اوصى رئيس مجلس الشورى وامام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد المسلمين بتقوى الله عز وجل وأن يجعلوا مراقبتهم لمن لايغيبون عن ناظره وان يصرفوا شكرهم لمن لاتنقطع عنهم نعمه وان يعملوا بطاعة من لايستغنون عنه وليكون خضوعهم لمن لايخرجون عن ملكه وسلطانه وان يعلموا ان الله يعلم مافى انفسهم وان يحذروه وان يعلموا ان الله غفور حليم .
وقال فى خطبة الجمعة التى القاها أمس بالمسجد الحرام ان الله امتن على عباده بمواسم خيرات وأيام مباركات تضاعف فيها الحسنات وتمحى فيها السيئات مواسم ومناسبات يتسابق فيها المتسابقون ويتنافس فيها المتنافسون قد افلح فيها من تزكى وخاب من اخلد الى الارض وآثر الحياة الدنيا وشهركم هذا ياعباد الله من افضل الشهور انزل فيه القرآن وتفتح فيه ابواب الجنة وتغلق فيه ابواب النار صيام الصائم يشفع له عند ربه وخلوف فم الصائم اطيب عند الله من ريح المسك شهركم هو شهر القرآن وشهر الصدقات وشهر الجود وشهر التراويح وقيام الليل وصف ربكم ايامه بانها ايام معدودات اشارة الى سرعة انقضائها وتنبيها الى خفــة ظلهـا على المشمرين العاملين .
وأضاف فضيلته يقول هأنتم على ابواب عشره الاخيرة وهى افضل العشر فهل رجعتم على انفسكم بالمحاسبة ياباغي الخير اقبل وياباغى الشر اقصر ولله عتقاء من النار كلما استحكمت الغفلة وطال الامد قلت همم السالكين وضعفت عزائم المتعبدين فكثر الكلام وقل العمل فلا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم .
ومضى فضيلته يقول ان مما يعين على المحاسبة الجادة أن ينظر العبد فى اعماله كيف الحال مع تدبر القرآن وكيف الشأن فى الخشوع عند ذكر الله من كانت الآخرة همه جمع الله عليه شمله وان اعمال القلوب يسأل عنها السائلون ويتطلع اليها العاملون ويشتغل بتحصيلها وتحقيقها المخلصون اعمال القلوب هى اصل الاعمال واعمال الجوارح تابعة لها ومعتمدة عليها يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله اعمال القلوب من اصول الايمان وقواعد الدين مثل محبة الله ومحبة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم والتوكل على الله واخلاص الدين له والشكر على نعمه والصبر على حكمه والخوف منه والرجاء فيما عنده قال رحمه الله والناس فى اعمال القلوب ظالم لنفسه ومقتصد وسابق بالخيرات بإذن الله. وبين فضيلته قائلا ان اعمال القلوب من أهم الواجبات وأعظم القربات وافضل الاعمال فهى واجبة مطلوبة كل وقت وعلى جميع المكلفين وهى آكد شعب الايمان وصلاح الجسد مرتبط بصلاح القلب كما فى الحديث الصحيح: (الا وان فى الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله الا وهى القلب) ان عبودية القلب أعظم من عبودية الجوارح واكثر وادوم وصلاح حركات جوارح العبد بحسب صلاح حركات قلبه فاذا كان القلب سليما عامرا بمحبة الله ومحبة مايحبه الله وخشية الله وخشية الوقوع فيما يغضب الله صلحت حركات جوارحه كلها ومن اجل مزيد التأمل فى هذا الامر العظيم والمقام مقام محاسبة.
وقال فضيلته وأنتم فى هذا الشهر الكريم تتقربون الى الله بصالح اعمالكم وتستغلون شريف ايامكم انظروا رحمكم الله فى امرين عظيمين لهما شأن كبير فى اعمال القلوب ودقة المحاسبة تأملوا فى صفتى الاحسان والمراقبة اما الاحسان فهو لب الايمان وروحه وكماله بل ان صفة الاحسان تجمع جميع خصال التعبد ورتبها فالعبادات كلها منوطة بالاحسان فالاحسان جامع لجميع شعب الايمان واعمال القلوب وكيف لايكون ذلك وقد بينه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فى قوله:(الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه) فاحسنوا رحمكم الله فان الله يحب المحسنين واجتهدوا فرحمة الله قريب من المحسنين وابشروا فهل جزاء الاحسان الا الاحسان ان الاحسان يقتضي من المسلم اتقان العمل اتقان من يعلم علم اليقين أن الله عز وجل مطلع عليه محيط به ومحيط بعمله.
