أخبار متعلقة
من أولويات الاقتصاد السعودي الجديد الاهتمام بمشروعات البنية الأساسية.. ومن شأن هذا الاهتمام ان يقود للتشجيع وجذب الاستثمار بما سيؤدي بشكل مباشر الى زيادة النمو الاقتصادي بالدولة. فمن الملاحظ ان تطور الاقتصاد الوطني له صفة الاستمرارية منذ أمد بعيد انعكاسا لسياسة اقتصادية واثقة رسمت بدقة وذكاء وليس أدل على ذلك من نمو حجم الناتج المحلي الإجمالي في كل عام وفقا للتقديرات الرسمية، وبلغة الأرقام التي لا تخطئ فان من المتوقع ان يبلغ حجم ذلك الناتج استنادا الى ما جاء في الميزانية العامة سبعمائة وواحدا وتسعين مليارا وتسعمائة مليون ريال وهذا من شأنه ان يحقق نموا نسبته 12% وفقا للأسعار الجارية، كما ان ذلك من شأنه ان يحقق نموا نسبته 6.4% وفقا للأسعار الثابتة ليصل الى ستمائة وسبعة وسبعين مليارا وستمائة مليون ريال.
وسنكمل اليوم الجزء الثاني من ملامح الاقتصاد السعودي لعام 2004.
من العوامل الرئيسية المشجعة لنمو الاتجاه الحالي لأرباح الشركات والتي لم يقتصر دورها على كونها مصادر لاستثمار بل أنها عززت الثقة بأجواء العمل أيضا فقد أعلنت معظم الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودي عن زيادات كبيرة في أرباحها الفعلية في النصف الأول من عام 2003 مقارنة بالنصف الأول من عام 2002 حيث بلغ متوسط الزيادة في أرباح الشركات التي أعلنت نتائجها اكثر بكثير من 25بالمائة. وكان في مقدمة هذه الشركات بعض عمالقة القطاعات السعودية والتي اصبح لها تأثير على بقية القطاعات الاقتصادية. فقد أعلنت شركة الاتصالات السعودية على سبيل المثال عن تحقيق أرباح تجاوزت 4.1 بليون ريال سعودي في النصف الأول من عام 2003 (اكثر من 20بالمائة) أما شركة سابك فقد ارتفعت أرباحها بنسبة 224بالمائة في النصف الأول من عام 2003 حيث بلغ صافي دخلها 850.7 مليون دولار أمريكي كما بنهاية شهر يونيو مقارنة بمبلغ 262.7 مليون دولار في السنة الماضي. وقد ارتفع أجمالي ناتج الشركة بنسبة 10بالمائة الى 19.6 مليون طن. أما البنوك التجارية فقد حققت نموا زاد متوسطه عن 15بالمائة في النصف الأول من عام 2003 بينما حققت شركات الخدمات المدرجة نموا في الأرباح بنسبة 25بالمائة أما شركات الأسمنت فنمت أرباحها أيضا بنسبة تزيد عن 18 وبذلك يمكن القول بان جميع القطاعات الاقتصادية حققت نموا كبيرا في الأرباح مما يفترض ان يكون له اثر كبير على تعزيز المناخ الاقتصادي للشركات غير المدرجة والاستثمارات الأجنبية في المملكة ولكن حرب العراق أفسدت ثقة المستهلك وهو ما اثر سلبا على القروض الاستهلاكية والطلب في النصف الأول من عام 2003.
ومن النواحي التي يصعب التنبؤ بها والتي تتأثر بالتطورات الايجابية والسلبية الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المملكة فقد أظهرت البحوث التجريبية التي تم القيام بها بان الاستثمارات الأجنبية المباشرة تتأثر بشكل خاص بالاستقرار على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. ويتضح مما ورد في التقرير ان المناخ الاقتصادي في المملكة يتمتع بالاستقرار وان المتغيرات الرئيسية صحية الى حد كبير أما الاستقرار السياسي فانه لا يرتبط بالاستقرار الداخلي فحسب بل يتأثر بالبيئة الخارجية ولذلك فان الناحية المقلقة هي ان التطورات في المنطقة والمشاكل المتواصلة وخاصة في العراق تجعل الشركات الأجنبية اكثر حذرا في قراراتها الاستثمارية في العالم العربي. وعلى الرغم من ان الوضع في العراق قد يعزز أسعار البترول وسهولة تحكم منظمة أوبك في الإنتاج للحفاظ على ارتفاع الأسعار وبالتالي زيادة الإيرادات الحكومية السعودية من صادرات البترول إلا ان ذلك لا يساعد في تعزيز الاستثمارات الأجنبية في المنطقة.
