السلعة العربية كائن هلامي يفتقد الهيكلية والرؤية والاهداف الواضحة.وتصدير السلعة العربية الى الاسواق الخارجية مسألة ليست بالأمر السهل خاصة في ظل ظروف انتاجية تمتاز بالدقة والنوعية الجيدة والمستهلك الذواق والاهم من ذلك تحقيق عنصر المنافسة الخاضع لعدة عوامل يجب توافرها في سلعة عربية يجب ان تصل الى الاسواق الخارجية والبقاء فيها كسلعة تحمل هويتها العربية في اسواق اجنبية ذواقة ولا يقتصر الامر عند هذا الحد بل تحاول الوصول الى كل مستهلك في تلك الاسواق ومهما طالت المسافة ام قصرت.. واهم هذه الشروط على الاطلاق يتلخص في السعر والتكلفة والجودة والمواصفة والنوعية بالاضافة الى عناصر اخرى لا تقل اهمية عنها كالجمارك والرسوم وعمليات النقل واجور الشخص وبعض القوانين والروتين. ولكن السؤال الوحيد الذي يطرح نفسه على بساط البحث: هل تمتلك فعلا السلعة العربية مقومات النجاح والوصول الى اوسع الاسواق الخارجية..؟ الامين العام للاتحاد العربي للصناعات الجلدية العربية يوسف سعد قال: حتى تستطيع السلعة العربية الوصول الى الاسواق الخارجية عليها ان تتمتع بشرطين على الاقل اما انها غير موجودة لدى الآخرين او انها اجود وارخص مما لدى الآخرين. فالنفط مثلا حقق ميزة. وكذلك القطن والثروات المعدنية والطبيعية الاخرى. ولكننا عجزنا تماما عن ان نوفر سلعة مصنعة عربيا تملك الشروط الاخرى مثل المواصفة والسعر ولتحقيق ذلك لابد من اعتماد الصناعات التي تمتلك مزايا تنافسية وقدرة على البقاء في تلك الاسواق كالصناعات التي تعتمد على توافر المادة الاولية المحلية من جهة وميزة وبيئة مناسبة لها من جهة اخرى وهذا يتبع لدور الحكومات التي يجب ان تعطي المزايا والدعم والاغراء للاستثمار في هذه الصناعات. ولكن الذي حصل هو عكس ذلك فقد قامت الحكومات العربية بالاعتماد على الصناعات غير المنسجمة مع البيئة الاقتصادية والبنية التحتية مثل الصناعات التي تستلزم مواد اولية وتقنيات مستوردة او مواد مساعدة كالخبراء والتقنيات الاجنبية وتمت احاطة هذه الصناعات التي تسمى صناعات اعادة التعبئة ببعض انواع الحماية والاحتكار مما جعلها مجال جذب على حساب الصناعات الاساسية وهكذا بدأنا بتقليد ما قد سبقنا اليه الآخرون وبهذه الحالة ليس من الطبيعي ان ننجح في منافستهم في اسواقهم او حتى في الاسواق العالمية الاخرى. وبنفس الوقت تعرض المستثمرون في مجال الصناعات الاساسية المنسجمة مع الموارد والمزايا التنافسية الى الانكفاء والعمل ضمن ظروف عمل غير عادلة مما افقد هذه الصناعات آفاق التطوير والتأهيل واللحاق بالمستوى العالمي.. وانحصر اهتمام القائمين على هذه الصناعات في ابتكار اساليب فن البقاء وتأجيل اجل الانهيار.
وبعبارة مختصرة: فالصناعة العربية اصبحت في الفترة الاخيرة دون رأس او جسم بل هي عبارة عن كائن هلامي يفتقد الهيكلية والرؤية والاهداف الواضحة.. وبالتالي فقد اصبحت كائنا يتلقى تتقاذفه الظروف والتفنن في فن الانفعال دون الفعل.