طرد شقيقتين محجبتين من مدرستهما في باريس يعكس الصعوبة والغموض التي يواجهها الفرنسيون في علاقتهم مع الدين الاسلامي.
يواجه المجتمع الفرنسي مجددا منذ اسابيع مشكلة ارتداء الحجاب في المدارس والدوائر الحكومية التي تدل على ما يواجهه من صعوبة وغموض في علاقاته مع الدين الاسلامي. فقد عادت مسألة السماح بارتداء الحجاب في المدارس والتي طرحت للمرة الاولى في فرنسا في نهاية الثمانينات، الى الواجهة مع بداية العام الدراسي الجديد مع حالة الشقيقتين المحجبتين اللتين طردتا من مدرسة في ضواحي باريس لرفضهما نزع الحجاب والتي اثارت ضجة اعلامية كبيرة.
فقد طردت الجمعة عالمة وليلى ليفي البالغتان من العمر 16 و18 عاما من مدرسة هنري والون في اوبرفيلييه (ضاحية باريس) بقرار من المجلس التأديبي لرفضهما نزع الحجاب داخل المدرسة.
وقد طبقت الادارة بذلك قرارا وزاريا يعود الى العام 1994 ويشكل النص الرسمي الوحيد المعمول به في هذا الخصوص. ويحظر هذا القرار وضع اي شارات دينية تفاخرية في اطار التعليم الوطني. واثارت هذه القضية ضجة خصوصا وان والد الفتاتين وهو يهودي ملحد من محامي حركة مكافحة العنصرية والدفاع عن الصداقة مع الشعوب وهي مجموعة ضغط لمكافحة العنصرية قريبة من التيار اليساري دانت هذا القرار.
وفي المقابل رحبت جمعية اخرى مهمة هي (اس.او.اس راسيزم) بالقرار ووصفته بانه انتصار للتسامح. وافاد تقرير لاجهزة استخبارات الشرطة نشرته الصحف الاثنين ان الشقيقتين تعرضتا لاغواء عنصر في شبكة اسلامية وهو امر نفته الاثنتان نفيا قاطعا امام الصحافيين. وقد برزت قضية اخرى تتعلق بالحجاب الاثنين بعد ان كشفت صحيفة (لو موند) خلافا بين بلدية باريس وبين موظفة تعمل في قسم الخدمات الاجتماعية ارتدت الحجاب بعد ان ثبتت في وظيفتها وترفض مصافحة الرجال في حين ان وظيفتها تستدعي ذلك. ووجه اليها انذار رسمي وقد تتعرض للطرد.
والثلاثاء منعت فتاة تركية من الالتحاق بصفها في مدرسة بمنطقة الالزاس (شمال شرق) لرفضها منذ بدء العام الدراسي نزع الحجاب قبل الدخول الى الصف.وتشاور وزير الداخلية نيكولا ساركوزي، المكلف بأدارة الشؤون الدينية الذي يواجه هذه المشكلة الشائكة، مع المجلس الفرنسي للدين الاسلامي الذي اسس اخيرا ويضم شخصيات مسلمة فرنسية.
وقد اكتفى المجلس باعتبار ان ارتداء الحجاب واجب ديني ورفض اتخاذ موقف حاسم من القضية معربا في الوقت نفسه عن الاسف لـفشل الحوار.
واعلنت الحكومة على لسان عدة وزراء ان التشريعات المتعلقة بهذا الموضوع واضحة وهي تقبل بالشارات الدينية الرزينة لكنها تحظر تلك الصارخة التي تفصل بعض التلاميذ عن قواعد الحياة المشتركة.وقال الوزير المنتدب للتعليم المدرسي كسافييه داركوس الثلاثاء اننا نحترم مدرسة الامة التي ترفض علامات التمييز الديني والعرقي والطائفي. وعلى من لا يحب الجمهورية الفرنسية الانتقال للعيش في بلد آخر.
وتطالب النقابة الرئيسية لرؤساء المؤسسات بقانون يحظر رسميا اي علامة دينية في المدرسة.
وقد رفضت الحكومة حتى الان اصدار قانون خاص يفرض العلمانية في فرنسا. ويرى ساركوزي ان هذا الحل يمكن ان يتبين يوما انه الخيار الاخير امام نزعات المتطرفين.