أخبار متعلقة
اعتبرت الأحساء أكبر واحة في العالم، لوفرة الزراعة والمياه الجوفية فيها، وتميز إنتاج التمور والخضار والفواكه في المحافظة، غير ان الزراعة في الأحساء كانت تقليدية، ولم ترتق في مستواها، حتى مع استضافتها لمحطة أبحاث التمور والنخيل التابعة لجامعة الملك فيصل.
فهذه المحطة تتهم بأنها في واد وان المزارعين في الأحساء في واد آخر، وان أبحاثها نظرية فقط، ولم تكن على تماس مع واقع المزارعين في المحافظة، الذين يفتقدون للتواصل مع المسئولين والخبراء في هذه المحطة.
هذه الاتهامات يوجهها المزارعون في الأحساء، الذين التقت (اليوم) بعضهم، وكان هذا الاستطلاع:
مشاكل المزارعين كثيرة
في إحدى المزارع بقرية الطرف قال حمدان المبارك: مشاكلنا نحن المزارعين كثيرة، وأبرزها الحشرات التي تقتل الأشجار وتأكل الثمار، ولكننا ـ للأسف ـ لا نجد يد العون تمتد لنا من المسئولين في محطة الأبحاث، فهم لا يزوروننا لتلمس معاناتنا. كما ان الجهات الأخرى مثل اللجنة الزراعية في مركز التنمية الاجتماعية بالجفر لا تملك إمكانيات كافية لمساعدتنا، فلا يوجد بها سوى موظف واحد.
للأبحاث فقط
ولا يجد جواد المطر، الذي يملك مزرعة في الفضول، أي اهتمام من المحطة، يقول: الحشرات تتكاثر، وتقضي على الثمار، ولا يوجد من يزودنا بالمبيدات الحشرية، أما المحطة فهي ـ كما يبدو من اسمها ـ للأبحاث فقط، فلا توجد دراسة ميدانية للاطلاع على حال المزارعين، ومناقشة مشاكلهم، والحصول على آرائهم ومقترحاتهم، وحين نراجعهم لا نجد أي تجاوب منهم.
ويطالب المطر بإيجاد اجتماعات دورية بين المسئولين في المحطة وكذلك المسئولين في وزارتي الزراعة والمياه من جانب والمزارعين من جانب آخر.. يضيف: لقد بدأنا نخسر أشجار الليمون والرمان والتين بسبب قلة المياه وسوسة النخيل والحفارات وغيرها من الحشرات وقلة الخدمات التي تقدم للمزارعين.
عزلة عن المجتمع الزراعي
ولا يرى أحمد علي الجاسم (مهندس زراعي) ان هناك حاجة ماسة للمحطة، يقول: هو معزول عن المجتمع الزراعي في المحافظة، ويقتصر على أبحاث ودراسات نظرية جامدة، بعيدة عن الواقع الزراعي للمنطقة، ومقتصرة على الأكاديميين والباحثين.. يضيف: هم لا يناقشون مشاكل المزارعين، كما يفترض ان يقدموا نتائج وتوصيات بحوثهم ودراساتهم للمزارعين، المستفيدين الرئيسيين من هذه البحوث، على سبيل المثال أنجزت المحطة دراسة وبرنامجا هاما عن زراعة النخيل بالأنسجة، التي تعد قفزة في الزراعة، ولكن أعطني مزارعاً واحداً أطلع على نتيجة ذلك البرنامج.
ورغم ان الجاسم يقر بخبرة المزارع التقليدي بالزراعة، إلا أنه يؤكد على حاجته الماسة للنتائج المتقدمة التي يصل لها خبراء المحطة في دراساتهم، خصوصاً في مجال الأمراض والحشرات وطرق مكافحتها.
ويستشهد الجاسم بمشكلة نقص المياه في الأحساء، التي باتت تؤرق المزارعين فيها، يقول: هي المشكلة الثالثة التي تواجههم، بعد الحشرات ونقص المبيدات، ولكن هل ساهمت المحطة في حل هذه المشكلة، عبر تقديم طرق ري جديدة، أو نصائح بزراعة أصناف تستهلك كميات أقل من المياه؟ يجيب: أنه لم تفعل، مما تسبب في اختفاء عدد من الفواكه من مزارع الأحساء، مثل الرمان، التين، العنب والخوخ. حتى أنه لم يبق إلا النخيل، وأخشى ان يختفي أيضاً، بسبب السوسة وحلم الغبار الذي يهدد 80% من نخيل الأحساء.
خسائر متلاحقة
تقاعد يوسف أحمد البوعبيد من أرامكو السعودية وتفرغ للزراعة، ولكنه خسر 63 ألف ريال، استثمرها في زراعة النخيل، التي أصيبت بالسوسة الحمراء، وهو يبدي تذمره من تجاهل كل المسئولين المعنيين بالزراعة، يقول: الكل مقصر، سواء وزارة الزراعة أو محطة الأبحاث، ماذا استفدنا منهم؟ للأسف لا شيء، فالوزارة لا ترش المبيدات إلا مرة واحدة كل 3 أشهر، وبالواسطة، أما المحطة فأنها جامدة، ودورها مفقود بين المزارعين، لم نحصل منهم على نصائح واستشارات حول أنواع البذور المناسبة للزراعة هنا، لم جد منهم حلولا لمشاكل الحشرات والمياه.
ويتساءل البوعبيد: هل يخرجون من مكاتبهم ويتجولون في المزارع، ويتعرفون مباشرة على مشاكلنا، حتى لا تندثر الزراعة في الأحساء.
مستوانا انخفض
ويبدي إبراهيم حبيب الحبيب، الذي يعمل في الزراعة منذ 30 عاماً، حسرته على واقع الزراعة اليوم، حين يقارنه بما كان عليه في السنوات السابقة، يقول: كنا نحصل على كل شيء، الماء والبذور والمبيدات، كانوا يأتون من داخل وخارج المملكة ليشتروا منا منتجاتنا من الفواكه والخضار والبذور، أما اليوم فلن نستغرب لو عرفنا ان الأحساء تقف في ذيل قائمة الزراعة على مستوى المملكة. فالمزارع هنا لا يجد من يوجهه للأفضل في طرق الزراعة وكيف يواجه مشاكله.. يضيف: نحن نسمع عن محطة أبحاث التمور والنخيل، ولكننا لم نر أعضاءها في زيارات ميدانية لمزارعنا، ولم نجتمع معهم أو نتناقش في ما يهم الزراعة في المحافظة.
الاستفادة للمقربين فقط
كان علي أحمد السالم، الذي يعمل مزارعاً منذ ربع قرن، سعيداً بإنشاء محطة أبحاث النخيل، كان يعتقد أنه سيساعد المزارعين على تجاوز المشاكل التي تواجههم، مع الحشرات والمبيدات وقلة المياه، ولكن شيئا من ذلك لم يحدث، فلم يجد السالم ولا أي مزارع آخر أي استفادة من المحطة. لا بل أنه يتهم المركز بتوفير الخدمات لأصدقاء ومعارف العاملين فيه، أما المزارع العادي فلا يستفيد منه.
محطة أبحاث التمور والنخيل