تدفع الاحزاب العراقية الممثلة في مجلس الحكم باتجاه محاكمة صدام في محكمة عراقية في الوقت الذي تدعو فيه اطراف اخرى الى محاكمته في محكمة دولية على اساس انه لم يضر فقط بالعراق وانما بالامن الوطني والاقليمي والدولي.وبين المفترقين ستظل محاكمة صدام اصعب من اعتقاله خاصة وان اجندة حروبه الداخلية ليست باقل من اجندة حروبه الخارجية.وتمانع القوات الامريكية في العراق اشراك الاطراف العراقية في التحقيق مع صدام المعتقل في مكان سري ، حيث اكد عمار الحكيم القيادي البارز في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق ، ان القوات الامريكية رفضت مشاركة اطراف عراقية في التحقيق مع صدام حسين موضحا انهم طلبوا المشاركة في هذه التحقيقات الا ان القوات الامريكية رفضت ذلك في القوت التي تمتلك فيه الاطراف العراقية آلاف وثائق الادانة ضد صدام وانهم اقترحوا اجراء محاكمة علنية له تنقل وقائعها عبر شاشات التلفزيون.
وتزايدت في العراق المظاهرات التي تطالب بمحاكمة صدام حسين بعد اعتقاله والتي تنظمها احزاب عراقية مثل الحزب الشيوعي والاحزاب الشيعية والاحزاب الكردية، الا ان موضوع المحاكمة يبقى ليس بيد العراقيين حتى هذا الوقت على الاقل بالرغم من تصريح بول بريمر الحاكم المدني الاعلى في العراق بان من حق الشعب العراقي محاكمة صدام حسين على الجرائم التي ارتكبها بحقه وان الحكومة العراقية المقبلة ستتمتع بكامل السيادة لمحاكمة صدام والمسؤولين في نظامه. واوضح بريمر في حديث لشبكة تلفزيون العراق ان تلك الحكومة ستكون ذات سيادة كاملة وتتسلم مهامها في نهاية حزيران - يونيو وسيكون حالها حال اية حكومة في العالم تتمتع بسلطة على محاكمها ومؤسساتها القضائية، وسيكون لها الحق في استرداد مسؤولين في النظام السابق فروا من العراق الى الخارج لمحاكمتهم في العراق.
ومع تصريح بريمر يبدو ان محاكمة صدام ستتأخر على الاقل حتى منتصف العام المقبل بعد تشكيل الحكومة الجديدة وهذا ما سيترك مجالا لجمع الكثير من الوثائق ضده، الا ان التحقيق مع صدام من قبل الاستخبارات الامريكية قد يتجاوز هذا الموعد مما يعني ان قرار محاكمته سيبقى في النهاية بيد القوات الامريكية، وربما يحدده تعاون صدام مع المحققين معه في الادلاء بمعلومات تفيد القوات الامريكية في العراق، وهو ما يرى بعض المحللين انه يمكن ان يغير اتجاه البوصلة في محاكمته اذا ما قدم هذا التعاون مقابل ضمانات.
وازاء هذه الصورة التي يمسك بتفاصيلها الامريكان من كل جانب بشأن محاكمة صدام ثمة صورة اكثر تفاؤلا في مجلس الحكم الانتقالي في العراق ووزارة العدل العراقية.
فمن جانبه نفى السيد هاشم الشبلي وزير العدل العراقي ما تردد حول امكانية مثول الرئيس المخلوع صدام حسين امام محكمة دولية لمحاكمته عن الجرائم التي اقترفها بحق الشعب العراقي.
وقال ان صدام حسين سيحال الى محكمة جنائية عراقية مختصة وسيتولى قضاة عراقيون التحقيق معه في التهم المنسوبة اليه بعد ان يتم التدقيق والتأكد من المعلومات من قبل مكتب جمع الادلة التابعة للمحكمة المختصة.
واضاف انه عندما تتوفر القناعة بعد التأكد من صحة المعلومات للتهم الموجهة الى صدام حسين سيحال الى المحكمة ويحاكم وفق قانون العقوبات العراقي او قانون اصول المحاكمات الجزائية.
وأوضح الشبلي أنه سيتم تعيين 60 قاضيا عراقيا لهذه المحكمة من قبل مجلس الحكم وقد تم ترشيحهم من قبل الوزارة ومجلس القضاء وان المحكمة تتألف من 10 محاكم تحقيق و4 محاكم جنايات واكثر من 20 مدعيا عاما و5 قضاة لمحكمة التحقيق وتسمى المحكمة بمحكمة العصر.
ولكن مع تفاؤل الوزير العراقي يبقى السؤال هل سيدفع الامريكان برأس صدام لهذه المحكمة ام ستتولى الادارة الامريكية محاكمته اذا ما ثبت ضلوعه في الهجمات التي شنتها المقاومة العراقية ضد القوات الامريكية، حيث ستحاكمه المحاكم الامريكية باقتراف جرائم ضد جنودها قبل ان تحاكمه المحاكم العراقية على جرائمه ضد الشعب العراقي.