أعلنت تونس مساء أمس أنها تتمسك بحقها في عقد القمة العربية على أراضيها بعد أن أجلتها بشكل منفرد ودون مشاورات مع الدول الأعضاء في الجامعة العربية، معتبرة أن هناك مشاكل حقيقية أدت الى إرجائها الى أجل غير مسمى وأن الإرجاء غير مرتبط بمكان انعقادها، وذلك في رد على اعلان مصر صباح أمس استعدادها لاستضافتها في أسرع وقت ممكن لتفادي التداعيات السلبية التي ستعقب عدم انعقادها في موعدها الذي كان مقررا اليوم وغدا الثلاثاء.وهكذا فجرت تونس مفاجأتها الثانية بعد أقل من 24 ساعة على تفجيرها المفاجأة الأولى وهي اعلان الإرجاء خلال انعقاد الجلسة المغلقة لوزراء الخارجية العرب الذين كانوا ساهرين ليل الأحد على وضع اللمسات الأخيرة لتوصياتهم الى القمة .. كما تأتي بعد ساعات من ترحيب العديد من القادة العرب باعلان القاهرة استعدادها لاستضافتها.وجاء في بيان صادر عن مصدر مسؤول بوزارة الخارجية التونسية ان محاولة تغيير مكان انعقاد القمة يعد تغييبا للأسباب الحقيقية الكامنة وراء قرار التأجيل.
واعتبر البيان أن تونس اذ تذكر بموقفها الثابت بخصوص مواصلة التشاور مع الاخوة العرب لتقريب وجهات النظر حول المسائل الجوهرية المطروحة فانها تؤكد تمسكها بحقها في احتضان القمة التي ستنظر في المسائل موضع الخلاف.
كما جاء في البيان استغراب محاولة بعض الجهات تجاهل الاسباب الحقيقية لقرار تأجيل القمة العربية التي تعود في الأساس الى تباين عميق للمواقف حول مسائل جوهرية واختيارات مصيرية ذات ارتباط وثيق بتطلعات المواطن العربي ومستقبل الأمة العربية.
واوضح البيان التونسي ان من ضمن هذه المسائل ما يتصل بالتحديث والاصلاح في بلداننا العربية بما يعزز التطور الديموقراطي وحماية حقوق الانسان وتدعيم مكانة المرأة ودور المجتمع المدني من جهة، ومنها ما يتعلق باعادة هيكلة جامعة الدول العربية وتمكينها من مواكبة أنجع للعمل العربي المشترك من جهة ثانية.
ودعا البيان مجلس الجامعة العربية للانعقاد في اقرب الآجال بقصد مواصلة التنسيق وتهيئة افضل ظروف النجاح للقمة.
وشدد البيان على مواقف تونس الثابتة والواضحة تجاه كل المسائل المتعلقة بالعمل العربي المشترك وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والمسألة العراقية وبالجهود التي ما انفكت تبذلها من اجل النهوض بهذا العمل حتى يكون في مستوى آمال المواطن العربي وتطلعاته ويمكن من مواكبة التحديات المطروحة.
وفي وقت سابق قال وزير الدولة التونسي للشؤون الخارجية حاتم بن سالم للتلفزيون التونسي: إن بلاده أرادت من وراء ارجاء موعد القمة افساح المجال امام المزيد من التشاور بين العرب للتوصل الى ارضية مشتركة تمكن القمة من الخروج بقرارات حاسمة، نظرا لعدم التوافق على القضايا الجوهرية حول الاصلاح.
وكان بن سالم هو الذي أعلن ليلة السبت الاحد قرار تونس ارجاء عقد القمة العربية.
وقال: ان الخلاف بين وزراء الخارجية العرب كان جوهريا ومصيريا حول الاصلاح العام في العالم العربي واصلاح الجامعة العربية.
واتهم بعض الوفود العربية بأنها رفضت الأخذ بمفهوم الديموقراطية ودور منظمات المجتمع المدني ودور المرأة العربية والمشاركة الشعبية في السلطة وحرية التعبير وحقوق الانسان.
واضاف: ان تونس تسعى لعودة المفاوضات بين الدول والى عقد اجتماع طارىء لمجلس الجامعة العربية، على ان تعود القمة بعدها للانعقاد مشددا على تمسك تونس بحقها في احتضان القمة.
وأعربت معظم الدول العربية عن دهشتها واسفها لقرار التأجيل المفاجىء للقمة العربية مما دفع القاهرة الى أن تعلن استعدادها لاستضافتها في اسرع وقت ممكن، حسبما جاء في بيان صادر عن الرئاسة المصرية.
