في البداية كان السوفييت ثم الحرب الاهلية وأخيرا جاءت القوات الامريكية تتعقب مقاتلي طالبان، والمؤكد أن قرية إسحاق سليمان في غربي أفغانستان نالت نصيبها من المعاناة في العقدين الماضيين، حيث أصاب الدمار القرية ثلاث مرات منذ عام 1979 كما أصابها القحط خمس سنوات وجعل حقولها أرضا قاحلة وأهلك حيواناتها وفرت أسر كثيرة ملتمسة حياة أفضل عبر الحدود مع إيران وعلى بعد 120 كيلومترا منها.
وظهرت حوادث جديدة في أفغانستان وظهرت معها في السماء بارقة أمل بين سكان القرية وقرى أخرى في أحوال مماثلة أمل في السلام وفي الرخاء كذلك. وشرع كثير من زراع المنطقة في إعادة بناء قراهم وزراعة أراضيهم، لكن المهمة التي امامهم ليست سهلة بأي حال إذ أمام الزراع الافغان صعوبات عديدة عليهم مواجهتها. وفي بعض المناطق لم يعد ممكنا استغلال ثلثى الاراضي التي كانت تزرع في السابق، كما ان أعداد الحيوانات انخفضت إلى ما دون النصف مما كانت عليه. ويقول حاجي بشير رئيس قرية إسحاق سليمان كنا نزرع 1300 هكتار أما الآن فالمساحة 200، وكنا ذات وقت نملك 11 ألف رأس من الماشية أما الآن فالعدد هو 4000. ويشير بشير إلى أن النقص الحاد في المياه هو المشكلة الرئيسة وفي مناطق كثيرة دمرت شبكات الري التي يرجع تاريخها إلى قرون خلال حروب تواصلت عقدين من الزمان وعلاوة على هذا، فر نصف عائلات 1500 قرية خلال فترات الجفاف والحروب. ولم يبدأوا قبل الان في العودة إلى ديارهم. ويرى بشير أن نقص المياه يفرض على الزراع المحليين الاقتصار على زراعة القمح والجاودار والحمص وهي محاصيل ذات ربحية منخفضة. وتفتقر المنطقة إلى نظم الري الضرورية لانتاج محاصيل أكثر ربحية ومنها البطيخ. يشار الى ان الامطار تهطل بمعدل يقل عن 200 ملليمتر في العام في أفغانستان وهو معدل يساوي ربع المعدل في ألمانيا ومساحات واسعة من هذه البلاد الجبلية قاحلة وجافة ولا توجد أرض خصبة إلا في بعض القرى حيث تبلغ نسبة الارض الصالحة للزراعة في البلاد 14 في المائة فقط. ممثل لمنظمة الامم المتحدة للاغذية والزراعة (فاو) في كابول يعترف بأن مازالت هناك احتياجات هائلة يلزم تلبيتها في أفغانستان خاصة وان مستوى المياه الجوفية هبط في بعض المناطق لعشرات الامتار، الا ان الموقف تحسن نوعا ما في العام الماضي بحيث يمكن لمنظمة (فاو) أن تشير إلى إنتاج قياسي زاد على خمسة ملايين طن العام الماضي وهو دليل تقدم. والجفاف الذي كبد أفغانستان الكثير انتهى في الشتاء الماضي. ومازال سكان قرية إسحاق سليمان يعتبرون أنفسهم محظوظين. فقريتهم تقع على بعد ستة كيلومترات من حيرات عاصمة المقاطعة. ويقول حاجي بشير إن بالرغم من ذلك مازالت أمامنا مشكلات في توجيه بضاعتنا إلى الاسواق. ولايضاح هذا يضرب بشير المثل بمشكلات عمال السجاد المحلي لا يمكننا البيع إلا لتجار في سوق حيرات. وليس هناك خيار آخر. ويذهب معظم الربح لتجار السوق وليس للحرفيين المحليين." وفيما قد تباع السجادة المصنوعة في حيرات مقابل آلاف الدولارات نجد أن عمال إسحاق سليمان وأسرهم لا ينالون من هذه المبالغ إلا القدر اليسير.