يخوض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الانتخابات التي ستجري الاحد وهو واثق من فوزه بولاية ثانية وسط مخاوف من ان تعود روسيا خلال هذه الولاية الثانية لعميل الاستخبارات الروسية السابق، الى ماضيها الاستبدادي.
وقبيل الانتخابات التي ستجري اليوم الأحد تذكر قبضة بوتين على البلاد بالقادة السوفياتيين الدكتاتوريين حيث يسيطر حزب موال للكرملين على ثلثي البرلمان ولا يبدي رئيس الوزراء اية تطلعات سياسية ويقدم الاعلام الحكومي تغطية مبالغا فيها للحملة الانتخابية ويتولى زملاء بوتين من جهاز الاستخبارات السابق مواقع في قمة هرم السلطة.
ورغم ان خمسة اشخاص ينافسون بوتين على الرئاسة الا ان ايا منهم لا يحظى بفرصة للفوز. وتصل شعبية بوتين الى حوالي 80 بالمائة بينما شعبية منافسيه لا تكاد تذكر.
والامر المشوق الوحيد في الحملة الانتخابية هي ما اذا كان سيدلي 50 بالمائة على الاقل من الناخبين بأصواتهم في الانتخابات، وهي النسبة الضرورية لاقرار الانتخابات. اما نتيجة الانتخابات فيمكن التكهن بها بسهولة كما كان الحال ايام الحكم السوفييتي.
وبرز بوتين ذو العينين الزرقاوين الذي بدأ الصلع يتسلل الى رأسه الى الاضواء عندما عينه الرئيس الروسي الاسبق بوريس يلتسين رئيسا لجهاز الاستخبارات السرية ثم رئيسا للوزراء وبعد ذلك خليفته عام 1999.
وبعد فوزه في الانتخابات الرئيسية في مارس 2000، وضع بوتين من بين اولوياته اعادة بناء الاقتصاد الروسي واحلال الاستقرار بعد ارتفاع معدل التضخم والانهيار المالي والاضطرابات السياسية اثناء سنوات حكم يلتسين.
ونجح بوتين في المجالين الاقتصادي والسياسي، فقد شهد الاقتصاد نموا بلغ 7.3 بالمائة العام الماضي بينما تشهد البورصة الروسية انتعاشا ويرجع ذلك في جزء كبير منه الى ارتفاع اسعار النفط الذي يعد الرافد الرئيسي للاقتصاد الروسي.
وتجنب بوتين اي تغيير مفاجئ في الوزراء الذين ورثهم من سلفه يلتسين بل قام باستبدالهم بآخرين بهدوء، وذلك باستثناء قيامه الاسبوع الماضي باقالة رئيس الوزراء ميخائيل كاسيانوف آخر الوزراء الذين ورثهم من الرئيس السابق.
ورحب المستثمرون باقالة كاسيانوف وتعيين ميخائيل فرادكوف رئيس شرطة الضرائب السابق خلفا له اذ يعرف عن فرادكوف بأنه ليس لديه اية طموحات سياسية ويمكن الاعتماد عليه في تنفيذ ارادة الكرملين باخلاص.
كما رحب المستثمرون بالحكومة الجديدة التي اعلنها بوتين قبل خمسة ايام من الانتخابات والتي شهدت خفض عدد الوزراء والمناصب الحكومية العليا.
ولكن وباشراف بوتين استعادت روسيا اجواء العهد السوفيتي الذي يخشى الكثيرون انه سيستمر اثناء فترة رئاسة بوتين الثانية.
فقد اختفى التليفزيون المستقل الذي كان ينتقد الحكومة وباتت كافة القنوات التليفزيونية تحت سيطرة الحكومة وتعمل بالطريقة التي عملت بها قنوات التليفزيون اثناء الحكم السوفيتي.
وكرست الانتخابات البرلمانية التي جرت في ديسمبر الماضي روسيا كدولة ذات حزب واحد بعد ان فاز حزب روسيا المتحدة الموالي للكرملين بأكثر من ثلثي المقاعد في مجلس النواب في البرلمان الروسي (الدوما).
ويسيطر مسؤولون سابقون في اجهزة الامن الروسية حاليا على مناصب السلطة في روسيا حيث يحتفظون بأكثر من نصف اقوى المناصب واكثرها نفوذا.
ولم يتأثر بوتين بأي من السياسات الفاشلة والاخطاء في السياسات مثل الحرب في الشيشان.
وشن بوتين تلك الحرب كعملية خاطفة ضد ما قال انه الارهاب في اكتوبر 1999 الا انه وبعد اربع سنوات من بدء تلك الحرب لا تزال روسيا تخوض حرب عصابات مع الشيشان.
الا ان الحرب في الشيشان لم تكن من بين المسائل التي تناولتها الحملة الانتخابية هذا العام رغم مقتل ما بين 15 و 40 الف جندي ومدني فيها، طبقا للارقام الرسمية واحصاءات جماعات حقوق الانسان.
ولم تتطرق الحملة الانتخابية كذلك الى مقتل 600 شخص في هجمات خارج الشيشان معظمهم في قلب العاصمة موسكو ألقيت مسؤوليتها على الانفصاليين الشيشان مما اثار انتقادات لسياسة بوتين في الشيشان.
الا ان الناخبين يفضلون بوتين بسبب اسلوبه الصريح والمترفع لان العديد من الروس يعتقدون ان روسيا بحاجة الى "يد قوية".
وتلقى حملة بوتين ضد اصحاب رؤوس الاموال من عهد يلتسين من امثال رئيس شركة يوكوس ميخائيل خودوركوفسكي الذي سجنه بوتين، استحسانا لدى ثلث الشعب الروسي ممن يعيشون في حالة من الفقر.
الا ان العديد حذروا من انه مع تمتعه بكل هذا القدر من السلطة فان الجاسوس السابق بوتين سيعيد روسيا الى جذورها السوفيتية خلال فترة حكمه الثانية.
وتقول اولغا كريشتانوفسكايا عالمة الاجتماع المرموقة ان صعود افراد اجهزة الاستخبارات السابقين امر سيىء للديمقراطية لانهم يريدون حكومة قوية تسيطر على كل شيء وعلى الانتخابات والمجتمع المدني، مما يمثل عودة الى العديد من تقاليد الحقبة السوفيتية.