وبين فضيلة الشيخ صالح بن حميد ان المراقبة علم القلب بقرب الرب ومن راقب الله فى سره حفظه فى علانيته ومراقبة الله فى الخواطر تحفظ حركات الظواهر وأنتم ايها المسلمون وأنتم فى هذه الايام الفاضلة وعلى ابواب العشر الاخيرة المباركة حيث اعظم ما يرجى من تحرى ليلة القدر فمن قامها ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه والمقام مقام محاسبة (وياباغي الخير اقبل وياباغي الشر اقصر) حاسبوا انفسكم فى عمل من اعمال القلوب طالما اجتهد فى تحقيقه المجتهدون وحرص على تحصيله الجادون المشمرون ذلكم هو عبادة الخشوع ومقام الخشوع قال تعالى: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق). واردف فضيلته يقول ان الخشوع يجمع التعظيم لله والمحبة والذل والانكسار وكلما كان القلب اشد استحرارا لعظمة ربه وجلاله كان اشد خشوعا وانما يضل القلب اذا غفل عن اطلاع الله عليه ونظره اليه الخشوع هو قيام القلب بين يدى الرب بالخضوع والتذلل والانكسار الخشوع لين القلب ورقته وحرقته واذا خشع القلب تبعته الجوارح فأذا خشع القلب خشع السمع والبصر والرأس والوجه والصوت وسائر الجوارح وان من المأثور الصحيح عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم انه كان يقول فى ركوعه (خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي) وفى رواية (وما استقل به قدمي) خشوع القلب سكونه عن الخواطر والارادات الرديئة خواطر وارادات تنشأ من اتباع الهوى فاذا خشع القلب زالت مظاهر التعاظم والترفع والكبرياء.
وافاد فضيلته ان الخشوع يتفاوت فى القلوب بحسب تفاوت معرفتها لربها الذى تخشع له وبحسب مشاهدة القلوب لصفات علام الغيوب فمن علم قرب الله منه واطلاعه على سره وضميره ومراقبته لحركاته وسكناته استحيا من الله حق الحياء ومن اطلع قلبه على جلال الله وعظمته وكماله زادت محبته لربه وعظم شوقه للقائه ومن عرف بطش الله وانتقامه وغيرته على حرماته خاف منه وانكسر قلبه بين يديه قال بعض السلف (خشعت قلوبهم فغضت ابصارهم) واكمل الخشوع خشوع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقد كان اذا قام الى الصلاة خفض رأسه تواضعا لله ولم يلتفت ولم يتكلم وكان يسمع له ازيز وهو صوت البكاء الخافت.
وحث المسلمين على مراجعة انفسهم والاجتهاد فى التعرض لنفحات ربهم والتأسى بعباد الله الصالحين القانتين الخاشعين وان يروا الله من انفسهم خيرا فى هذه الايام المباركة.
وبين فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد ان العمل الصالح هو ما باشر القلوب فاوجب لها السكينة والخشية والاخبات لله والتواضع له والذل بين يديه يقول بعض السلف (من خشع قلبه لم يقربه الشيطان) واذا كان الخطيب والواعظ يذكر المسلمين فى هذا الشهر الكريم بالاحسان فى العمل وحسن مراقبة الله وخشيته وخشوع القلب له حتى لايقربه الشيطان فأين ورع المتدينين وتعفف المؤمنين الذين يرجون رحمة الله ويخافون عذابه ويحبون ما يحب الله ورسوله ويكرهون ما يكرهه الله ورسوله اين ورعهم وتعففهم عن ايذاء المؤمنين والمؤمنات ونشر الرعب والخوف وازهاق الارواح المعصومة واراقة الدماء المحرمة هل يريدون ان يجعلوا من انفسهم وقودا لفتنة عمياء ماهى الغاية من الاجرام الاسود الذى انقض على الاطفال والنساء فى شهر الاسلام وفى عاصمة مسلمة وفى بلد مسلم بل هو بلد الحرمين الشريفين سفكوا وقتلوا ودمروا اى تفسير لهذا الاجرام واى تعليل لهذا السلوك بل اى فكر او مذهب اخذ هؤلاء الشباب من بيوتهم وبيوت آبائهم وامهاتهم بيوت مسلمة وبيئة اسلامية وجعلهم يستبطنون هذا الفكر الرهيب والتصور المنحرف لتصدر عنهم هذه العمليات اليائسة البائسة ليقتل معصومون مسلمون مسالمون فى منازلهم ان المتأمل والمعتبر يجد نفسه منجرا ليعقد هذه المقارنة قتلى فى فلسطين من الاطفال والنساء والرجال تنسف مساكنهم وتدمر ممتلكاتهم وقتلى فى الرياض من الاطفال والنساء والرجال تنسف مساكنهم وتدمر ممتلكاتهم.