وبالرغم مما تقدم إلا ان الهيئة العامة للاستثمار في المملكة منحت 1864 ترخيصا لمشاريع منها 75بالمائة تقريبا لمستثمرين أجانب. وقد بلغت قيمة هذه المشاريع 38 بليون ريال سعودي من أجمالي الاستثمارات المقترحة والبالغة 51.4 بليون ريال سعودي. وتشير الأرقام الأولية الى ان الاستثمارات الأجنبية لم تتضرر كثيرا بتفجيرات الرياض فخلال الشهر الذي تلي التفجيرات بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية التي تم ترخيصها 222 مليون ريال سعودي وهو رقم يتعدى متوسط الإجمالي الشهري في الجزء الأول من عام 2003 ومن المتوقع ان يكون الوضع افضل خلال بقية عام 2003 وعام 2004م.
من وسائل الاستثمار الأجنبي المباشر هناك الاندماج والتملك وقد أشير في أحد مؤتمرات الاستثمار التي عقدت في دبي انه بين عام 1996 ـ 2000م بلغت الأموال المستثمرة في الخليج العربي من خلال الاندماج والتملك 4.5 بليون دولار أمريكي من الاستثمارات المباشرة واقترح المؤتمر ان الخطوط الجوية العربية السعودية وقطاع الاسمنت والنقل البحري والنسيج والتصنيع وقطاع التجزئة والسياحة يمكن ان تستفيد من برامج الاندماج والتملك، وقد نصح صندوق النقد الدولي المملكة العربية السعودية بان تضع جدولا واضحا للخصخصة لتشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وقد أشار أحد التقارير الصادرة مؤخرا حول منطقة الخليج العربي (ملاحي، أغسطس 2003م) الى ان حكومة المملكة ماضية في اتخاذ كافة أنواع السياسات التي يفترض ان تستقطب المزيد من الاستثمارات الأجنبية ويظهر التقرير بان الشركات الأجنبية تستقطبها على وجه الخصوص الحوافز الاستثمارية والقدرة على ترحيل الأرباح ومستوى النمو الاقتصادي والسياسات الحكومية الايجابية بشكل عام تجاه الاستثمارات الأجنبية المباشرة من خلال زيادة تحرير الأسواق والحوافز الضريبية وملكية العقارات وكل هذه الخصائص. تتوافر في سياسة الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة.
لا يوجد في الوقت الحاضر جدول زمني حكومي واضح للخصخصة فقد حددت الحكومة القطاعات والحقول التي يمكن خصخصتها وأعطى نجاح خصخصة شركة الاتصالات السعودية دفعة قوية للمزيد من مشاريع الخصخصة وقد وضع المجلس الاقتصادي الأعلى السياسات اللازمة لتحرير السوق سامحا للشركات الأجنبية بالمنافسة في عدد اكبر من القطاعات كما ان المجلس يضغط باتجاه تحويل أنشطة القطاع الخاص، إلا انه تبين ان تجهيز القطاعات التي تخضع لسيطرة الحكومة ( كالخطوط السعودية مثلا) للخصخصة كما حصل في الدول الأخرى ليس مسألة سهلة.
وحيث ان الانضمام الى منظمة التجارة العالمية وزيادة الاستثمارات الأجنبية يتطلب المزيد من فتح القطاعات ولذلك فقد قامت الحكومة مؤخرا (فبراير 2003) بتحرير بعض القطاعات كالتأمين ونقل وتوزيع الكهرباء والإعلان والعلاقات العامة الخ.. ومع نظام الأسواق المالية (الذي تم اعتماده في شهر يونيو 2003) ونظام البورصة ونظام التعدين الجديد والتي اعتمدت أو في طريقها للاعتماد فسوف تنشأ بيئات ايجابية وشفافة يمكن فيها للصناعة والتجارة ان تحقق تقدما طيبا.
