استمر الانقسام الحاد بين المعارضة والحكومة في ألمانيا بشأن الاصلاحات الاقتصادية في الوقت الذي استأنف فيه البرلمان الالماني مناقشة مشروع الموازنة. وحث المستشار الالماني جيرهارد شرودر أعضاء المعارضة على إظهار (الوطنية) بالموافقة على خططه لاصلاح نظام العمل والضرائب وغير ذلك من الاصلاحات. من ناحيتهم اتهم زعماء المعارضة المحافظون تحالف يسار الوسط الحاكم بتخريب اقتصاد البلاد. وقالت أنجيلا ميركيل زعيمة الاتحاد الديموقراطي المسيحي: ما تفعله أيها المستشار مأساة للبلاد. كما اتهم زعماء الاحزاب المسيحية الديموقراطية المعارضة الحكومة بتدمير اتفاق الاستقرار النقدي الاوروبي بعد نجاح كل من ألمانيا وفرنسا في تفادي العقوبات الاوروبية عليهما رغم انتهاكهما للقواعد النقدية للاتحاد الاوروبي. يذكر أن مجلس الولايات أو البوندسرات وهو أحد مجلسي البرلمان الالماني رفض خطة الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية لحكومة شرودر رغم تمريرها في مجلس النواب أو البوندستاج حيث يتمتع تحالف يسار الوسط الحاكم الذي يضم الحزب الاجتماعي الديموقراطي وحزب الخضر بالاغلبية. من ناحيتهم تعهد زعماء المعارضة المسيحية الديموقراطية بتأييد صيغة جديدة من هذه الاصلاحات تتضمن تعديلات جذرية. وتسعى لجنة وساطة حاليا إلى تقريب وجهات النظر بين الحكومة والمعارضة بشأن هذه الاصلاحات. وفي الوقت الذي دعا فيه شرودر المعارضة إلى عدم عرقلة الوصول إلى حلول وسط قال إنني مستعد لتقديم تنازلات ولكن بشرط أن تكون مناسبة. وقال إنه من غير المعقول أن يطالب زعماء المعارضة بخفض كبير في الدعم وفي الوقت نفسه يرفضون خطط الحكومة من أجل تقليص الاعفاءات الضريبية التي يتمتع بها مستخدمو وسائل النقل العامة والمزايا التي يحصل عليها مشترو المنازل. ولكن ميركيل قالت إن الجمود الايدلوجيللحكومة هو الذي يحول دون الوصول إلى حل وسط. وطالبت بأن تتضمن إصلاحات قوانين العمل المزيد من تخفيف القوانين التي تحمي العمالة وتسهل إجبار العاطلين على الالتحاق بأي وظيفة. أما جويدو فيسترفيلا زعيم الحزب الديموقراطي الحر فقال إنه لن يؤيد برنامج الاصلاحات الحكومي الذي سيغرق البلاد من ناحية أخرى يتضمن مشروع الموازنة الجديدة للحكومة الالمانية إنفاقا بقيمة 3.257 مليار يورو يتم تمويل حوالى 4.43 مليار يورو منها عن طريق الاقتراض. وترى الاحزاب المسيحية الديموقراطية المعارضة أن هذا الوضع يمثل انتهاكا للدستور الالماني حيث يعتزم وزير المالية الالماني هانز إيجل اقتراض أكثر مما سيستثمر خلال عام 2004. ويريد المستشار الالماني تقديم موعد تطبيق خفض الضرائب على الدخل من عام 2005 إلى أول كانون الثاني/يناير المقبل من أجل المساعدة في إنعاش الاقتصاد الالماني. ولكن المعارضة ترفض التوسع في الاقتراض لتعويض العجز المتوقع في الايرادات الحكومية العام المقبل. من المتوقع أن يتجاوز عجز الموازنة الالمانية خلال العام الحالي أربعة في المئة من إجمالي الناتج المحلي لينتهك لعام آخر الحد الاقصى الذي حدده الاتحاد الاوروبي لعجز الموازنة في الدول الاعضاء في منطقة اليورو وهو ثلاثة في المئة. وذكرت المفوضية الاوروبية أن ألمانيا ستستمر في تجاوز الحد الاقصى العام المقبل أيضا والعام الذي يليه إذا لم يتم اتخاذ إجراء حاسم.