من أبرز أعمال شارون التي يحرص على أدائها كل يوم إطلاق آلياته العسكرية لممارسة المزيد من الاجتياحات والاعتقالات والحصار وتجريف أراضي الفلسطينيين ومصادرتها ليس بحجة القضاء على ما يسميه الإرهاب الفلسطيني بل لإتمام مشروعه التعسفي لبناء جداره العنصري الفاصل رغم علمه بأن تفاصيل هذا المشروع وجزئياته يدق مسمارا أخيرا في نعش خطة خريطة الطريق، ان لم تكن هذه الخطة قد لفظت أنفاسها الأخيرة، لاسيما في ضوء إعلان شارون بأنه لن يقبل هدنة سلام جديدة مع الفلسطينيين إلا بعد تفكيك ما يسميه الفصائل الإرهابية، وكأن أفاعيله الإجرامية اليومية لا تمت الى الارهاب بصلة، غير أن مالا يخفى على أي مبصر وبصير وعالم بأساليب شارون العدوانية هو أن هذه الاعتداءات المتلاحقة والانتهاكات الواضحة وحملات الاعتقالات والاغتيالات اليومية لا تفسير لها إلا بمحاولة شارون توسيع دائرة الخلاف بين الفصائل الفلسطينية من جانب، وبينها وبين الحكومة المنتخبة، وهو بهذه المحاولة يتطلع الى وقوع صدام حقيقي بين تلك الفصائل والحكومة الفلسطينية أو إيجاد قطيعة تفضي إلى أزمات سياسية خطيرة على الساحة، ولعل من الملاحظ أن اسرائيل انفاذا لهذه المحاولة اليائسة عمدت إلى تهميش دور القيادة الفلسطينية لأنه دور (غير فاعل) على حد تصور شارون، وبالتالي فإن اسرائيل تحاول نقل رسالة تمويهية إلى دول العالم بأن السعي نحو اصلاحات سياسية فلسطينية جذرية غير مجد، وشارون بهذه الرسالة يسابق الزمن لتكريس الاحتلال كأمر واقع، وازاء ذلك فإنه يحاول تأجيج الأراضي الفلسطينية ووضعها على صفيح ساخن لرفع وتيرة ردود الفعل على عملياته العسكرية الاستفزازية حتى يتمكن في نهاية المطاف من اطلاق رصاصة الرحمة على خطة خريطة الطريق التي يبدو أن تحقيق بنودها أضحى مستحيلا في ضوء سياسة شارون العدوانية التي قطعت أي أمل في التوصل إلى تسوية.