DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

المحامي عبدالعزيز القاسم

فقهنا الدعوي ابتلع فكرة الجاهلية

المحامي عبدالعزيز القاسم
 المحامي عبدالعزيز القاسم
أخبار متعلقة
 
حمل المحامي عبد العزيز القاسم على دعاة محاسبة من اتفق على تسميتهم بمشائخ الصحوة بشدة معتبراً تلك الدعوة جردة حساب شخصية متسائلاً أين كان هؤلاء في السابق ؟ وارجع القاسم سبب انفراد تيار واحدٍ بالمنابر إلى فشل التيارات الأخرى في تطوير خطابٍ يلامس هموم المجتمع وواقعه اليومي فأصبحت هذه التيارات أسيرة واقعها النخبوي المحدود كما كشف القاسم عن المسببات الأساسية لحالة الإرهاب التي يعانيها مجتمعنا بأن ذلك جزء من حالة عالمية وجدت لدينا ما يدعمها من فكرٍ تكفيري غالى منظروه في الدعوة إليه وهذه الحالة أدت إلى سهولة اختطاف الشباب السعودي مما جرنا إلى ساحة المنازلة مع تنظيماتٍ إرهابية مثل تنظيم القاعدة موضحاً ان تراجع الشيخين الخضير والفهد تحول ايجابي يلمس المجتمع بعض آثاره في جمهور معتبر من طيف هذا التيار مؤكداً إننا بحاجة إلى تطوير قنوات للحوار بين هذا التيار ورموزه من جهة وبين فقهاء ومفكري المجتمع للوصول إلى فكرٍ إسلامي معتدل. سبب العنف الخلل بين الأمة الإسلامية والعالم ما المسببات الاجتماعية والفكرية والدينية التي أدت إلى نفق الإرهاب؟ العنف و حمل السلاح مرحلة من مراحل التفاعل الاجتماعي في المجتمع منذ خلق الإنسان فابنا آدم اقتتلا في حوار و تنافس اجتماعي و استمرت المسيرة ، و من التبسيط المخل أن نتجاهل الأسباب و المضمون الاجتماعي و الفكري و السياسي لظاهرة العنف إن أردنا المعالجة الفعالة الصادقة ، فإذا عدنا إلى موجة العنف التي نتحدث عنها فهي جزء من ظاهرة إسلامية عالمية أوسع وهي الاحتجاج الإسلامي على الأوضاع العالمية التي أوجدت خللا في العلاقة بين الأمة الإسلامية و العالم ، فالعنف حالة احتجاج فقدت طريقها الصحيح و اتجهت نحو التخريب والشغب، و من الظلم أن نتحدث عن أسباب محلية خالصة لظاهرة العنف فنحن جزء من العالم، وقد تحولنا إلى ساحة للمواجهة بين التحالف الشعبي العالمي المتمثل في تنظيم القاعدة بمفهومه الهلامي الممتد عبر آلاف المدن في العالم، بيد أن ذلك لا يعفينا من قراءة الأسباب المحلية لظاهرة الاحتجاج العنيف خصوصا اننا نتحول تدريجيا لساحة منازلة ، فلدينا أسبابنا المحلية التي جرفت شبابنا لتلك المجموعات ، فمن الأسباب أننا لم نطور فكرا سياسيا إسلاميا معتدلا الأمر الذي أدى إلى فراغ كان فرصة ذهبية لمن هب و دب يملؤه برسالته التجييشية حتى صار شبابنا وقودا لقضايا الآخرين بكل أسف ، فقد بالغنا في المرحلة السابقة و ركزنا على نصوص الصبر و الصمت و ترك ذلك مجالا لفقه الخروج و التمرد في أكثر صورها عنفا و تمردا ، و من الأسباب التوسع في التبديع وتضييق المجال المشروع للتعامل مع الآخرين فهم كفار لا تجوز