تضع مدرسة بيلوكسي الثانوية في ولاية ميسيسيبي الامريكية عشرات من كاميرات مراقبة في كل ركن في أرجاء المدرسة .. في كل فصل وفي المقصف الذي يتناول فيه الطلبة الغداء وفي الاروقة ليكون الطلبة تحت المراقبة الدائمة. وقال مدير المدرسة سيسيل باول أنه سعيد بهذا النظام. فهو يتيح وقف أي عنف محتمل أو سوء سلوك من جانب الطلبة ويجعل المدرسة أكثر أمانا. وأكد أن النظام حقق نجاحا حتى الآن.
وقد أقامت المدارس في أنحاء الولايات المتحدة أجهزة كشف عن المعادن عند أبوابها بدافع القلق من جلب أسلحة إلى داخل المدارس. ولكن منذ واقعة إطلاق النار الدامية في مدرسة كولومباين الثانوية في كولورادو ومدارس أخرى تضع المناطق التعليمية كاميرات مراقبة في المناطق المشتركة بين المدارس مثل الاروقة وقاعات الالعاب الرياضية وأماكن وقوف السيارات. ولكن مدرسة بيلوكسي هي الاولى التي تضع كاميرات في كل فصل دراسي. والمنطقة التعليمية التي تتبعها هذه المدرسة لديها حتى الآن 800 كاميرا رقمية تراقب أكثر من ستة آلاف طالب وطالبة. واستغرق نصب الكاميرات عامين وبلغت تكلفتها مليوني دولار. وهي تتدلى من الاسقف مما يتيح لعدساتها مجال رؤية واسعا عبر الفصول الدراسية.
ولا يعرف باول ما إذا كانت الكاميرات منعت الجريمة والعنف ولكنه يقول أنها تفسر بالتأكيد وقوع حوادث بسيطة كما أن لها آثارا إيجابية أخرى. فمثلا عثر على سترة من الجلد كان يعتقد أنها سرقت بعد أن كشفت الكاميرات أن مدرسا وضعها في مكان ما ونسيها. كما أن الطلبة تحسن سلوكهم ما داموا عرفوا أنهم تحت المراقبة أو عندما يعمدون إلى الكذب لا يجدون سبيلا سوى الاعتراف عندما يقال لهم أن هناك أدلة ضدهم عن طريق التصوير بالكاميرا حسبما أكد المدرسون والاداريون. إلا أن المدافعين عن الحريات المدنية حذروا من أن الكاميرات تنال من الحق في الخصوصية ويمكن إساءة استخدامها.
وقال باول أن النظام مأمون. فعلى الرغم من إمكان استدعاء التسجيلات الرقمية على أي كمبيوتر متصل بالانترنت ، فليس سواه واثنين آخرين من الإدارة التعليمية يمكن أن يطلع على التسجيلات الرقمية في مدرسة بيلوكسي الثانوية. ويمكن أن تطلع الشرطة أيضا على التسجيلات إذا وقعت جريمة. ولكن لي تيين وهو محام لدى مؤسسة الحدود الإلكترونية التي تهدف إلى حماية الحريات المدنية فيما يتعلق بالتكنولوجيا أكد أن إساءة الاستخدام أمر ممكن، كأن تستهدف الإدارة بعض المدرسين والطلبة بمراقبتهم أو تمنع مناقشة موضوعات محل جدل في الفصل. ولكنه أوضح أن الخطر الاكبر هو تزايد القبول الاجتماعي بدولة بوليسية وخاصة إذا اعتاد الاطفال التعرض للمراقبة بصفة مستمرة. وقال تيين أن ما حدث في مدرسة بيلوكسي ليس سوى مثال (وما خفي كان أعظم) في مجتمع يخضع الناس فيه للمراقبة بصفة دائمة .. في العمل وعلى الطرق السريعة وفي المؤسسات والمناسبات العا مة. فمنذ أحداث 11 أيلول /سبتمبر/ تزداد الحكومة الامريكية تغلغلا في الحياة الخاصة للمواطنين الامريكيين. وقالت منظمات للمدرسين أيضا أن ما يقلقها هو أنه إذا خضع المدرسون لمراقبة مستمرة فقد يخضعون مثلا لشكاوى دائمة بشأن طرقهم في التدريس وتلقين الدروس مما يمكن أن يعوق عملية التعلم. ولكن تويلا مور مدرسة اللغة الانجليزية في مدرسة بيلوكسي قالت إن الكاميرات تطور إيجابي. وصرحت لوسائل الاعلام بأنها ومعظم الناس في المدارس ينظرون إلى الكاميرات (على أنها وسيلة حماية وليس وسيلة غزو). وكثير من أولياء الامور يرغبون في تقديم تنازلات على حساب الخصوصية مقابل أمان أكبر خاصة إذا تعلق الامر بأولادهم.