يثير المغرب العربي المنطقة الاستراتيجية التي تضم مصادر للطاقة في شمال افريقيا، اهتماما متزايدا من جانب الولايات المتحدة التي تسعى الى تعزيز وجودها فيها على حساب العلاقات المميزة مع اوروبا خصوصا فرنسا، في بعض الاحيان.
ومنذ اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001، ضاعف المسؤولون السياسيون والعسكريون الامريكيون زياراتهم الى المنطقة بينما زار عدد من المسؤولين المغاربة واشنطن حيث سيستقبل الرئيس الامريكي جورج بوش نظيره التونسي زين العابدين بن علي في 17 فبراير.
وأكد الاستاذ الجامعي الامريكي كليفورد كيراكوف اخيرا في تونس ان (الاشهر المقبلة ستشهد تعزيزا في العلاقات بين الولايات المتحدة والمغرب العربي) ملمحا الى ان الادارة الامريكية (تولي مزيدا من الاهتمام للمنطقة الاوروبية المتوسطية) منذ اعتداءات سبتمبر.
ومع انها مستبعدة من عملية برشلونة (1995) تتولى الولايات المتحدة قيادة منطقة جنوب اوروبا في حلف شمال الاطلسي.
وفي فترة اقرب، دعت واشنطن الى تحقيق تكامل اقتصادي بين دول المغرب العربي (الجزائر وليبيا وموريتانيا وتونس والمغرب) مما يمكن ان يسمح لها بالتعامل مع سوق تضم أكثر من ستين مليون مستهلك (بعد تسوية قضية الصحراء الغربية على الارجح).
ويرتبط المغرب تقليديا بعلاقات قوية ثقافية واجتماعية واقتصادية، مع اوروبا القريبة منه وتشكل مبادلاته مع الاتحاد الاوروبي ثمانين بالمائة من مجموع مبادلاته التجارية.
وتؤكد طرابلس ان الزعيم الليبي معمر القذافي ينتطر بعد رفع العقوبات التي كانت تفرضها الامم المتحدة على ليبيا رفع العقوبات الامريكية وعودة الشركات النفطية الامريكية الى بلاده (قبل مرور عام واحد).
وتشكل ليبيا والجزائر ركني مصادر الطاقة في المنطقة وتملكان احتياطات مثبتة من النفط تبلغ أكثر من خمسة مليارات طن الى جانب الغاز (خمسة مليارات متر مكعب)، بينما تحتل الجزائر المرتبة الخامسة بين الدول المنتجة للغاز الطبيعي والرابعة بين البلدان المصدرة لهذه المادة.
وتشمل هذه الرؤية الامريكية الجديدة الدول الاخرى في المنطقة حيث تسير المصالح الاقتصادية الى جانب الحرب ضد الارهاب.
وتستعد الرباط لتوقيع اتفاق للتبادل الحر مع الولايات المتحدة بينما تجري تونس مفاوضات مع واشنطن لتوقيع اتفاق مماثل في اطار مبادرة شراكة اقترحها الامريكيون.
وعبرت فرنسا الشريك التجاري الاول للمغرب عن تحفظات على الاتفاق الامريكي المغربي معتبرة انه (لايتناسب مع تعميق التعاون) بين الاتحاد الاوروبي والدول المغاربية.
واقامت واشنطن في تونس اخيرا (مكتبا اقليميا لتطبيق مبادرة الشراكة السياسية والاقتصادية بين الولايات المتحدة والشرق الاوسط) بينما كانت تونس أول دولة وقعت اتفاق الشراكة والتبادل الحر مع الاتحاد الاوروبي في 1995.
وشهد المغرب العربي في ديسمبر الماضي حدثا يعكس المنافسة بين المصالح الامريكية والاوروبية في المنطقة، وهو زيارة كولن باول، الاولى التي يقوم بها وزير للخارجية منذ عشر سنوات، وتزامنت مع القمة الاوروبية المغاربية (الحوار 5+5). والى جانب البحث عن اسواق للمنتجات الامريكية، يعكس اهتمام الولايات المتحدة بالمغرب العربي رغبتها في تعزيز وجودها في المنطقة بعد اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر.
والى جانب التسهيلات العسكرية التي حصلت عليها في موريتانيا والمغرب وتونس، تدرس الولايات المتحدة فكرة اقامة قواعد عسكرية في تونس والمغرب حسبما ذكرت مجلة (جون افريك) لتتمكن من التدخل بسرعة في حال الضرورة في جميع انحاء افريقيا.