لا يتوقف الجنرال تومي فرانكس رئيس القيادة المركزية الأمريكية عن هوايته أبدًا؛ فهو -تحت أي ظرف- شره لمشاهدة الأفلام الكوميدية بحيث لا يفارقه جهازdvd في أي مكان.
وربما هذا ما جعله أمير "المقالب المرحة" كما يسميه ضباطه المقربون والذين يعانون منها (كأن يوقظ ضابطًا في وقت راحته بصب الماء البارد فوق رأسه)، هذه المقالب التي يصفها بعض هؤلاء الضباط بـ "السمجة المقرفة".
فهل يرى هذا ألتكساسي زميل دراسة لورا بوش والقريب إلى قلب زوجها بوش الابن، أن ما يفعله في العراق من قبيل "النكات القاتلة"؟ على أية حال فمن المحتمل أن تكون بالنسبة له "المقلب الأخير".
المقولة الأثيرة لدى فرانكس قائد "عملية الشر" هي: "لا أحد يكره الحرب مثلما يكرهها الجندي!"، ورغم ذلك فتاريخه يظهره كأخلص عشاق الحرب.. فهو ليس مسئولاً عن الحرب في العراق فحسب، ولكنه حينما كان رئيسا للقيادة المركزيـة الأمريكية- كان مسئولا عن العمليات العسكرية الأمريكية في 25 دولة تمتد من مصر إلى وسط آسيا بطول 4100 ميل من الشمال إلى الجنوب، و4000 ميل من الشرق إلى الغرب، وإلى جانب الحرب في العراق كان فرانكس يدير عمليات المواجهة المستمرة في أفغانستان، وعمليات سرية في القرن الأفريقي وأماكن أخرى من العالم! فكأنه المرادف العصري للقنصل الحاكم في الإمبراطورية الرومانية، أو كأنه -حسبما قال أحد كبار ضباط القيادة المركزية- الكثير من الرمل، والكثير من الثلج، والكثير من المشكلات؛ فقد كان يخوض عمليات عسكرية ضد كل هذه المناخات والأجواء!
وسط كل هذه الميادين القتالية، فالجنرال فرانكس -الذي أصيب ثلاث مرات وهو ضابط في المشاة في فيتنام- حينما يظهر أمام قواته فإنه لا يعد الخطابات حول المجد أو الواجب المقدس أو المعاني السامية، لكنه عادة ما يطلق النكات التي تكون بذيئة في بعض الأحيان.
كان يبدأ يومه في الرابعة صباحًا، يعمل كماكينة طوال اليوم دون شكوى رغم أعوامه السبعة والخمسين، تزين سترته العسكرية أربع نجمات، وعدة أوسمة ونياشين، لديه قدرة على رصد وجمع التفاصيل الصغيرة، فضلاً عن كونه مستمعًا صبورًا خاصة للقادة العرب الذي دائمًا يحاول إقناعنا بأنهم يقدمون ما تطلبه أمريكا برضاهم ورغبتهم.
ولم يكن يحب الكاميرات والأضواء وتقريبًا لا يسمح بعقد لقاءات صحفية معه؛ فأثناء حرب أفغانستان كان يتم إجباره من قبل وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد، وعندما تسلط الأضواء على فرانكس، فإنه لا يجيد الكلام فحين يسأل عن توقيت الهجمات على قوات القاعدة يقول: "العمليات تستمر طوال الأربع والعشرين ساعة يوميًا. فهي تستمر من الجو في النهار والليل"، وحين يسأل في لقاء مع "سي إن إن" عن مكان بن لادن، قال: "لا نعلم أين هو، فهو إما في أفغانستان أو ليس داخلها"!!.
ويعتبر الجنرال فرانكس مثيرًا للجدل في أوساط الجيش الأمريكي، فهو -كما ذكر تقرير للواشنطن بوست- يتمتع باحترام واضح بسبب سجله القتالي والأوسمة التي حصل عليها وقدراته العالية في التكتيك، ولكن ينتقده آخرون ويصفونه بأنه غير متجاوب ومبالغ في الحرص ومحدود الخيال ومفرط في التقليدية... فهو مغرق في الجندية التقليدية، لا يزال يؤمن بأن الجنود عليهم أن يتحركوا على الأرض لكي يفوزوا.
رغم أن فرانكس يحظى بثقة متناهية من الرئيس الأمريكي، فإن ذلك لا يعفيه من المساءلة حين يستخدم سلطته ليقوم ببعض "التجاوزات"، وهذا ما حدث في فبراير الماضي 2003 على سبيل المثال، حيث أجرت وزارة الدفاع الأمريكية -وفقاً لـ "CNN" و"BBC"- تحقيقًا (شكلياً) معه حول إساءة استغلال منصبه، إذ اعتاد السماح لزوجته كاثي (تزوجها منذ 30 عامًا) بالسفر على طائرة عسكرية دون دفع مقابل للحكومة الأمريكية، كما سمح لها بحضور اجتماعات سرية برفقته، وتخصيص مجندة لخدمتها وتلبية احتياجاتها، وتخصيص حارس شخصي عسكري لها!