المرافعة التي تقدمت بها المملكة امام محكمة العدل الدولية اثناء استعراض قضية الجدار العنصري الاسرائيلي العازل تضع امام العالم بأسره جملة من الحقائق التي لابد من التعامل معها بعقلانية وتأن حتى لا تطغى المراوغات الاسرائيلية على الرأي العام سواء في الولايات المتحدة او غيرها من الدول، فلا يختلف اثنان على ان الجدار العازل الذي يقتطع اجزاء شاسعة من اراضي الضفة الغربية في فلسطين هو اجراء غير قانوني ولا يتوافق نصا ولا روحا مع مواثيق الأمم المتحدة وليس له ما يبرره حتى وان روجت اسرائيل لأكذوبة الحفاظ على امنها المزعوم، فالجدار لن يحقق لها ذلك وهو واحد من الأعمال الاستفزازية والعدوانية ضد الشعب الفلسطيني الذي مازال يبحث عن السلام العادل والدائم المحقق لمبدأ تقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة كما جاء في بنود خطة خارطة الطريق الرباعية التي ضربت بها اسرائيل عرض الحائط كسائر المبادرات السلمية لحلحلة الازمة القائمة في المنطقة، والقول بان الرأي الاستشاري للمحكمة الدولية حول الجدار يتناقض مع المساعي المبذولة للتفاوض تمهيدا لتحقيق السلام في الشرق الاوسط استنادا الى معطيات خطة خارطة الطريق هو بمثابة ذر الرماد في العيون، وقول اسرائيل لا يستند الى واقع، بل ان القبول به يعد طريقا واضحا لاجهاض عملية السلام في المنطقة وضربها في مقتل، فالرأي الاستشاري للمحكمة في قضية الجدار يعد أحد الأساليب المنطقية لاحتواء الارهاب الذي تمارسه اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، واحد الاساليب الواضحة لتحقيق السلام المنشود في المنطقة، ولاشك ان اسرائيل التي مضت قدما منذ عدوانها الصارخ على الأمة العربية عام 1967م لتغيير الوضع على الأرض ارتأت ان اقامة الجدار احد اساليب التغيير لاسيما انه سوف يؤدي بالضرورة وبشكل عملي ومشهود الى صناعة عراقيل عديدة تحول دون قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ويولد المزيد من الكراهية بين الفلسطينيين والاسرائيليين لابقاء فتائل العنف متقدة، فمعالجة الدوافع والاستفزازات التي تؤدي الى العنف هو مطلب اساسي لاحتواء الأزمة الفلسطينية وهذا ما لا تريده اسرائيل او تسعى اليه وازاء ذلك فانها تعمل بكل السبل لتعطيل مشروع خطة خارطة الطريق الرباعية المؤدي لسلام حقيقي، والمؤدي في الوقت نفسه لقيام دولتين فلسطينية واسرائيلية في المنطقة تتمتعان بحدود آمنة ومعترف بها.