دعونا نأخذ العبرة من قصة الفضيحة التي جرت في امريكا وامتدت ذيولها الى الكويت والتي فتح ملفها الحزب الديموقراطي الامريكي حين تساءل عن الاسعار المرتفعة التي يدفعها الجيش الامريكي في العراق للبترول الذي تبيعه له شركة امريكية تشتريه بدورها من شركة كويتية تتعامل مع وزارة النفط الكويتية, من بعد نشر صحيفة وول ستريت لفضيحة الاسعار اعترف اثنان من موظفي الشركة الامريكية بانهما تلقيا ستة ملايين دولار رشوة (لم يحدد بعد من دفعها) لارساء المناقصة على شركة كويتية محددة! والكونجرس الان يحقق في الموضوع والبنتاغون كذلك وستنشر الاخبار و ستتوالى ككرة الثلج.
ان من اكثر الامور التي لم نحسب لها حساب اننا مهما احكمنا الرقاب على صحافتنا ومنعناها من نشر فضائحنا, فان صحافة العالم كله اصبحت مرتبطة بعالمنا, مثلما هو عالمنا اليوم مرتبط بالعالم الخارجي بروابط وثيقة و محكمة حتى بتنا لا نفرق بين المحلي و الدولي, وان ما يجري عندنا له علاقة بشكل او باخر بما يجري عندهم, فلا نفاجأ بعد اليوم حين نقرأ عن المزيد من فضائحنا في صحافتهم.
و المفاجآت ستتوالى و نحن نوقع المزيد من الاتفاقيات التجارية الدولية كالانضمام للجات او اتفاقيات التجارة الحرة مما يزيد من حجم التشابك المحلي و الدولي والاهم ان تلك الاتفاقيات ستكون ملزمة, وستكون هناك آلية للتأكد من هذا الالتزام, فلا تعتمد الدول العربية على ما كان عليه الوضع سابقا حين كانت توقعها برستيجا ثم تركنها في الادراج على ما جرت العادة عليه من بطء و احيانا عدم متابعة من بقية الشركاء.
انها مفاجأة حقا ان تنشط المنظمات الدولية و ان تنشط الدول الشريكة معنا في الاتفاقيات في تفعيل آلية التطبيق و متابعة الالتزام, وتنشط صحافتها و اعلامها لا لفضح جرائمهم فذلك ديدن الصحافة هناك, انما في البحث عن شركائهم في الخارج (الكلام لنا) خاصة ان كانت الصفقات سيدفع كلفتها دافع الضرائب, وانه بالامكان و الاضواء مسلطة علينا ان نفاجأ كثيرا هذه الايام بما ستنشره الصحف الاجنبية و ربما صحافتنا ايضا -ان وجدت الجرأة- بحجم المخالفات وعدم الالتزام ببنود تلك الاتفاقيات خاصة التجارية منها والتي تقتضي الالتزام بحكم القانون و بالشفافية و بمكافحة الفساد وحماية المال العام.
فهل علينا ان ننتظر الكشف عن فسادنا من الصحافة الاجنبية بدلا من ان تنشط القوى المجتمعية في دولنا للقيام بهذا الدور ؟! هل سيتحمل العالم الخارجي مسؤولية تهذيب مسؤولينا؟!
* كاتبة بحرينية