بلغنا منتصف الليل.. زجاج النوافذ مغطى بزخات المطر.. افكاري وتأملاتي تخترق اصوات الرعد والبرق, تكبر في تأملاتي اجنحة المجهول القادم. ترى ماذا يخبئ الليل لنا؟ ماذا يحمل لنا الزمن القادم؟ انين القديم يرفض التحرر.. الخرافات مازالت تعشعش في مواسم افكارنا, المسافات ضاعت ما بين القديم وموجات الجديد.
نقف حيارى ونتساءل في حالة يأس وترقب من ينتصر.. القديم ام الجديد؟ نبعث التفاتة غامضة لا تعرف البداية من النهاية في زحام الدنيا!
نودع اللحظات ونشتاق اليها, نتقدم خطوة ونتأخر خطوات, نصوغ دروبنا بالاشواك ونوهم انفسنا بانها دروب ورود.
ومع نهاية كل موسم ومضي موسم من رحلتنا نستقبل عاما جديدا ونبدأ التحضير في اوراق العمر, نغرس في اعشاب هذا العمر حدائق غناء بطبول الشوق لبدء رحلة جديدة في بحر الحياة شراعها الامل, ومركبها لاليء.. نعاهد انفسنا في حلكة الليل ان نغادر موجات غربة العقل,. ونكسات صدمة القلب نرتب جدولنا الزمني للعام الجديد بنفض غبار المسافات, وبحماية مواطن السعادة والفرح من الغرق في البحيرات الملونة المنقوشة باوراق الخريف.. نحلم بشراع الامل ان نصل لشواطئ امن العمر في رياض النبع الاجمل والاحلى في مشوار الحياة.
مع نهاية كل عام يبدأ التاجر في جرد حساباته, ويبدأ الكاتب في استرجاع كلماته واحرفه ويبدأ الشاعر في تقليب قصائده وابياته, ويبدأ العاشق في القبض على اوجاعه واحزانه وليالي سهده وانتظاره.. يسترجع احتراق معاناته.. يتأملها بعمق في اكناف الصمت.. يحلم ان يكون موطن الابتسام هو عنوان عامه الجديد.
ها نحن على اعتاب عام جديد, ننفض غبار عامنا الحالي بأحزانه وافراحه, نسترجع ما انجزناه طوال اثنى عشر شهرا, ولكن السؤال يفرض نفسه على ارض الواقع متى نستفيد من تجاربنا.. ففي كل عام نقع في نفس الاخطاء, ونواصل الاخفاقات دون ان نتعلم من اخطاء الماضي.