الحوار الفكري هو ما نحتاجه اليوم قبل أمس وغدا، فالآراء والمقترحات والخبرات لاتنبع الا من تلاقي عدة ثقافات اجتماعية وتربوية ودينية، وحتى نفسية، فحين تتضح المفاهيم والافكار فان ذلك هو المؤشر الحقيقي لازالة الغموض، ومسح الكثير من الافكار الخاطئة والهدامة..
من هذا المنطلق تقيم الادارة العامة للتربية والتعليم بالمنطقة الشرقية (بنين) ممثلة في قسم النشاط الطلاب الثقافي حوارات طلابية في التاسعة والنصف من صباح اليوم الثلاثاء بقاعة الامير محمد بن فهد للمحاضرات بمبنى الادارة بمدينة الدمام، دعي لها مسؤولون بالدوائر الحكومية ووسائل الاعلام.
(اليوم) حرصت على ان تواكب الحدث وتتعرف على اهداف هذا البرنامج ونتائجه من قبل عدد من المسئولين وكذلك الطلاب المشاركون، الذي يحمل عنوان (الحوار ضرورة وطنية).
الحوار نهج
في البداية يقول رئيس قسم النشاط الطلابي بالادارة العامة للتربية والتعليم خالد عبدالرزاق الذوادي: حينما ينادي صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني بالحوار الذي سيحل الكثير من الغموض والاشكالات، ويغير بعض الاتجاهات الخاطئة تجاه الوطن وتجاه المجتمع.
فانه حري بجميع اجهزة الدولة ومصالحها ان تعزز مبدأ الحوار الوطني، وتجعل الشفافية هي المسيطرة على تلك الحوارات، بعيدا عن المجاملات والغموض والكلمات، التي قد لاتخدم المصلحة العامة، بقدر ما تهم صاحب الكلمة المتحدث، لذلك فالحوار الصريح، خاصة حينما ينبع من شريحة يافعة هم اليوم شباب وفي الغد رجال، يبنى على سواعدهم كل الامم، فالشاب حين يعيش ويترعرع على مبدأ الحوارات لحل مجمل القضايا والاختلافات بأسلوب شيق وراق بعيدا عن التوترات والعنف والسخط فاننا بالتالي سنجني في المستقبل القريب باذن الله تعالى ثمارها.
ويؤكد الذوادي حرص النشاط الطلابي على تنظيم الحوارات الطلابية منذ اكثر من عامين، لما لها من اثر ايجابي وفاعل على الطلاب انفسهم، وهناك حوار بين المعلم والطلاب، وبين الادارة والطلاب، وبين مدير التعليم والطلاب، وبين المسؤول والطلاب، في مواضيع مختلفة لصقل مواهبهم وتنمية أفكارهم وتعويدهم علىالتحدث بما يختلج في صدورهم، وما يودون إيصاله للمسؤولين من آراء ومقترحات سديدة، تخدم وطننا الغالي ومجتمعنا الكبير، وكيفية توجيه الطلاب الى السبل الامثل في حل مشاكلهم، وما هذا البرنامج الذي ستقدمه نخبة من أبنائنا الطلاب هذا اليوم الا امتداد لحوارات طلابية عقدناها منذ عامين دراسيين، ونطلب من الله العلي القدير ان يحقق اهدفنا المرجوة في المستقبل القريب، من خلال اتاحة الفرصة لجميع شرائح المجتمع في مبدأ الحوار الوطني، والمشاركة في بناء ورقي المجتمع السعودي الغالي.
