حظيت كثيرا بالتواصل مع سمو الأمير سعود بن نايف خلال عملي مديرا لجامعة الملك فهد. ولا أقول (حظيت) مستخفا بما تعنيه هذه الكلمة بل إني أقولها مؤكدا على كل ما تعنيه. فقد تعلمت من سموه الكثير، إذ وجدت فيه حنكة الشيوخ مسنودة بعزيمة الشباب. عندما أتحدث في موضوع معه، وعادة يكون ذلك الموضوع من النوع الصعب، أجد منه الإنصات الحريص والاستيعاب الواعي لدقائقه وكأن ليس في باله إلا ذلك الموضوع. كما أنه حاذق في استنباط ما بين السطور واستيعاب ما بين الكلمات. ثم أفاجأ أكثر بأن الحلول التي يوجه بها للمشكلة المثارة لا تأخذ منه وقتا وبالرغم من أني وجدتها فعالة إلا أنها تتسم بالبساطة بحيث أني ألوم نفسي كيف لم يتأت لي أن أصل اليها بدلا من ان اشغل من هو اكثر انشغالا مني. ولكن الأمير يقدم هذه الحلول بكل تواضع وطمأنينة، وكأنه يشعرك بألا تثريب عليك، أنك لم تتوصل اليها بنفسك. كما انه كان يبادر الى تنبيهي الى التداعيات المحتملة لبعض المشاكل التي تصل الى علمه، صغيرة كانت أم كبيرة، وتنويري بالحل المناسب اما شفاهة أو كتابة. عندما صدر الامر السامي الكريم بتكليف جامعة الملك فهد بإنشاء كلية للمجتمع في حفرالباطن وصلت الى قناعة بعد زيارتي للمحافظة أن من الاجدى تكليف جامعة اخرى لها وجود في تلك المحافظة بهذه المهمة فعرضت، ببعض من التردد، هذه الرؤية على سمو الأمير سعود. لكن سموه أدرك بفطنته التي تحدثت عنها التخوف الذي دفعني الى هذا الاقتراح فطمأنني بطريقته المعهودة بشكل أيقظ في وفي زملائي آنذاك روح الثقة بالنفس والجرأة على تحدي الصعاب. الشيء الآخر الذي يتميز به الأمير سعود من ضمن اشياء كثيرة لا تحصى هو السرعة في البديهة ممزوجة بروح مرحة تزيدك احتراما له واطمئنانا اليه. ولدي من هذا النوع الكثير من الذكريات العطرة التي اعتز بها وآنس بتذكرها. حظيت كذلك بمقابلة الأمير محمد بن نايف أكثر من مرة ووجدت فيه نفس الخصال مما يدل على ان ما لاحظته فيهما هو قبس من خصال والدهما وشاهد جلي على حسن تنشئته لهما. مثلما أن عمل سمو الأمير سعود في المنطقة الشرقية كان مكسبا لها فان عمل سموه سفيرا لخادم الحرمين الشريفين في أسبانيا سيكون ان شاء الله مكسبا للوطن متمنيا لسموه التوفيق الدائم. لاشك لدي في ان سمو الامير محمد بن فهد سيوفق مرة اخرى بحول الله في اختيار نائب قدير له فهو من القلائل الذين يعرفون الرجال، ويقدرون خصالهم الحميدة.