لعل من المتفق عليه الآن بشكل عام ان الذي ساعد على وجود الفن الإسلامي بل معظم الثقافة الإسلامية, هو وجود لغة فنية تقنية كانت, إبان القرن السابع الميلادي, على درجة عالية من التطور والمرونة, حيث تغلغلت في العالم الممتد من اسبانيا الى آسيا الوسطى, واستطاعت من خلال تأثيرها على الديانة البوذية ان تتابع امتدادها بصورة غير كاملة حتى وصلت الى الصين والهند, على الرغم من وجود العديد من اللهجات الإقليمية والعرقية ضمن هذه اللغة الفنية.
كما وجدت متغيرات اجتماعية وثقافية كثيرة بين الفن الشعبي وفن بلاط الأمراء, وهذه المتغيرات ترتكز على التكنولوجيا والأيديولوجيا التي تقف وراء القباب والعقود والوسائل المستخدمة في تصوير الإنسان والأسلوب الروائي في سرد القصص, من خلال إيراد الصور والاستعارات او السبل اللانهائية في تزيين سطوح العمائر والتحف بمجموعة هائلة من الوحدات الزخرفية المتنوعة وهذه شكلت انماطا منظمة واتخذت لنفسها اشكالا وأفكارا جديدة, وجرت العادة على تسمية هذا النمط بالفن (الهلنستي) وقد ساعد على انتشاره ما كان للامبراطوريات الرومانية والبارثية والساسانية من سلطة ونفوذ سياسي.
بالاضافة الى ما قامت به الفتوحات الإسلامية من إعادة ترتيب وتعديل في الخارطة الاجتماعية والسياسية لكل من غرب آسيا والبحر المتوسط, واتضحت معالم هذه التوليفة تماما في العراق في نهاية القرن الثامن الميلادي, ونضجت أثناء القرن التاسع الميلادي الذي اتسم بالصبغة الحضارية المشهورة فيما ازدهرت في بغداد وضواحيها كل أشكال الفنون والعلوم والفكر.
وليد الزهير