لماذا الحوار؟! اما رئيس شعبة النشاط الثقافي سعيد عبدالله سفر فتساءل في البدء: لماذا الحوار؟ ويجيب عن تساؤله بالقول:
سؤال قد يبدو للوهلة الاولى سهلا، والاجابة عنه بدهية ومسلمة من المسلمات، وانا هنا لا ادعي ان الاجابة صعبة، اذا اين تكمن الحقيقة، في رأيي ان الحقيقة في كلا الامرين، فهي سهلة وصعبة اي من السهل الممتنع اذا من جديد لماذا نتحاور؟ لاننا مختلفون، هذه هي الاجابة ببساطة (لاننا مختلفون) لان هناك فروقا فردية وبالتالي عقليات مختلفة وملكات مختلفة، الامر الذي أراه من زاوية تراه انت من زاوية اخرى، الذي يبدو لدى مهما قد يبدو لك اهم، والعكس صحيح، اذا ما الحل، الحل في رأيي يكمن في أن تعترف بهذه الحقيقة والتي هي في ذات الوقت ظاهرة كونية فالكون قائم على قاعدة الاختلاف الليل والنهار القوة والضعف الخير والشر، وهكذا دواليك، انه مشوار طويل، ولكنه ليس مستحيلا، والبداية لاتبدأ ـ فقط من اعادة النظر في المسلمات - في نظرنا - التي تتحكم في سلوكنا اليومي، بل نبدأ من مراقبة سلوكياتنا الثقافية والمعرفية، انا بحاجة ماسة الى منهجية تربوية متكاملة تنمي هذه الفضيلة وتشيع جوها، فهل نقدم على هذه الخطوة؟ كل المؤشرات تؤكد ذلك.
لغة الشعوب
واعتبر مشرف النشاط الثقافي طارق عبدالله الرميح ان الحوار لغة الشعوب والامم المتقدمة وفضيلة استعان بها انبياء الله في تبليغ رسالاتهم يقول: هذه الفضيلة يجب ان تغرس في تعاملاتنا مع الآخرين حتى نصل الى درجة الرقي بين الامم ومن هنا انطلقت فكرة تضمين برنامج خاص ضمن برامج النشاط الثقافي يخدم موضوع الحوار، ويجسده ويجعل له سمة بارزة في شخصية ابنائنا الطلاب محاولين اكسابهم قدرا جيدا من القدرة على التخاطب وتقريب وجهات النظر مع من يختلف معهم، ومن خلال تجربتنا السابقة في تطبيق برنامج الحوارات الطلابية للمرحلة الثانوية لمسنا التهيؤ الرائع لدى الطلاب في قوة الحجة واحترام الآخرين والتسلح بكم هائل من المعلومات المعينة على التمكن من الحوار الراقي.
جزء من المنهج
وقال مشرف النشاط الثقافي فهد عايض العنزي ان المتتبع لخطوات التطوير في مجال التربية والتعليم يجد ان النشاط الطلابي بات من اولويات الوزارة، كونه جزءا لا يتجزأ من المنهج وليس ذلك فحسب بل هو الوسيلة الفعالة في تحقيق الاهداف التربوية، ومن ذلك بناء الشخصية المتكاملة للمواطن الصالح الذي يخدم دينه ووطنه ويأتي برنامج الحوارات الطلابية لترجمة اهداف النشاط الطلاب الى واقع ملموس فمن خلاله يتدرب الطالب على طرح افكاره بأسلوب حضاري وتقبل الرأي الآخر واحترامه والبحث عن النقاط الايجابية التي يعرضها الطرف الآخر للاستفادة منها والوصول الى رؤية صحيحة للمواضيع المطروحة للحوار، بما يخدم مصلحة الفرد والمجتمع ومن خلال تطبيقنا لهذا البرنامج في الأعوام الثلاثة الدراسية السابقة لمسنا اهمية مثل هذا البرنامج في تحقيق اهداف وزارة التربية والتعليم.
الاتصال المباشر
واكد مشرف النشاط الثقافي علي بن طاهر البحراني ان الحوار من وسائل الاتصال المباشرة والحيوية، ذات النتائج المميزة في فهم الآخر، واستيعاب افكاره وتوجهاته، مما له الاثر الكبير في التعايش السلمي والواعي بين افراد المجتمع فكريا وثقافيا واجتماعيا.
وعن برنامج الحوارات الطلابية الذي ينفذه قسم النشاط الطلابي الثقافي قال البحراني: انه يؤسس لهذه الوسيلة الهامة من وسائل الاتصال عند الطلاب، ويعمقها في عقولهم ونفوسهم ويدربهم على تقنيات وانواع واهداف وآداب الحوار العامة على أمل ان ينشأ جيل من الشباب يتخذ من الحوار الحر المنفتح الايجابي وسيلة للتواصل والتفاهم، وسلما للعلم والمعرفة ومجالا لتبادل الرؤى والافكار، مما يحقق رقيا وتطورا في العلاقات الاجتماعية والفكرية، وهذا ما اشارت اليه الآية الكريمة في قوله تعالى: (وجادلهم بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم).
