كثيرا ما توقعنا حماستنا الزائدة للاحتفاء بالأشياء أو الأشخاص في مواقف محرجة .. محرجة جدا. كأن تقوم لتسلم على فلان وترحب به أشد الترحيب وتفاجأ في نهاية اللقاء بأنه ليس الشخص المعني بل أنه أخوه.
أو تتسلم هدية رائعة ومن شدة سعادتك بها ومبالغتك الزائدة في التعبير عن شكرك تقع من يدك فتتناثر قطعا صغيرة أمام عين المهدي ودهشتك وارتباكك .
وقد تحاول أن تكون خفيف الظل وتود إلقاء نكتة وعند آخر كلمة منها تكتشف أن موضوع النكتة السخرية من مهنة صاحبها يقف أمامك مباشرة.
أو تكون في زيارة لعزاء صديق في موت عزيز لديه وتنتابك موجة من الضحك الغريب لا تعرف كيف تسكتها أو ما السبب أصلا في حدوثها. (لا تستغرب ... حدثت)
وتهم بالخروج من منزل صديقك بعد جلسة جميلة وعندما يبادرك صاحب المنزل بقوله شكرا على زيارتك تخرج منك عفويا كلمة ( الحمد لله).
وأحيانا تصادف في لقاء ما احد زملاء الدراسة ولا تسعفك ذاكرتك المنخلية أن تتذكره ورغم ذلك تبالغ في السلام عليه بحرارة حتى تخفي محاولاتك الفاشلة في استدعاء اسمه فيفاجئك بقوله: هل عرفت من أنا؟ حينها لن تنقذك مياه الأنهار جميعها لتغسل النار التي تنفجر في وجهك من شدة الإحراج.
أحيانا أحس بأن تلك المواقف المحرجة رغم ما تصيبنا به من خجل إلا أنها تمنحنا الكثير من اللحظات المضحكة الجميلة نستعيدها ونستحضرها.
وتختلف ردة فعل الناس حول تلك المواقف فمنهم من يظل قابعا في مخيلته تؤرقه ويكره حتى مرورها أمام ذاكرته ولو للحظة. ومنهم من يتعمد دعوتها بكل ثقة لأنه يعلم بأنها عفوية ولا تدل على جهل صاحبها. وكل ذلك يعتمد فى رغبة كل منا في ممارسة التفاؤل والبهجة في حياته ، حتى لو كان ذلك في استضافة تلك اللحظات الطريفة منها بين الحين والآخر.
إن هذه الطريقة الناجحة كما أثبت الطب النفسي تجلب البهجة وتدل على روح إيجابية مرنة لديها ثقة عالية في النفس تجعلها قادرة على أن تتمكن من اللحظة ولا تتمكن منها.
ولاحظ ذلك أثناء ساعات العمل الطويلة ومافيها من إرهاق ذهني وعضلي ، فإذ برواية هذه الحوادث الطريفة تقطع طريق الملل وتفسح مكانا لابتسامة من القلب ولو للحظات. كما أنها تجعلك شخصا يحب الآخرون مشاركته أوقاتهم وتشيع في وجوده أجواء من الود والصداقة والألفة.
كم نحن بحاجة للوقوف في وجه هذا الزمن الملىء بالحروب والأمراض والقصص المؤلمة. كم نحتاج إلى أن نعتق تلك الانفاس المتشائمة من الغد والانفراج بأمنيات صلبة بالحب للغد . كم نحن بحاجة إلى أن نكف عن العبوس . لؤلؤة:
قد يسقطون الأوراق .. لكن الجذور لن يعتريها القلق من اخضرار جديد.