يسلم المشاركون في اللقاء الوطني الثاني للحوار الفكري يوم السبت القادم توصياتهم إلى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني، بعد ان اختتموا أمس أعمالهم في المؤتمر الذي نظمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بمكة. وصدر أمس بيان إعلامي ألقاه الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني فيصل عبدالرحمن بن معمر.
وفيما يلي نص البيان:
الحمد لله و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على آله وصحبه أما بعد فقد دعم ولاة الأمر حفظهم الله فكرة قيام حوار فكرى يجمع بين أبناء الوطن المهتمين بالشأن العام يتناولون عددا من الموضوعات التي تختلف فيها الرؤى بالحوار العلمي في جو من المودة والإخاء.
وقد عقد اللقاء الوطني الأول للحوار الفكري في مدينة الرياض خلال الفترة بين 15 إلى 18 ربيع الثاني 1424هـ الموافق 15 إلى 18 يونيو 2003م، ووجد مشروع الحوار الوطني الذي بدأ بهذا اللقاء قبولا في أوساط المجتمع توج بالموافقة السامية الكريمة لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز بناء على اقتراح صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني على إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، وشجع ذلك على إشاعة روح الحوار أملا في ان يتحول تدريجيا إلى منهج وأسلوب حياة وعادة متبعة في المجتمع السعودي.
ثم جاء اللقاء الوطني الثاني للحوار الفكري بمكة المكرمة في الفترة بين 4 إلى 8 من ذي القعدة 1424هـ الموافق 27 إلى 31 ديسمبر 2003م، ليضع لبنة جديدة في بناء الحوار الوطني.
وقد اشترك في هذا اللقاء ستون مشاركا ومشاركة من العلماء والمثقفين والمفكرين، الذين يمثلون وجهات نظر متنوعة وتخصصات علمية مختلفة، تدارسوا موضوع الغلو والاعتدال رؤية منهجية شاملة، وهو موضوع اختير لأهميته في ذاته لتعلقه بقيمة الوسطية التي هي الأمر السواء الذي يجتمع إليه الناس ولأهميته أيضا في السياق الزمني الذي شهد ألوانا من الغلو و الإرهاب و التفجيرات التي شوهت صورة الإسلام وسفكت الدم الحرام ودمرت الممتلكات.
وكتبت أوراق عمل و بحوث في هذا اللقاء من قبل خبراء مختصين، درسوا ما يلي:
أولاً: الجوانب الشرعية، فبينوا مفهوم الغلو ونهي الشريعة عنه، مع ذكر لمجمل مظاهر الغلو المعاصر، وبيان الصلة بين الحاكم والمحكوم، وعلاقة ذلك بالغلو والاعتدال.
ثانيا: الجوانب النفسية والاجتماعية، ودرسوا فيها الموضوعات ذات الصلة بالتربية والتنشئة الاجتماعية وأنماط وسمات الشخصية المتطرفة.
ثالثا: الجوانب التربوية، ودرسوا فيها أثر المناهج الدراسية الدينية، ودور المعلم ومؤسسات التعليم في إيجاد الشخصية المعتدلة.
رابعا: الجوانب السياسية والاقتصادية، وناقشوا فيه أهمية المشاركة الشعبية فكرا وتطبيقا في معالجة الغلو، واثر عوامل الفقر والبطالة في ظواهر الغلو والانحراف، إضافة إلى الجوانب الإعلامية. وتناول الباحثون فيها التناول الإعلامي لمشاكل الغلو، واثر الخطاب الديني في وسائل الإعلام المختلفة في مواجهة الغلو وتحقيق الوسطية والاعتدال.
وقد حقق اللقاء أهدافه في نشر روح الحوار بين المشاركين بأسلوب يحقق المصالح العليا لهذا الوطن، حيث تبادل المشاركون الرؤى والأفكار، ولمسوا الحلول والاقتراحات الملائمة.
واتفقوا على ان تكون جلسات العمل مغلقة، لأن ذلك يجعل الحوار خاضعا لمنهجية منضبطة، لا يساعد على تحقيقها ان تكون ساحة الحوار مفتوحة، وما توصلوا إليه إنما هو حلول واقتراحات، يرون ملاءمتها لاطلاع ولي الأمر عليها، وهي حلول تحتاج إلى ان تأخذ مجراها على ما يراه ولي الأمر.
واجتهدوا في التوصل لرؤية واضحة ومنهجية رشيدة، لمعالجة الغلو وقطع موارده، وكانت محاوراتهم في جلسات مغلقة، لما تمثله الموضوعات المعالجة من أهمية بالغة، وكانت الجلسات تدار من رئاسة اللقاء بمنهجية منضبطة، راعى المشاركون فيها الوقت وأدب الحوار، والتزموا بالموضوعية واحترام الآخرين فلم يجرحوا الأشخاص أو التوجهات.