تنمية الشخصية
ومن خلال تجربته يقول علي عبدالعزيز علي الانصاري رائد النشاط في مدرسة الظهران الثانوية: رأيت أمرا لايستغرب عن أبنائنا الطلاب من خلال التجربة مع الاخوة في شعبة النشاط الثقافي في برامج الحوارات الطلابية, في التفاعل مع مثل تلك الحوارات, التي حققت بالفعل الهدف الذي رسم له, وهو تنمية شخصية الطالب من جميع جوانبها, من خلال طرح القضايا التي تشغل الفكر الطلابي ومناقشتها عبر المحاور والمناقشات والحوارات الطلابية والمأمول من تلك البرامج هو ان تعمم على شريحة اكبر من الطلاب, وان تخصص لها البرامج التلفزيونية والاذاعية والصحفية والمنتديات والاندية الثقافية والادبية ورصد المحفزات التقديرية.
فكر أبناء الوطن
ويعتبر عبدالله حسن عسيري المشرف الثقافي بالهيئة الملكية بالجبيل الحوارات الطلابية فكرة جريئة وجديرة بالطرح والاهتمام, فهي تطرح فكر ابناء هذا الوطن, وتتوجه به نحو الاصلح لخدمة المجتمع بأسره, الى جانب مالها من أهمية بالغة في تنمية روح المناقشة والحوار الجريء والبناء, كما انها تنتشله من اناء التلقي الى ساحة العطاء الفكري فالمجتمع العربي بشكل عام ووطننا الغالي بشكل خاص في أمس الحاجة الى مثل هذا البرنامج, الذي يهيئ جيلا يمسك بزمام التطوير, من خلال حوار هادف يصب في الاتجاه الأصلح للدين ثم الوطن.
ويؤكد عسيري أن قسم النشاط الطلابي الثقافي حرص على أن يبدأ من حيث انتهى الآخرون, من خلال هذه البداية القوية.
تكسر حاجز الخوف
كما حصلنا على آراء عدد من الطلاب المشاركين في برنامج حوارات طلابية حيث يقول ياسر أحمد سعيد الغامدي في الصف الثالث الثانوي من مدرسة الامير عبدالله بن عبدالعزيز الثانوية بالدمام: ارى ان برنامج الحوارات الطلابية هو الخطوة الأولى لنزع رهبة الخوف لدى الشباب, من إلقاء آرائهم امام المسئولين او المجتمع, حيث إن هذه الحوارات تعتبر من افضل الطرق بالنسبة للشباب, لإيصال آرائهم الى المجتمع, فله نتائج ايجابية عديدة, لعل من اهمها كسر حاجز الخوف لدى الشباب, من طرح آرائهم وحل مشاكلهم من الزاوية التي لايراها سوى الشباب انفسهم, بحكم سنهم وعقولهم الصافية الخالية من هموم الحياة, وتعويدهم في المستقبل على طرح آرائهم بكل جرأة, وبلاخوف من مواجهة المجتمع, فثمار هذا البرنامج سنحصدها في المستقبل القريب بعون الله تعالى.
ضرورة حتمية
أما الطالب أحمد عبداللطيف المزين من ثانوية الظهران فيقول: على مختلف العصور والازمان لابد ان تحصل مشاكل اجتماعية متعددة, تحتاج الى حلول ناجعة, وقد تفشت في الجاهلية القديمة أساليب لاتعطي للحوار أية اهمية, حتى جاء الاسلام باسلوب الحوار, حين قال الله تعالى (تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم), فالحوار ضرورة حتمية, يجب ان تكون منتشرة بين جميع طبقات المجتمع, لما فيه من المحاسن العديدة, للحصول على وجهات نظر مختلفة, وبذلك تتم رؤية المشكلة من عدة جهات وزوايا, فيتم اتخاذ الحل الانسب لها، وينتصر الحق ويسمع صوته, فيسهل تبادل الآراء والافكار, والوصول الى أهداف مشتركة, كما يتم من خلال الحوارات اكتشاف المواهب والافكار الابداعية كما يستفاد من الحوار تصحيح افكار الناس الخاطئة ويعودون الى رشدهم .
