المؤلف من عدة شركات نفط غربية رفض دفع الغرامة متعللا بأن التأخير يرجع لاسباب فنية وإنه بذل كافة الجهود الممكنة لحفر البئر الاولى حسب الاتفاق. ونتيجة للخلاف ضاع موسم العمل عام 2003 هباء لان منطقة شمال بحر قزوين تتجمد في الشتاء الامر الذي سيؤدي لمزيد من التأخير في إنتاج البترول. وقد أجبر رئيس كازاخستان نور سلطان نزار باييف الكونسرتيوم من الناحية الفعلية على التعهد ببدء الانتاج التجاري للبترول بحلول عام 2005 أي قبل عام من خططه الرامية لاعادة انتخابه لكن المصادر تقول الان أن هذا الموعد سيتأخر حتى عام 2007 على الاقل.
زيادة انتاج (النفط الاذرية) وفي نفس الاطار القزويني، فقد عملت شركة النفط الاذرية الحكومية على زيادة انتاجها النفطي خلال الاشهر السبعة الاولى من العام الحالي بمعدل 1.6% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي ليصل حجم الانتاج الى نحو 8.8 مليون طن.
وتراجع انتاج الغاز خلال نفس الفترة بنسبة ثمانية في المئة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي حيث بلغ 976.2 مليار لتر مكعب، علما بان كمية النفط المتوقع استخراجها خلال العام الجاري تبلغ حوالي 15.25 مليون طن من النفط الخام ونحو 5.4 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي.
يذكر ان اذربيجان تستورد حاليا نحو 5.5 مليار متر مكعب من الغاز عبر روسيا لسد حاجة السوق المحلي التي تقدر بـ 10 مليارات متر مكعب سنويا. من جهة اخرى اوضح المصدر ان الشركة طلبت من البنك الاوروبي للتنمية والاعمار منحها قرضا بقيمة 170 مليون دولار لتمويل حصة اذربيجان البالغة 10% بمشروع حقل الغاز "شاخدينيز" الواقع في بحر قزوين .
طموحات ايران بالهيمنة تتبدد
ومن جانب آخر، فربما تكون طموحات ايران للهيمنة على مستقبل طرق تصدير النفط في دول بحر قزوين قد تبددت مع وجود خط الانابيب الذي مدته (بريتش بتروليوم) بين باكو في اذربيجان وجيهان في تركيا، ولكن طهران لن تخرج من اللعبة اذ تعتزم زيادة صفقات تبادل الخام مع منتجين في روسيا وآسيا الوسطى.
وينتظر استكمال خط انابيب بميناء نيكا الايراني على بحر قزوين في نهاية اغسطس مما يسمح لايران بزيادة طاقتها من الخام القزويني ثلاث مرات وتعويض المنتجين بنفطها في الخليج. وقال لوران روشيكاس محلل بحر قزوين في كمبريدج انيرجي اسوشيتس "سيرا" ان ايران "خسرت الجولة الاولى في سباق تصدير النفط القزويني ولكنها لا تزال في اللعبة"، مشيرا الى حقل كازاك البحري الضخم الذي اثار سباقا بين ايران وموسكو وواشنطن للهيمنة على طرق التصدير من حوض قزوين النائي "عندما يبدأ كاشاجان في الانتاج عام 2007 لن يكون هناك طريق تصدير واحد لم يستخدم.
وبينما قد لا يستطيع الطريق الايراني منافسة كميات النفط التي تشحن عن طريق خط باكو/جيهان الذي تدعمة الولايات المتحدة فان وصلة نيكا/طهران ستزيد حجم المقايضة ثلاث مرات لتصل الى 150 الف برميل يوميا. ويمكن زيادتها الى 300 ألف برميل يوميا اذا اضيفت محطات ضخ اخرى. سيستطيع خط باكو/جيهان نقل مليون برميل يوميا. وقال بارفيز يوباني رئيس التوثيق في نفتيران انترتريد ومقرها سويسرا وهي الذراع المالي لمؤسسة النفط الوطنية الايرانية ان احجام المقايضة تتزايد ببطء وقد ترتفع الى 100 الف برميل يوميا في نهاية العام.
وبعد فشلها في البداية جددت ايران ميناء نيكا وتسهيلات التخزين لاستقبال ناقلات كبيرة ومزيد من الخام. في الآونة الاخيرة طلبت ايران من روسيا ست ناقلات سعة 60 ألف طن مقابل 240 مليون دولار وستتسلمها في بحر قزوين بحلول عام 2005. واعيد بناء خط الانابيب بتحسين وعكس اتجاه تدفق النفط من وصلة قديمة كانت تحمل الخام من مصفاة طهران الى منطقة شمال قزوين بايران.
ويقول محللون انه بينما تكفي طرق التصدير الحالية نفط قزوين فان الوضع سيتغير بمجرد أن يبدأ الحقل الذي يضم احتياطيا يبلغ تسعة مليارات برميل في الانتاج.
وقال روشكاس سيتعين على خط باكو/جيهان ان ينقل أيضا كميات من نفط اذربيجان اذا استمرت ايران في خفض أسعار المقايضة وعرض شروط مغرية فان بعض الخام القزويني سيستخدم خيار المقايضة. ويقول محللون انه حتى يبدأ حقل كاشاجان في الانتاج فان ايران يجب ان تركز على اجتذاب كميات من الخام الروسي. وفي مواجهة تزايد الانتاج وسعة تصديرية محدودة تعيد شركات روسية النظر من جديد في الخيار الايراني. وعن طريق خيار المقايضة تستطيع شركات روسية الحصول على موطىء قدم في أسواق آسيا الجائعة الى الطاقة. وحاليا تستطيع هذه الشركات شحن النفط شرقا فقط عندما تسمح رسوم الشحن وتنخفض اسعار النفط الاوروبي الى حد المنافسة مع خام الشرق الاوسط. وقال متحدث باسم شركة بترو/كازاخستان الكندية توصيل النفط عن طريق الخليج بدلا من البحر المتوسط له ميزة لان الخام يستطيع الذهاب الى اسيا حيث نستطيع الحصول على سعر أفضل. وفي يوليو وافقت الشركة على مقايضة 22 ألف برميل يوميا من حقل كومكول بكازاخستان اعتبارا من الربع لاخير لعام 2003. ووقعت شركة لوك اويل هذا العام صفقة لارسال 25 الف برميل يوميا تحملها ناقلات الى نيكا بينما قامت سيدانكو التي تهيمن عليها بريتش بتروليوم بمقايضة 100 ألف طن في يوليو.