ومن الجدير بالذكر ان معدلات النمو المتباينة مع مرور الوقت بين القطاعات تقود الى تغيرات كبيرة في هيكل الناتج الإجمالي المحلي وخاصة غير البترولي ويمكن الاستدلال على هذه الناحية حيث تغيرت المساهمات في أجمالي الناتج المحلي غير البترولي حتى في الفترة القصيرة 1996 ـ 2002م. ويعتبر الحقالن الرابع والأخير اكثر الحقول دلالة على ذلك اخذين في الاعتبار ان نسبة تغير بمقدار 1بالمائة في المساهمة في أجمالي الناتج المحلي غير البترولي تعتبر كبيرة جدا ضمن هذا السياق.كما زادت بعض القطاعات الصناعية الأخرى مساهمتها في أجمالي الناتج المحلي غير البترولي من 10بالمائة الى 11.01بالمائة بينما ارتفعت مساهمة تجارة الجملة والتجزئة من 9.2بالمائة الى 11بالمائة وهناك بالمثل بعض القطاعات التي انخفضت مساهمتها: كالزراعة مثلا والتي هبطت من 8.2 بالمائة الى 7.6بالمائة والإنشاءات والتي هبطت الى 9.5بالمائة.
الميزانية المالية
كما كان الحال بالنسبة للتوقعات حول اسعار البترول والإيرادات للسنة الماضية. فقد كانت للميزانية بشكل عام الأكثر تفاؤلا في مثل هذا الوقت من السنة الماضية.
لم يكن الناتج الفعلي لعام 2002م بعيدا عن توقعات البنك السعودي البريطاني حيث لم يتجاوز الفرق في الإيرادات والمصروفات المتوقعة 5 بالمائة عن الأرقام الفعلية . أما توقعات وزارة المالية فقد كانت أقل من الأرقام الفعلية بواقع 11 بالمائة ( للمصروفات) و30 بالمائة(للإيرادات).
أما بالنسبة للتوقعات لعام 2003م فقد كانت أعلى بكثير من أرقام الميزانية الصادرة عن وزارة المالية ففي شهر سبتمبر 2003 افتراض بلوغ الإيرادات الحكومية لعام 2003م 205 بلايين ريال سعودي والمصروفات الحكومية 218 بليون ريال سعودي مما يخلف عجزا ماليا وقدرة 13 بليون ريال سعودي . إلا أن بيان الميزانية الصادر في شهر ديسمبر عام 2002 قدر المصروفات الحكومية لعام 2003 بواقع 209 بلايين ريال وأجمالي الإيرادات الحكومية بواقع 170 بليون ريال مما يترك عجزا ماليا قدره 39 بليون ريال.
وكنتيجة للحرب على العراق والتطورات اللاحقة تحسنت الإيرادات البترولية للحكومة السعودية مما دفع معظم المحللين إلى تعديل توقعاتهم بحد كبير بحيث تجاوزت التوقعات الأصلية للبنك السعودي البريطاني ولذلك فحتى التوقعات المتفائلة في شهر سبتمبر 2002م كانت دون تقديرات الناتج المالي النهائي لعام 2003م. مع أن تقديراتنا التي تم تعديلها ارتفاعا في شهر ابريل قد تكون أيضا دون التقديرات الموضوعة إلا أننا لا نميل لرفع التوقعات للإيرادات إلى مستوى أعلى من 260 بليون ريال كما فعل بعض المحللين.