اسرائيل الارهابية تفسد فى فلسطين وهؤلاء يفسدون فى الرياض اسرائيل تكره المسلمين فى فلسطين وتباشر قتلهم وحصارهم وتشريدهم ترى ماذا يريد هؤلاء القتلة فى الرياض هل التقى الهدفان ارهاب اسرائيل وارهاب هؤلاء هل المقصود قتل المزيد من العرب والمسلمين واثارة الرعب وايجاد اجواء من الاضطراب والعنف بل هل هناك تنسيق بينهم ولان استبعد التنسيق فهل يستبعد الاختراق وتوظيف العقول وغسل الادمغة هل هى فتنة تطل برأسها عياذا بالله ان المجتمع كله يجب ان يرتفع صوته وان تتوحد كلمته وجهوده من اجل حماية البلاد والعباد من القتل والاستباحة والتدبير الاسود فالضرر والهلاك لن يستثنى احدا ان المسؤولية على الجميع وليست على اجهزة الامن وحدها وهى اجهزة موفقة منصورة باذن الله ان مقاومة هذا الفكر يجب ان تكون مفتوحة فى كل قطاعات الامة والدولة مع القيام بدور خاص لوسائل الاعلام يبرز فيه دور المواطن باعتباره شريكا حقيقيا وعلى وسائل الاعلام تعريفه بالحقائق ووضعه فى صورة الموقف كما هى وليس كما تريده بعض وسائل الاعلام له ان يعرف يجب ان يؤخذ الامر بحزم وان تزال كل المعوقات حتى تتمكن البلاد من توظيف كل امكاناتها وطاقاتها وطاقات ابنائها فى عمل طويل شاق فهذه اعمال اجرامية ارهابية يجب ان يقاومها الجميع حفظ الله على هذه البلاد امنها وايمانها ووفق قيادتها وولاة امرها لكل خير وزادها تمسكا بدين الله والعمل على رفعته وحفظ ديار المسلمين من كل سوء ومكروه انه سميع.
ودعا فضيلة امام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ حسين آل الشيخ المسلمين في خطبته يوم أمس الجمعة الى اخراج زكاة اموالهم عملا بالتوجيه الالهي وامتثالا لهدي نبيه صلى الله عليه وسلم في اخراج الزكاة ودفعها الى مستحقيها من المحتاجين المستحقين لها.
وبين فضيلته فريضة الاسلام للزكاة بالكتاب والسنة فهي عبادة عظيمة وفريضة دورية دائمة الموارد مستمرة المنافع والمقاصد، وهي حق للفقراء في اموال الاغنياء، وهي فريضة تتمتع بأعلى درجات الالتزام الخلقي والشرعي.
ونبه فضيلته الى الوعيد الشديد لمانعي الزكاة والمتهاونين بها واستدل فضيلته من نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة على ما اعده الله لهم في منعها ومخالفة رضا الرب والامتثال لأوامره، وان سبب ترك الزكاة نزع البركة من الارض وتتابع البلايا وظهور المجاعات.
وحث فضيلته على اغتنام شهر رمضان موسم الخيرات بتذكير الايتام والضعفاء والارامل والفقراء بتأدية الزكاة وتطهير الاموال والدين والدار الاخرة، واتقاء سخط الله والبعد عن المصيبة في المال والبدن.
كما استنكر امام وخطيب المسجد النبوي الشريف فضيلة الشيخ حسين ال الشيخ العمل الاجرامي لحادثة التفجير مساء السبت الماضي بمدينة الرياض وقال فضيلته: لقد فوجئ المسلمون في كل مكان كما فوجئ غيرهم بحدث جسيم وواقعة عظيمة يشيب لها الولدان ويتصدع القلب حزنا فضاعتها ويعجز القلم واللسان عن تصوير مآسيها، والاحاطة عن ادراك مضامين ضررها وشرعا.
واضاف فضيلته ان من العجب ان يكون ذلك في شهر أعلى الله شأنه واكرم منزلته، لذا فهي حادثة تضمنت جرائم عظمى، وقبائح كبرى نالت ضروريات الدنيا والدين معا، واضرت بالبلاد والعباد جميعا.