موالاتهم ونفسر الموالاة بأنها كل علاقة مع الكافر حتى شملت التعامل الدنيوي الذي كان أضعافه موجودا في مجتمع الرسالة، وكان فقهنا التقليدي قد لجأ إلى هذا التصعيد خلال أزمات وظفت فيها تلك المفاهيم للمواجهة والصراع أكثر من أن تكون قراءة موضوعية للشريعة بدليل التجاهل الشديد للنصوص المخالفة لفقهنا المحلي التقليدي وشرح هذا الموضوع يطول، أما فقهنا الدعوي فقد ابتلع فكرة الجاهلية لدى المرحوم سيد قطب، و هي فكرة مطورة عن فكر تفجير التناقض الماركسية التي جوهرها تعبئة شبيبة الطليعة المناضلة بفكر لا يسمح بتسلل الخصوم إلى التيار و عناصره البشرية فالاتصال بالمجتمع غير البلوتاري تميع نضالي و ربما سماه غلاة المركسيين خيانة للقضية كما فعل ستالين مع التوفيقيين الأوربيين، و لهذا كانت صياغة سيد قطب رحمه الله لفكرة الجاهلية أقرب إلى فكرة تفجير التناقض منها إلى فقه الشريعة ويتجلى هذا قطعيا في استيعاب الشريعة للآخرين من خلال كم هائل من القنوات التي تمنح الشرعية لهم ومن ذلك استيعاب الشريعة لنظام الشورى العربي القرشي، ولنظام العاقلة العربي في تحمل الأقارب دية القتل الخطأ ، ولمعاملات عموم الجزيرة من بيع وشراء و سلم .. وغيرها ، ومن ذلك اتصال النبي صلى الله عليه وسلم بعتاة الأمم الأخرى اتصالا سلميا وقبل من النجاشي إسلامه بقدر طاقته فصلى عليه حين توفي ولم يعتبر ذلك تميعا ثوريا كما تقول الماركسية في صيغتها اللينينية التي استلهمها سيد قطب رحمه الله ، لقد أدى مفهوم الجاهلية إلى قطيعة وجدانية بين جيل الصحوة و الآخرين ، وابتلعنا نحن في المملكة هذه الفكرة بل بادر بعض السلفيين إلى تأصيل هذه الفـكرة عبر إفراغ نصـوص الـولاء والبراء عليها ونصوص الغربة الأمر الـذي أدى إلى تعميق مشـروعـية القطـيعة مـع الآخرين والقطيعة أساس وجداني و فكري و سياسي للمواجهة و العنف كما نعلم ، ومن الأسباب المهمة سياسة التعامل مع التجنيد الشعبي للجهاد في أفغانستان فقد تم ببساطة و عفوية خطيرتين أدت إلى تكوين جيوب فكرية مسلحة لديها رؤيتها الخاصة في محيطها و تعاملت معها السياسات بتجاهل تام لا يتناسب مع خطورة القضية ، الأمر الذي أدى إلى بناء مخزون بشري هائل قابل للاختطاف لصالح أي تيار احتجاجي مسلح لأنه يتناسب مع الثقافة التي كونتها العملية الأفغانية ، و هذا الجانب من أسباب موجة العنف الإسلامي العالمي تعاملت معه أمريكا بمنتهى اللؤم فقد صبت جام غضبها على العالم بأسره و أخرجت نفسها من مسؤولية أفغنة الثقافة و الشبيبة الإسلامية عبر أكثر من عقد من الزمن. المسؤولية مشتركة من يتحمل مسئولية المأزقين الاجتماعي و الديني الذي وصل له المجتمع السعودي؟ الجميع يتحمل قسطا من المسئولية ، فعلى سبيل المثال كانت السياسة التعليمية قد كتبت في أجواء المواجهة مع تيارات معينة و كانت المصلحة آنذاك تقتضي تعبئة الطالب برؤية معينة لمواجهة الاستقطاب بيد أن تلك الظروف قد زالت نهائيا بعد أشهر من اعتماد تلك السياسة ، فقـد انـهار النظـام الناصري برحـيل زعيمـه وأخذت مصر اتجاها مناقضا بعد ذلك و بقيت المناهج تقدم نموذجا معينا قد يناسب تلك المرحلة لكن الظروف تغيرت بعده و عزز ذلك من تعميق اغتـراب الطـالـب و شعــوره بالخطر الفكري والعقائدي من الآخرين ، و قد أوجد ذلك مناخا اختطفته التيارات المتشددة و العنيفة بعد ذلك ، و من مسئوليات الدولة ضخ الحياة في سياسات الدولة و تكوين منظور وطني يترقب من خلاله المواطن حياته الكريمة المستقبلية و موقعه بين الأمم ، و من مسئوليات المؤسسة الدينية في هذه الأزمة ضعف الوعي بالتحولات التي طرأت على المجتمع الحديث الذي شكلت وسائل إعلامه مواطنيه بطريقة تختلف نهائيا عن البيئة التي تشكل فيها الفكر السياسي الإسلامي المحافظ التقليدي ، كما تجاهلت المؤسسة الدينية التقليدية متطلبات الحياة الحديثة في المعاملات و الحياة الاجتماعية و بقيت تنظر إلى الفقه من زوايا اجتماعية تجاوزها المجتمع الآن ، و لهذا انعزل المواطن تدريجيا عن تلك المؤسسة الأمر الذي ترك فراغا شرعيا و وجدانيا خطفته القاعدة و خطابها الثوري الجذاب عاطفيا ، أما المثقفون فقد كان لهم دور سلبي تمثل في الاشتغال بالقضايا الصغيرة و الهامشية و لم يبرز لهم صوت وطني مسموع يستطيع أن يملأ الجانب الدنيوي من حياة المواطن بحيث يشكل نقطة تعادل في مواجهة ثقافة العزلة و السلبية و التشدد التي اجتاحت المجتمع اليافع .. و هكذا تتعدد الجهات المسئولة كما نرى .. المنابر لاتمنح الكثير من الأطروحات والبيانات التي أصدرها المثقفون تلقي باللوم على انفراد تيار واحد دون غيره بالمنبر الاجتماعي والفكري في المجتمع مما ضيق الخناق على التيارات الأخرى فكيف ترون ذلك؟ حقيقة اختلفت تلك الأطروحات التي تدعي انفراد تيار واحد بالمنابر .. فالواقع أن المنابر لا تمنح بل تؤخذ غلابا ، و إذا أردنا الصراحة فإن التيار الذي تشير إليه استطاع أن يتعامل مع التوازنات المحلية المعقدة و ينفذ من خلالها إلى المنابر التي أشار إليها السؤال ، و السؤال الحقيقي هو لماذا فشل الآخرون في تطوير منابرهم أو في إيجادها ؟. هذا هو السؤال الجدير بالطرح و إن جاز لي أن أجيب عنه فإنني أبادر بالقول أن التيارات الأخرى قد فشلت في تطوير خطاب مسئول قادر على لمس تطلع الإنسان ، و بعيدا عن تعداد المثالب دعنا نفتش عن خطاب المثقفين الذي يمكن أن يلامس وجدان المواطن هل يمكن أن يكون في خطاب صحفي اختار التعبير المخملي المغضي حياء أو هيبة ؟. أم تراه في الخطاب النسائي الذي أضر بمصالح المرأة البسيطة واوجد ضجيجا حول هموم المرأة النخبة ، المرأة التي تصنع مطالبها وخطابها في منتجعات كان وبيروت والإسكندرية ؟. أم تراه في الخطاب الأكاديمي البارد الذي اشتغل بكل شيء سوى ما يهم المواطن و يقض مضجعه ؟. هل يمكن لهذه الخطابات أن