كانت لي منذ قرابة العام زيارة لمندوبية تعليم البنات بالقطيف لمست فيها تميزها في الأداء الوظيفي مما جعلني أثني عليها في مقال سابق في جريدة (الاقتصادية). ولقد جاء حصولها على المركز الأول لجائزة الأمير محمد بن فهد لعام 1423 هـ للتميز في الأداء الحكومي على مستوى المحافظات بالمنطقة الشرقية تأكيداً لهذا التميز. ومع صدور قرار حركة النقل للمعلمات مع بداية العام الدراسي الحالي 1424 هـ أظهرت المندوبية تميزها في التعامل مع هذه العملية المعقدة بكفاءة عالية، حيث لا يخفى علينا التأثير السلبي لحركة النقل على سير العملية التعليمية في المدارس. ولقد تم نقل المعلمات بتنسيق دقيق حتى لا يترك أي أثر سلبي على الطالبات يؤثر في تحصيلهن العلمي، هذه حقيقة أظهرت مندوبية تعليم البنات بالقطيف كفاءتها في إدارة مثل هذه الظروف المتغيرة وغير العادية.
وهذا بلا شك يعود لخبرة وممارسة تربوية طويلة تتمثل في مندوب تعليم البنات بمحافظة القطيف الأستاذ إبراهيم بن محمد العرف الذي يتمتع بشخصية إدارية وتربوية وإنسانية، ناهيك عن التوجيهات الرشيدة التي يتلقاها من الدكتور سمير سليمان العمران المدير العام للتربية والتعليم للبنات بالمنطقة الشرقية. ويتميز الأستاذ إبراهيم العرف بأسلوب إداري متميز بالمشاركة العالية الفاعلة للمشرفات التربويات، بالإضافة إلى مديرات المدارس والمعلمات والإداريين والإداريات الذين كان لهم دور كبير في نجاح تجربة الأداء المتميز مما يجعل الأداء المتميز للمندوبية في تقدم مستمر.
وإذا أردنا أن نعرف مدى جودة أداء الإدارات الحكومية فلا بد من تقصي رضا جمهور المراجعين من المواطنين من حيث الوقت الذي يقضونه في إنهاء معاملاتهم وعدد وطول الإجراءات، وهذا ما يلمسه الكثير من المراجعين للمندوبية، حيث كانت معاملاتهم تنجز في وقت قياسي مما يجعلهم يثنون على المندوبية في هذا الشأن. والأسلوب المتميز الذي يتبعه الأستاذ إبراهيم العرف للتعامل مع المراجعين مبني على الوضوح والإقناع ليخرج المراجع بقناعة تامة من عدالة القرار الذي يخصه.
تعميم تجربة الأداء المتميز في القطاعات والإدارات الحكومية يزيد من مستوى كفاءة الأداء الحكومي بصفة عامة وأداء الإدارة المتميزة بصفة خاصة. ويهمنا تعميم هذه التجربة في القطاع نفسه وفي القطاعات الحكومية الأخرى. وللاستفادة من هذه التجربة للأداء المتميز لمندوبية تعليم البنات بالقطيف أرى ضرورة تعميمها على قطاع التعليم والإدارات الحكومية بالمنطقة الشرقية، ولكن كما نعلم أن نظرية التطوير والتغيير تشير إلى أن مهندس التغيير الذي هو في هذه الحالة مندوب تعليم البنات بالقطيف لابد أن يكون الأساس في عملية التطوير للأداء ليكون التأثير فاعلاً. فمندوب تعليم البنات يلعب دور المحفز للتطوير المتميز الذي يعتبر الأساس في نجاح الأهداف من التطوير الإداري، وبخاصة عندما يأخذ المندوب برأي المشرفات والمديرات والمعلمات والإداريين والإداريات في عملية إتخاذ القرار لتحقيق تطوير سلس متقن مرن من غير مقاومة.
وهنا أستعرض تجربة عالمية عندما رأى المدير التنفيذي السابق لشركة كرايسلر لصناعة السيارات أهمية التطوير والتغيير في الشركة لتنافس بقوة في سوق السيارات قام بتمكين الموظفين المتميزين الذين يساعدونه على التطوير من خلال ترقيتهم لمراكز قيادية عليا لأهمية دورهم في استمرارية الأداء المتميز. وبهذه الأفكار الجيدة استطاع المدير التنفيذي تحقيق أهداف الشركة من خلال الموظفين المتميزين على مستوى الإدارات عندما نقلوا أفكارهم المتميزة معهم إلى إدارات عليا ليشمل التميز في الأداء الشركة بأكملها وليس إدارة دون أخرى.
وما أطرحه هنا من أفكار إدارية يأتي من تجارب عالمية تشير نتائجها إلى أهمية مكافأة المتميزين وترسيخ أفكارهم المتميزة ليعم الخير بالأداء المتميز جميع الإدارات الأخرى سواء في قطاع التعليم أو في قطاعات حكومية أخرى يهمنا جميعاً تميزها. وما مكافأة المتميز بترقيته إلى وظيفة أشمل وأعم إلا تعميم لتجربته المتميزة ليحذو الآخرون حذوه بأداء متميز، بل ستكون لديه القدرة على نشر ثقافة التميز بين الموظفين في القطاع التعليمي في المنطقة الشرقية بأكملها.
جامعة الملك فهد للبترول والمعادن