في تحول غير متوقع للازمة النووية الباكستانية اعترف مهندس البرنامج النووي الباكستاني عبد القادر خان بذنبه علنا عبر التلفزيون أمس واكد مسؤوليته عن تسريب تكنولوجيا نووية الى دول اخرى وطلب الصفح من الامة، وذلك عقب اجتماعه مع رئيس الدولة برويز مشرف استغرق 40 دقيقة وقدم خلاله خان التماسا يطلب الرأفة والعفو عنه لما قدمه من خدمات للوطن، حسبما أعلنت الحكومة.وتحمل العالم النووي المسؤولية عن الاختلاسات التي حدثت أثناء رئاسته لمعامل أبحاث كاهوتا التي استمرت حتى تقاعده عام 2001.وقال خان الذي بدا متجهما ومهموما في بيانه الذي أذاعه التليفزيون: إنني بعميق الاحساس بالاسى والالم والندم اخترت الظهور أمامكم لكي أكفر عن بعض الضيق والالم الذي عاناه الشعب الباكستاني بسبب الاحداث المؤسفة للغاية خلال الشهرين الماضيين.
وقال إن التحقيق أثبت أن كثيرا من الانشطة التي تردد الحديث عنها حدثت بالفعل وأنه من المحتم أن الصفقات تمت بناء على أوامري.
وقال أثناء التحقيقات أنه اعترف طواعية بأن الكثير من الانشطة المعلنة كانت حقيقية وهو ما أقدم بسببه أعمق ندمي واعتذاري التام لأمة مصدومة.
وقال بصوت متعثر يؤلمني أن أدرك أن الانجازات التي حققتها طوال حياتي لتوفير الامن التام لبلدي كان من الممكن أن تتعرض لخطر شديد بسبب الانشطة التي كانت تعتمد على حسن النية لكن على خطأ في التقدير مرتبط بالانشطة غير المرخص بها في مجال نشر (التكنولوجيا النووية).
وقال خان إنني أتحمل كامل المسئولية عن أفعالي وأطلب العفو منكم.
وكان بيان رسمي قد ذكر في وقت سابق أن خان أدرك أن أنشطته التي كانت تمثل انتهاكا واضحا لمختلف القوانين الباكستانية كان يمكن أن تعرض القدرات النووية الباكستانية والامة بأسرها للخطر.
وذكر أن الرئيس مشرف قال خلال الاجتماع ان الامة بأسرها تضررت بسبب الاحداث المؤسفة التي وقعت خلال الشهرين الماضيين.
كما ذكر بيان رسمي سابق أن هيئة القيادة الوطنية برئاسة الرئيس برويز مشرف بحثت امس الاربعاء طلب العفو الذي قدمه خان وقررت إحالة الامر إلى المحكمة الاتحادية.
ورغم أن اليوم الخميس يوم عطلة في باكستان فقد دعا رئيس الوزراء مير ظفر الله جمالي مجلس الوزراء للاجتماع لبحث القضية.
واتخذ قرار إقالة خان من منصبه كمستشار لرئيس الوزراء للشؤون الاستراتيجية يوم السبت الماضي أثناء اجتماع لهيئة القيادة الوطنية وذلك بعد وضع العالم النووي رهن الاقامة الجبرية بمنزله.
إلا أن اجتماع خان مع الرئيس مشرف وطلب العفو أثارا رد فعل معاكس من جانب أحزاب المعارضة.
وقال أمين فهيم رئيس حزب الشعب الباكستاني الذي تتزعمه رئيسة الوزراء السابقة بنظير بوتو لم نتخذ قرارا بعد بشأن الظروف التي أدلى فيها الدكتور خان باعترافاته وطلب فيها العفو. الامر كله محل شكوك.
وقال يتعين على الحكومة طرح القضية كلها على البرلمان.
كما رفضت عائلات أربعة من المسؤولين في معامل أبحاث كاهوتا طلب خان للرأفة والتماسه العفو في بيانه الذي أذاعه التليفزيون.
وقال عصام الحق الشقيق الاصغر لاسلام الحق أحد مساعدي خان المقربين الموثوق بهم هذه البيانات انتزعت تحت الضغط ونحن ببساطة لا نقبلها.
في هذه الأثناء، اعلن المتحدث باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان ان قرار احالة مهندس البرنامج النوي الباكستاني الى القضاء يعود للسلطات الباكستانية وحدها.
وقال ماكليلان انها مسألة تدرسها الحكومة الباكستانية. نقدر جهودها امام مصدر قلق خطير يتمثل في نشر اسلحة الدمار الشامل.
من جهة أخرى، ذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) الامريكية أن الولايات المتحدة حصلت على تصميمات رؤوس صواريخ نووية وضعها عبدالقادر خان وبيعت إلى ليبيا عن طريق تاجر أسلحة.
وأرسلت تصميمات الرؤوس الحربية التي وضعها العالم عبد القادر خان الذي صنع القنبلة النووية الباكستانية إلى الولايات المتحدة في صندوق صغير في 22 من يناير في إطار اتفاقية بين واشنطن وطرابلس تتخلص ليبيا بموجبها من برامجها لتطوير أسلحة الدمار الشامل.
وذكرت الصحيفة ان التصميمات هي أول دليل ملموس على الشبكة السرية التي يشتبه في أن علماء باكستانيين يديرونها. ويشتبه في أن العلماء الباكستانيين باعوا التصميمات النووية بهدف تحقيق ربح شخصي.
وتردد أن المسؤولين الليبيين اعترفوا بشراء تصميمات من تجار الاسلحة مقابل أكثر من 50 مليون دولار.
ونسبت الصحيفة للمسؤولين الامريكيين الذين درسوا الوثائق الباكستانية قولهم إنها تتضمن معلومات بشأن تخصيب اليورانيوم وتصنيع قنابل نووية.
ويشكك المسئولون في أن ليبيا كانت ستتمكن من تصنيع رؤوس حربية أو وقود نووي بناء على تلك التصميمات.
وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تشترك مع الولايات المتحدة وبريطانيا في نزع أسلحة ليبيا أن طرابلس لم يكن أمامها غير فترة من الوقت قبل أن تتمكن من تصنيع أسلحة نووية بناء على التصميمات والتكنولوجيا التي حصلت عليها بطريق غير مشروع.