تزاحم خطابا دينيا صاخبا تقمص فوبيا الهوية و الهيمنة و حرك بها أمواج المجتمع البشرية ؟. مجتمعنا دون شك بحاجة إلى نخبة جديدة تنجح في ابتكار خلطة ثقافية تستلهم الهوية الإسلامية و تلاحق المصالح المشروعة للإنسان و تطرح همومه بصيغة قابلة للعيش و الحركة ، هذا التيار مشكلته الأساسية أنه بحاجة إلى تطوير منظور نظري و ليس لدى معظم مثقفينا الجلد على ثني الركب و العمل الجاد لتطوير هذا المنظور ، كما أنه بحاجة إلى موقف مستقل و مسئول يستطيع أن ينفصل عن أجهزة العلاقات العامة الرسمية .. ربما كانت حسنة كارثة أيلول و ما تلاها أنها أوجدت بعض شروط اللعبة و الباقي يجب أن يتولاه المثقفون و المعتدلون من جميع التيارات خاصة مع الرحابة الجديدة للأفق السياسي للدولة مؤخرا .. أين كان هؤلاء؟ طالب بعض الكتاب مشايخ الصحوة بالاعتذار عما تبنوه سابقاً من أفكار يرون أنها هي المسئولة عن الوضع الراهن ، فكيف ترون مشروعية ذلك؟ وهل سيكون لاعتذار المشائخ دور في كسر حلقة العنف أم ان الخرق اتسع كثيراً على الراقع؟ إذا كانت المسئولية عما يجري مشتركة فمن الظلم أن نطالب طرفا واحدا بالاعتذار لمجرد أن الرياح تسير بما لا يهوى . إنني بصراحة أشك في الصدقية الأخلاقية لذلك الطلب ، و هو يعبر بصراحة عن مأزق أخلاقي في المسئولية الاجتماعية. أين كتابنا هؤلاء عن مواقفهم المباركة لحملات التجنيد ( الإجباري ) إلى أفغانستان ؟. أين مواقفهم المباركة لسياسات التعليم و الإعلام ؟. أين مواقفهم المباركة لتخلف البنية الاجتماعية ؟. بهذه البساطة نتجاهل الجميع لنلطم وجوه المراجعين و المصححين ؟. إن التعامل المسئول مع الظاهرة يتطلب الدعوة إلى معالجة إجرائية تضمن عدم تكرار ما حدث فأن نوقد شمعة واحدة خير من أن نلعن الظلام . أنصار القاعدة يعيشون بيننا عندما تقع عمليتان إرهابيتان في قلب العاصمة ويعتقل بين العمليتين ما يقارب الستمائة مشتبه فيه فإلى أي مدى كان المجتمع السعودي مخترقا من قبل تنظيم القاعدة؟ هذا سؤال مشروع ، نعم مجتمعنا مخترق بشـكل ملمـوس ، هـؤلاء يعيـشـون بـينـنـا ، وأنصارهم يملأون الإنترنت تنظيرا وتبريرا لما يجري ، وهذا يدعونا للأخذ بجدية في معالجة الظاهرة من جذورها هناك في الأسباب أو المدخلات و ليس في المخرجات كما يقول الاقتصاديون ، لقد أثبتت الأزمة الحالية للعالم بأسره و ليس لنا وحدنا أن الأفراد يمكن أن يلحقوا ضررا بليغا بالعالم يمكن أن يغيروا مجرى الحياة على ظهر الأرض تماما كما حدث في أيلول ، هذه الحقيقة الجديدة تماما على الفكر السياسي الإسلامي التقليدي و على فكرنا المحلي جديرة بأن نتعامل معها هذه المرة بطريقة غير تقليدية . أليست مطالب القاعدة كافية؟ هل تعتقد أن هناك مطالب سيطالب بها الإرهابيون وقد نفذوا العملية الثانية دون إعلان مطالبهم؟ وما هدفهم من هذا الصمت؟ المطالب معلنة ! . الخلايا المحلية ليست سوى جهاز تنفيذي لتنظيم سمعنا رسالته السياسية بل هي رسالة أوصلها التنظيم للعالم كما لم يفعل تنظيم من قبل ، المشكلة ليست في رسالته المباشرة ، فقد تحدثوا عن الهيمنة الأمريكية أو الصليبية كما يقولون ، المشكلة الحقيقية في المضمون الحقيقي للرسالة ، ذلك أن الهيمنة الأمريكية مشكلة كونية فما معنى أن يتحملها سكان مجمع المحيا مثلا ؟. أو ما معنى أن يتصدى شبان السعودية لتأديب أمريكا نيابة عن العالم بأسره ؟. ثم لو فرضنا أن هؤلاء الشبان استطاعوا تأديب أمريكا أليس المستفيد الحقيقي هم خصوم أمريكا الكبار ؟. هل يمكن اختزال مشاكلنا في الهيمنة الأمريكية أم أن فكرة مواجهة الهيمنة الأمريكية مجرد راية ترفع لتحقيق شرعية لا تشوبها شائبة ليس فقط إسلاميا بل عالميا ، والهدف الحقيقي يكمن هناك خلف الرسالة المباشرة ، إن قراءة التحالف بين عناصر القاعدة يقودنا إلى استشراف الرسالة الحقيقية إنها في مخاطبة الوجدان الوطني المنكسر بسبب الفشل و الهزيمة و الإخفاق في الوطن العربي والإسلامي ، مخاطبته بلغة جديدة تضرب بكل قسوة في أخطر مناطق القوة لتكسر دفعة واحدة هيبة الشرعيات المحلية و لتصل بعد ذلك إلى تجنيد خط جماهيري مفتوح في جميع زوايا العالم يتحرك في الأطراف ضاغطا على الوسط على الداخل ، هذه الاستراتيجية جديدة على العالم ، كانوا بالعكس يضربون الأطراف الضعيفة للنيل من شرعية الخصم القوي ، الاستراتيجية الجديدة ناجحة إعلاميا و بكل المقاييس بدليل انجفال الجماهير خلفها من كوريا إلى الأرجنتين فضلا عن المنطقة المخاطبة بهذه الاستراتيجية المعضلة أن هذا النجاح سيقود إلى كوارث كوارث وطنية و أممية المسلمون جميعا سيكونون ضحية هذه السياسة المتهورة ، و المهم أن نتعامل مع الواقع الجديد تعاملا غير تقليدي، الزمن لا يحل هذه الأزمات كما كان بعضنا يتخيل سابقا . من يحاور من هل تعتقدون ان الحوار مع حملة السلاح سيكون مجديا فيما لو حدث ؟ وعلى أي الأسس سيبنى هذا الحوار؟ مشكلة الحوار انه بحاجة إلى طرف ثان ، في حالتنا من يحاور من ؟. الواقع الملموس أن مشكلة العنف الجديدة عالمية ، قد تعالج بالحوار أفرادا معينين و هذا مكسب فمن أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا ، لكن اختزال الموضوع في حوار بهذا المعنى لن يكون مجديا لأن مركز الظاهرة ليس بين أيدينا ، الظـاهـرة معقــدة ، وفيها أجندات كثيرة لن نستطيع بهذه البساطة أن نتعامل مع أجندة معينة منها ، الحوار الحقيقي مع الظاهرة لن يكون إلا بعزلها من خلال مشروع وطني يعالج الجذور و إذا تمكن وطننا من طرح مـشروع يلـتف عـليه النـاس ويبعث الأمل في قلوبهم و يجد صدقيته في التطبيق الجاد ساعتئذ ستبدأ العزلة الحقيقية ، و الحوار الوطني الذي بدأ قد يستطيع أن يصنع قنوات فكرية لتواصل التيارات بعضها مع بعض و بالتالي سيوجد وسطا معتدلا ينمو باطراد ، هذا هو الحوار المثمر في نظري . الارهاب و ليد التطرف ولاجتثاث الإرهاب يجب القضاء على منابر التطرف ومشجعيه الا ترون ان القضاء على التطرف قد يولد تطرفاً آخر كيف يمكن الخلاص من هذه الازدواجية؟ لماذا تفترض أن يعالج التطرف بتطرف مضاد ؟. لماذا لا نصنع بيئة التعدد و الاعتدال برؤية وطنية متماسكة ، معالجتنا للأفكار في الأزمات السابقة كانت ظرفية ، و كانت تتنقل من تطرف إلى تطرف آخر ، الحل لن يكون سوى في بناء ثقافة اعتدال حقيقية تقوم على احترام الاجتهاد و حــــق المجتهـدين و احتــرام حقـوق الآخرين و مصالحهم المشروعة ، و أن يكون وصولنا إلى حقوقنا و تطلعاتنا من خلال الوسائل المشروعة عبر البناء الإيجابي الجاد و ليس البناء الأعمى . ما مدى القناعة بهذا التحول !! كيف ترون أهمية تراجع كل من الخضير والفهد عن فتاويهما السابقة؟ وهل التراجع كان عن المنهج أم عن الفتوى فقط؟ يعتبر الشيخان رمــزين لـتيـار معــين وتراجعهما أدى إلى آثار واسعة داخل ذلك التيار و هو تحـول إيجابي في مصـلـحة الحـياة الفقهـية و الدينية للمجتمع فضظلا عن آثاره الأمنظية ، ونلمس بعض آثار هذا التحول في جمهور معتبر من طيف التيارين السلفي و الجهادي ، أما عن نوعية التحول هل هو عن المنهج أم عن الفتوى فالأمران متداخلان و ربما كان السؤال الأهم هو ما مدى عمق قناعتهما بهذا التحول ؟. أعتقد أن لديهما قناعة حقيقية بالتحول بيد أن تحديد جذورها الفكرية من المبكر أن يخاض فيه الآن ، إننا بحاجة إلى تطوير قنوات حــوار بين هــذا التيـار و رمـوزه من جهـة و بينـه وبين فقهاء و مفكري المجتمع من جهة اخرى بالقدر الذي يؤدي إلى نضوج فكر إسلامي معتدل له رؤية إصلاحية معتدلة بحيث نضمن استـقـرار قـنوات سلـمية للتعبيـر والمشاركة تحقق فعالية اجتماعية و استقامة للفكر الاحتجاجي بدلا من ترك المبادرة لقادة الغلو و يبقى دور المجتمع و فعالياته أشبه بفرق المطافئ المستنزفة في ملاحقة الحرائق بدلا من بناء المدن الجديدة . بيئة جديدة للحوار تباينت الآراء حول هذا التراجع فهناك من يرى أن التراجع اسقط الخضير والفهد من زعامة التيار بينما التيار موجود سواء تراجعا أم بقيا بينما يرى آخرون أن التراجع هو بداية مراجعة منهجية لهذا الفكر كيف ترون ذلك؟ عادة ما يصاحب التحولات الفكرية انقسامات لدى جمهورها بل و منـظـريهـا ، وفي الغالب يؤثر كـثـيرا مضـمون التحـول وحججه و سياقه في عملية الاستقطاب الجديدة و هذا ليس خاصا بالتيار السلفي فحسب بل هو ظاهرة عامة في الفكر الإنساني ، من هنا كان تأثير الشيخ الفهد أوضح فقد استدل و استشهد و جادل بطريقة أكثر اتساقا ، و الرهان الحقيقي على بيئة الحوار الجديدة سواء داخل السجون أو خارجها و لهذا أدعو بإصرار إلى العمل الجاد على تكوين بيئة حوار صحية يمكن أن تحقق تحولا فكريا حقيقيا بدلا من التحولات المبتورة التي قد تتلاشى في صخب الجدل الاجتماعي بوسائله المفتوحة شديدة الفعالية.