ومع الأخذ في الاعتبار التوقعات لسوق البترول 2004 فإن الميزانية لعام 2004 قد تعكس مصروفات وإيرادات حكومية فعلية تقل مستوياتها عن الناتج الفعلي عام 2003م. كما يوضح الجدول رقم 9 فمن المتوقع أن تواصل وزارة المالية نهجها المتحفظ عند وضع التقديرات المالية للميزانية لمالية لعام 2004م في شهر ديسمبر 2003 لأنه يتوقع أن تتجاوز مستويات المصروفات والإيرادات الفعلية (كما هو الحال دائما) أرقام وزارة الملية. ويتوقع البنك السعودي البريطاني بلوغ الإيرادات مستوى 220 بليون ريال سعودي في عام 2004م والمصروفات الحكومية حوالي 225 بليون ريال سعودي مخلفة عجزا ماليا هامشيا بواقع 5 بلايين ريال سعودي.
يواصل آخر تقرير لصندوق النقد الدولي دفع لمملكة لإجراء إصلاحات مالية ..لكن انتعاش الإيرادات البترولية كان ضد هذا الاتجاه في السنوات الأخيرة إلا أن هناك مؤشرات في خطة التنمية السابعة بأن الإصلاحات على المدى الطويل هي أحد بنود جدول الأعمال. وقد يشمل ذلك ما يلي:
- إدخال صندوق توازن الإيرادات البترولية حيث تودع فيه فوائض الإيرادات البترولية ( التي تزيد عن متوسط مستوى السنوات الحالية) لاستخدامها في السنوات التي تهبط فيها الإيرادات.
- الحد من نمو المصروفات الحكومية المتكررة باستثناء قطاعات النمو المستهدفة ( كالتعليم مثلا) وذلك للمساعدة في تحقيق ميزانية متوازنة.
- الإصلاحات الضريبية التي تستهدف ضرائب جديدة كالضرائب غير المباشرة على الأغلب وإصلاح نظام الجباية وتعديل الخدمات الحلية والأجور والرسوم بحيث تعكس التكلفة الفعلية لتقديم وتوفير هذه الخدمات . وما الإصلاحات الأساسية فيمكن أن تكون بتنويع الإيرادات الحكومية لتقليل الإعتمادية على الإيرادات البترولية على المدى الطويل.
- محاولة تحويل المزيد من المصروفات الى مصروفات رأسمالية بدلا من المصروفات المتكررة وهذا الأجراء هو أحد أهداف الحكومة السعودية إلا ان المصروفات الرأسمالية كما يتضح غالبا ما يتم التضحية بها في السنوات التي تهبط فيها الإيرادات البترولية وإجمالي المصروفات الحكومية نسبيا( كعامي 1998 و1999 على سبيل المثال).
وكما يوضح جدول مخصصات المصروفات الحكومية فإن مخصصات المصروفات الحكومية لم تتغير إلا قليلا خلال فترة السنوات الست الأخيرة ومن المرجح استمرار هذا الاتجاه التدريجي على هذا الصعيد. وإذا ما أخذنا في الاعتبار حجم التزايد السكاني في المملكة فإن ذلك يعني أن قطاعات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية سوف تحصل على حصص أعلى من أجمالي الميزانية. فقد ارتفعت مخصصات تنمية الموارد البشرية على سبيل المثال من 2ر23 بالمائة من أجمالي المصروفات المخصصة للدفاع والأمن في نفس الوقت.
وتجدر الإشارة إلى ان تسارع النمو السكاني يشكل أحد التحديات الرئيسية التي تواجه الحكومة السعودية في ميزانيتها المالية إذا ان نموا سكانيا بنسبة 3 بالمائة في السنة يمثل عبئا متزايدا على الدولة انطلاقا من ضرورة توفير المزيد من المرافق التعليمية والصحية الأفضل. وضمن هذا الإطار فإن من الصعوبة تروح المصروفات الحكومية مكانها إذ أن مكان ينظر إليه في وقت من الأوقات على أنه مصروفات سخية (198 بليون ريال مثلا في عام 1996) سوف ينظر على أنه مصروفات( ضرورية) للوفاء بالالتزامات الناتجة عن الزيادة السكانية وهي ناحية تمثل قوة دافعة تمنع المصروفات الحكومية من الهبوط مع مرور الزمن.