مفتاح المشكلة
ويقول محمد عقيل العقيل الطالب بالصف الثالث الثانوي بمدرسة الخبر الثانوية: كان لي الشرف بالمشاركة في برامج الحوارات الطلابية مرتين على مستوى قطاع الخبر، وكانت الاستفادة جيدة، سواء على المستوى الشخصي او الطلابي بشكل عام، وأعتقد ان تطبيق مثل هذه البرامج على الطلاب أمر حتمي ومهم، فهم رجال المستقبل، وسيكون لهم الشأن الكبير في رفع مستوى التنمية في جميع المجالات الوطنية، ومن المعروف ان حل أي مشكلة او المفتاح لاي مشروع جديد هو الحوار باسلوب راق ومنطقي، وهذا ما تدعو اليه الدولة، وتؤكد عليه، وكل ما اتمناه ان يكون لوسائل الاعلام دور بارز وهام في تعزيز قنوات الحوار، التي هي اشراقة المستقبل ونماء الفكر والعقل بالاسلوب الايجابي المتوازن.
الحوار توعية وارشاد
ويؤكد عبدالعزيز سعيد القحطاني من مجمع الأمير محمد بن فهد القسم الثانوي ان لغة الحوار هي من صميم تعامل المسلمين فيما بينهم، في شتى المجالات، لما لها من ثمرات نافعة وطيبة، ومنها أن الحوار من أفضل بل هو الحل الاساسي والرئيسي لاية مشكلة كانت، سواء كانت هذه المشكلة اجتماعية او ثقافية او فكرية، كما ان الحوار له دوره القوي في توعية وارشاد وتوجيه المجتمع واصلاحه، وله دور في اقناع المحاور المقابل باسلوب لطيف ومهذب وراق. فالحوار لابد من تعزيزه وتنمية اركانه في المجتمع الذي تعيش فيه، لما يترتب عليه من مشاريع واستثمارات نافعة تخدم مجتمعنا.
الانفتاح الفكري
اما محمد سلمان المعلم من ثانوية دار العلوم بصفوى فيشكر الادارة العامة للتربية والتعليم بالمنطقة الشرقية (بنين) على اقامة هذا البرنامج (حوارات طلابية)، والذي سيكون خطوة اولى ان شاء الله نحو بناء مجتمع محاور، ثقافته الحوار والانفتاح الفكري، الذي يصب في خدمة هذا الوطن الغالي في مختلف المجالات والميادين التنموية والاجتماعية، فهذه الحوارات التي تدعو لها الدولة ستساعد على التماسك والتلاحم لهذا المجتمع، فالمشاركات وتناول وسماع الافكار والاطروحات المتعددة ستدفع عجلة الفكر نحو الامام، كما ان مثل هذه الحوارات ستعزز الثقة لدى الجيل الصاعد، من خلال اعطائهم المجال في طرح افكارهم ورؤاهم، ويعتبر ايضا تفعيلا للنشاطات المدرسية، وملأ لاوقات فراغ الشباب بما ينفعهم في دينهم ودنياهم، وأخيرا يساهم هذا الحوار في نشر ثقافة المصارحة والتفهم للآخر وعدم الاستبداد بالرأي.
الاستفادة من الأطروحات
وأخيرا يقول الطالب فراس موسى الدبيان من مدرسة الاحساء الثانوية: شاركت مع مجموعة من زملائي الطلاب في حوار (العنف في الميزان)، ولي مشاركات في أحد البرامج التليفزيونية، من خلال طرح بعض الرؤى والافكار في عدد من المواضيع. اما بالنسبة لبرنامج الحوارات الطلابية فأعتقد انها السبيل لكون الدولة تتفهم وتعرف ما يدور في عقول الناشئة، لذلك تسعى لمعالجة كل ما يحتاج الى معالجة، كي تسير هذه الناشئة على الطرق الصحيحة، ويستفيدوا من الأطروحات والأفكار والآراء التي تطرح في مثل هذه الحوارات.
ونحن كطلاب بلاشك سنستفيد حين نجد الموجه الصائب لنا، من خلال تفهم ما نريده لنا ولمجتمعنا، وهذه الحوارات تعزز لدى الطالب حب المشاورة والحوار في كل أمر يقوم به، وبالتالي يستمر معه هذا المبدأ حتى يكبر.. ندعو الله ان يوفقنا في تقديم المتوقع والمأمول في هذا البرنامج الحواري الذي أعد خصيصا لنا كشباب اليوم ورجال المستقبل نساهم في خدمة وبناء وطننا ومجتمعنا الغالي.