تعتمد العملية التربوية والتعليمية على عدة ركائز منها المنهج المدرسي والمعلم والتلميذ، ولا تنسى المبنى المدرسي الذي يحتضن ذلك كله، وبالتركيز على جانب من هذه الركائز، واهمال الجوانب الاخرى، يحدث الخلل الذي طالما عانى منه الجميع دون استثناء، وفي مقدمتهم أولياء الامور، ثم المجتمع.
وفي بلادنا مازلنا نشكو من الظواهر السلبية في مجال التربية والتعليم، وليست المناهج وحدها هي الجديرة باعادة النظر، بل ان وضع المعلم هو الاجدر بالاصلاح لانه الوسيلة التي تحيل المناهج الى أداة بناء او اداة هدم، اذا استغل حصته في بث الافكار التي لا علاقة لها بالمنهج، خدمة لمعتقده الذي قد لا يكون صحيحا بالضرورة ، خاصة بعد ان تفشت ظاهرة اسناد تدريس بعض المواد لغير المختصين فيها، وهذا امر لا يلقى ما يستحقه من عناية الادارة المدرسية او حتى ادارات التعليم في المناطق المختلفة.
وقد أهمل المعلم اهمالا واضحا من حيث التأهيل التربوي بعد ان اصبح التدريس مهنة من لا مهنة له من خريجي اقسام جامعية لا علاقة لها بالتربية والتعليم، مما ادى الى ضعف شخصية المدرس، وضعف ادائه الوظيفي، وتأتي التعليمات الادارية لتكرس هذا الضعف من خلال نظريات تربوية، قد تصلح لمجتمعات اخرى لكنها لا تصلح لمجتمعنا في حالات كثيرة.
ولم نعد نستغرب ان نقرأ في احدى الصحف عنوانا عريضا يشمت بمعلم انزل به العقاب لانه ضرب طالبا، وفي ظل هذا الواقع فقد المعلم هيبته، فأصبحنا نطالب بحماية المعلم من التلاميذ، وليس العكس.
هذا في مدارس البنين ، اما في مدارس البنات فان الصورة منقلبة تماما حيث تكثر شكاوى التلميذات من تسلط المدرسات ، وعنفهن في التعامل، ولعل سبب ذلك هو تسلط الرجل على المرأة، مما ينعكس على اسلوبها في التعامل مع تلميذاتها، متناسية انها ام قبل ان تكون معلمة.
اصلاح التعليم يعتمد اولا واخيرا على اصلاح وضع المعلمين والمعلمات، بالتأهيل ، وبتوفير الاجواء المناسبة للعمل، وبالمتابعة التي لا تتيح تسرب بعض الافكار السلبية التي تزرع في نفوس الناشئين والناشئات قيما لا علاقة لها بالمناهج او الاهداف التربوية والتعليمية التي يراد منها الخير للدين والوطن والمواطن والأمة.