كما ان مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني لم يزل قائما على خدمة هذا الحوار، في وقت يحتاج فيه المركز إلى اكتمال أنظمته، وعمل دراسات وأبحاث تساند اللقاء في تنفيذ بعض المقترحات ووضع الآليات المناسبة لتنفيذها، والمركز يمثل مرجعية لما يصدر عن اللقاء من آراء وتوصيات وهيئة منسقة ومنظمة لهذا اللقاء وما يتلوه من لقاءات.
وقد أعلنت رئاسة اللقاء ان المشاركين في الحوار قد اصدروا بيانا ختاميا للقائهم وتوصيات، تم الاتفاق عليها، وستسلم بمشيئة الله إلى سمو ولي العهد يوم السبت الموافق 11/11/ 1424هـ.
وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله و صحبه وسلم.
ثم ألقى عضو مجلس الشورى وأحد المشاركين في اللقاء عبدالمحسن العكاس كلمة، أكد فيها ان هذا اللقاء تميز بالموضوعية والالتزام واحترام الرأي والرأي الآخر.. مشيرا إلى ان المشاركين والمشاركات كان لديهم التفهم بان عملية التوسع في المشاركة في الحياة العامة والشأن العام أمر يتطلب مزيدا من الصبر والعمل والتفعيل وترسيخ القناعات لدى فئات المجتمع المختلفة، بتطوير الآليات المدنية التي ستساعد على تفعيل مثل هذه المشاركة في جو يتسم بالسلم والسلام والاعتدال، مما يعزز المكانة التي حققها المجتمع السعودي في قدرته على التطور، دون ان يقع في مثالب ومشاكل وخسائر كبيرة.
بعد ذلك تحدث الدكتور عمر عبدالله كامل الباحث الإسلامي والمشارك في اللقاء، حيث أوضح ان اللقاء كان ممتازا بكل المعايير إعدادا وترتيبا وبحوثا مقدمة، خصوصا البحوث التي فتحت آفاقا وسيعة للمتحاورين كما كان الجو الذي يسود اللقاء يسوده الود والحرية المطلقة والانضباط والجرأة في طرح المشاكل في كل ما يخص محاور النقاش.
وقال إنها سنة حميدة نهجتها حكومة المملكة في هذا الحوار الوطني، سواء الأول أو الثاني، واعتقد ان الثاني كان أكثر تخطيطا وتنظيما، وان شاء الله سوف تتتالى التحسينات والإضافات ومن الإضافات الجيدة التي تحسب لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني هي إشراك العنصر النسائي، فهن جزء كبير من المجتمع وكفاءات يجب عدم إغفالها.
وبين الدكتور كامل ان نتائج اللقاء كانت معبرة بدقة لكل ما دار بدقة وعناية فائقة وكما هو مأمول وعودتنا القيادة السعودية بالأخذ بالتوصيات الصالحة فالهم واضح، و هموم الوطن جميعها تشغل القادة قبل جميع المواطنين.
اثر ذلك ألقى الدكتور عائض القرني كلمة وصف فيها هذا اللقاء بأنه ممتاز والحمد لله لحسن العنوان والزمان والمكان، رافعا شكره الجزيل لقادة هذا البلد، منوها بحسن القيادة التي قدمتها رئاسة هذا اللقاء لجمع شمل المتحاورين، حيث ساد التفاهم بين جميع المشاركين، مما نجم عنه الإجماع على الوحدة الوطنية ونبذ الإرهاب بأشكاله المختلفة وطرقه وأسبابه، كما حصل من هذا اللقاء بشرى تزف للوطن ان هذا اللقاء أنباء ان عندنا عقلية معتدلة متزنة وطاقات موهوبة ولدينا باع في الحوار.
بعد ذلك أجاب الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني والمشاركين في اللقاء عن أسئلة وسائل الإعلام، حيث أوضح الشيخ عائض القرني ان إعلان القيادة بطلب هؤلاء المطلوبين أمنيا بتسليم أنفسهم للعدالة وكذلك المراجعات التي حصلت وشوهدت إعلاميا، وهذا الحوار الذي فتح ساهم كل ذلك في قيام بعض المطلوبين بتسليم أنفسهم.. مؤكدا ان الحل لهذه العمليات الإرهابية ولهذا الفكر التكفيري هو مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ومثل هذا الحوار الذي سترى ثماره مستقبلا.
وأكد الدكتور عمر كامل ان اللقاءات القادمة ستشمل ان شاء الله العديد من الجوانب، سواء الاجتماعية أو الاقتصادية.. مشيرا إلى انه مثل هذه اللقاءات تسهم في الاستفادة من إمكانيات عدد كبير من العلماء والمفكرين والمختصين إضافة إلى البحوث التي تقدم. وأوضح فيصل بن معمر ان إعداد التوصيات تم وفق آلية محددة، حيث تم جمع الآراء والمقترحات وإعدادها من قبل لجنة الصياغة، ومن ثم طرحها على المتحاورين لمناقشتها، ثم إعداد التوصيات النهائية التي سيتم رفعها لسمو ولي العهد.