على صعيد آخر فقد اعتدل العجز المالي في السنوات الأخيرة بالمقارنة مثلا مع عام 1998 عندما بلغت نسبة 9 بالمائة من أجمالي الناتج المحلي فبعد فائض بلغ 3 بالمائة في عام 2000 انخفض العجز إلى اقل من 3 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي في السنوات اللاحقة وسوف يكون هناك المزيد من الضغوط لمواصلة انخفاضه عن مستواه الحالي مع اقتراب الدين العام من مستوى 95 بالمائة من أجمالي الناتج المحلي ليبلغ حوالي 680 بليون ريال سعودي. ولحسن الحظ فإن 75 بالمائة من هذا الدين هو لمؤسسات شبه حكومية تضم المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وصندوق التقاعد لموظفي القطاع الحكومي. وقد بلغت مطالبات البنوك التجارية في المملكة على القطاع العام لغاية منتصف 2003 مستوى يزيد عن 175 بليون ريال سعودي. ولذلك فإن الهدف الرئيسي لبرنامج الخصخصة الحكومي هو استخدام الأموال المتحصلة من عملية الخصخصة لخفض هذا المستوى من الدين إلى مستويات معقولة على الرغم من عدم وجود أية ديون خارجية على المملكة.
التجارة الخارجية وميزان المدفوعات
يعتبر المركز التجاري للمملكة على المستوى العالمي إيجابيا للغاية آخذين في الاعتبار قوة السوق البترولية . وكان قد توقع في السنة الماضية أن يبلغ فائض الحساب الجاري لعام 2003م 10 بليون ريال سعودي إلا أن الارتفاع النسبي لأسعار البترول وزيادة النتاج خلافا لتوقعاتنا السابقة قد يجعل الفائض الحالي للحساب الجاري يزيد عن 60 بليون ريال لعام 2003م. وكذلك التقديرات الانتقالية الرسمية للفائض لعام 2002 بلغت 43 بليون ريال. أما بالنسبة لعام 2004 فمع الهبوط النسبي المتوقع في أسعار البترول والإنتاج في ذلك العام فإننا نتوقع تسجيل فائض في الحساب الجاري في حدود40 بليون ريال سعودي.
ومما تجدر الإشارة إليه هو استمرار تسجيل فائض في الحساب التجاري يخفف الى حد كبير الضغوط على صرف الريال السعودي . ففي الفترة مابين 1983-1995 سجل الحساب الجاري عجزا مما خلق مجالا لتوقعات سوقية بخفض قيمة الريال ولكن تلك الضغوط زالت منذ عام 1995 إلى حد كبير أن لم يكن نهائيا إذ لم يسجل أي عجز إلا مرة واحدة في عام 1998م.
أن الوقائع المذكورة لا تعني أن البيئة التجارية في المملكة ليست ديناميكية فهناك العديد من التغيرات الحاصلة في الوقت الحاضر والتي من شأنها التأثير على الصادرات والواردات ومنها ما يلي:
- التغير في هيكل الصادرات مع ازدياد حجم الصادرات غير البترولية . فقد ساهمت الصادرات غير البترولية في أوائل السبعينيات بنسبة تقل 5ر0 بالمائة من أجمالي الصادرات أما الآن فهي تمثل طبقا لبيانات وزارة التجارة والصناعة أكثر من 12 بالمائة. وفي عام 2001 بلغت قيمة تلك الصادرات 31 بليون ريال سعودي منها 5ر13 بليون ريال تقريبا تخص صادرات البتروكيماويات . وتقدر وزارة الصناعة أن الصادرات غير البترولية ارتفعت بأرقام مضاعفة في كل سنة من السنوات الأربع الماضية ومن المتوقع ان تحافظ على هذا المسار.
ـ وسجل مستوى الواردات زيادة متواضعة فقط في السنوات الأخيرة ففي عام 1999 تراجعت الواردات المنظورة الى 104 بلايين ريال ثم عادت على 116 بليون ريال في عام 2001م. ونظرا لمستوى النمو الحالي والسيولة المحلية الجيدة والمصروفات الحكومية المرتفعة فقد ارتفعت واردات السلع منذ عام 2001م ( قليلا في عام 2002) إلى 121 بليون ريال تقريبا إلا أننا نتوقع أن تنمو هذه الواردات بنسبة 3 بالمائة في عام 2003 لتصل إلى 125 بليون ريال وإلى 129 بليون ريال في عام 2004م.
- لحسن الحظ فقد قابل الفائض الصحي لتجارة السلع كافة التطورات السلبية في وضع التجارة غير المتطورة أي الخدمات مثل التمويل والتأمين والشحن البحري والعقود العسكرية والسياحية. كان دائما يميل إلى العجز. وقد بلغ متوسط ذلك العجز خلال الخمس سنوات الأخيرة أكثر من 110 بلايين ريال في السنة إلا أن هناك المزيد من السعوديين لقضاء العطلات في ربوع الوطن كما يفترض أن يؤدي التوجه لخفض العمالة الأجنبية في المملكة إلى تقليل الضغط على ميزان المدفوعات بسبب التحويلات الأجنبية.
- التغير الملحوظ الحاصل في الشراكة التجارية للملكة فقد كانت الولايات المتحدة وما زالت الشريك التجاري الأكبر إلا انه لوحظ تغير في مسار الواردات نحو بلدان لأخرى فالتجارة مع الصين الشعبية تزداد بسرعة بالغة حيث تجاوزت الواردات من الصين مبلغ 6 بلايين ريال سنويا مقارنة بواردات هامشية منذ 10 سنوات . وتراجعت الواردات من الولايات المتحدة بشكل مضطرد من 24 بليون ريال في عام 1998 إلى 7ر19 بليون ريال في عام 2000م متأثرا بشكل أساسي بانخفاض مبيعات قطاع الطائرات أما الواردات من أوروبا وخاصة من بريطانية وفرنسا وألمانيا فإنها أيضا في هبوط متواصل مع تزايد اتجاه المملكة للاتجاه شرقا لتلبية احتياجاتها من الواردات.
- توجد في الوقت الحاضر ضغوط أقوى باتجاه تحسين التجارة بين بلدان مجلس التعاون الخليجي ممثلة بإعلان الدوحة( القمة السنوية الثالثة والعشرون لمجلس التعاون 2002) والتي تم فيها الاتفاق على اعتماد تعرفة خارجية موحدة قدرها 5 بالمائة كما ستصبح الدول الأعضاء منطقة جمركية واحدة لا تزال فيها الرسوم الجمركية والأجور والمروضات الأخرى التي تعيق التجارة البينية. كما تم اعتماد جدول زمني للاتحاد النقدي في مجلس التعاون بحلول عام 2005 وتوحيد العملة لغاية عام 2010م. ومن الجدير بالذكر أن مستوى التجارة بين دول مجلس التعاون لا يرقى إلى المستوى المطلوب في الوقت الحاضر حيث لا تتعدى نسبة الواردات من دول الخليج الى المملكة 13 بالمائة كما أن واردات وصادرات المملكة مجتمعة من وإلى دول الخليج بلغت حوالي 20 بليون ريال فقط في السنة خلال السنوات الثلاث الماضية.
- أن وزارة الصناعة والتجارة الجديدة حريصة على انهاء موضوع الانضمام الى عضوية منظمة التجارة العالمية في أقرب فرصة ممكنة فالمملكة الآن هي أكبر الاقتصادات التي لم تدخل في عضوية المنظمة بعد. ويعتبر اتخاذ المزيد من الإجراءات من جانب المملكة خاصة من ناحية الخصخصة وتحرير السوق عامل دعم للمملكة في المفاوضات الجديدة للانضمام لعضوية المنظمة في المستقبل القريب. وقد عبرت الوزارة عن رغبتها في انهاء كافة المفاوضات الثنائية بشأن الانضمام لعضوية المنظمة قبل نهاية عام 2003م وتنفيذ كافة القواعد والأنظمة والقوانين اللازمة لتسهيل ومساعدة المملكة في الانضمام لعضوية المنظمة.
الاتصالات احد القطاعات التي حققت ارباحا في الشركات السعودية