وقال البيان المصري الذي نشرته وكالة انباء الشرق الاوسط: ان جمهورية مصر العربية ترى ضرورة عقد تلك القمة على وجه السرعة .. وترحب مصر بعقد مؤتمر القمة في دولة المقر في اقرب وقت ممكن يتم الاتفاق عليه.
واضاف البيان: ان مصر تعرب عن دهشتها واسفها للقرار المفاجىء الذي اعلنته وزارة الشؤون الخارجية التونسية مساء السبت بارجاء عقد مؤتمر القمة العربية الى اجل غير مسمى.
وخلص الى القول: ان ذلك يعتبر خروجا على القاعدة التي تم اعتمادها من الملوك والرؤساء العرب بضرورة عقد مؤتمر القمة سنويا خلال شهر مارس من كل عام بصفة منتظمة لمواجهة المسؤوليات والتحديات التي تتعرض لها امتنا العربية.
لكن تونس لم تمهل العرب فرصة لالتقاط أنفاس صدمة التأجيل، فأعقبتها مساء أمس بإعلان تمسكها بحقها في انعقاد القمة على أراضيها.
فبينما كانت العواصم العربية تتوالى في اعلان ترحيبها بالعرض المصري، صدر بيان الخارجية التونسية متهما جهات عربية بتجاهل الاسباب الحقيقية وراء التأجيل.
ورحب العديد من الدول العربية بالموقف المصري الذي رحب به فورا الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى مؤكدا للصحفيين أمس عدم عزمه على الاستقالة كما أشيع عقب قرار تونس تأجيل القمة. وقال: انه سيجري مشاورات مع المسؤولين العرب لتحديد موعد ومكان القمة، مضيفا أن معظم الدول العربية اعربت عن انزعاجها لقرار التأجيل.
ورحب بالاقتراح المصري عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى ال خليفة والعاهل الاردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس اليمني علي عبدالله صالح.
وفي اتصال هاتفي، اكد الرئيسان المصري واليمني علي عبدالله صالح على ضرورة انعقاد القمة في مقر الجامعة العربية بالقاهرة خلال الايام القادمة. وقالت وكالة الانباء اليمنية (سبأ) أن صالح ابدى استغرابه لقرار تاجيل القمة.
وقد تلقى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني أمس اتصالا هاتفيا من الرئيس المصري حسني مبارك بعد اعلان القاهرة استعدادها لاستضافة القمة.
وقالت وكالة الانباء السعودية: إن الزعيمين بحثا العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين ومستجدات الأوضاع في المنطقة.
ورحب العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني بدعوة مصر لاستضافة القمة العربية، وذلك في اتصال هاتفي مع الرئيس المصري، وقالت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) أن العاهل الأردني عبر عن ترحيب الاردن بعقد القمة في مصر مشددا على اهمية تحديد موعد لعقد القمة العربية في اسرع وقت ممكن، معربا عن أسفه لتأجيلها وأن الاردن سيعمل بالتنسيق والتشاور مع الاشقاء العرب لتوفير كل متطلبات نجاح القمة العربية المقبلة.
وقال عبدالله الثاني: إن الظروف العربية والاقليمية تستدعي ان يكون للعرب موقفهم الموحد الذي يحقق آمال وتطلعات الشعوب العربية.
كما رحب عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة بالاقتراح المصري باستضافة القمة وذلك خلال اتصال هاتفي مع مبارك. وقالت وكالة انباء البحرين ان الملك حمد أيد انعقادها في القاهرة.
وكان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية البحريني الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة أعرب عن أسف البحرين لتأجيل القمة.
وقد تراوحت ردود فعل وزراء الخارجية أثناء تواجدهم في تونس غداة قرارها الإرجاء، بين الأسف والانزعاج والذهول والدهشة لهذا القرار قبل ان يغادروا عائدين الى بلدانهم.
وقال وزير الخارجية السوري فاروق الشرع في تصريح صحافي ادلى به في فندق ابو نواس حيث كان وزراء الخارجية العرب ينزلون، نحن في سوريا آسفون لقرار تاجيل القمة ولا نجد سببا وجيها لتاجيلها، ربما يكون لدى اشقائنا في تونس اسبابهم ونامل ان يعاد الاتصال بين قادة الدول العربية او على مستوى وزراء الخارجية العرب لاحياء فكرة عقد القمة.
وحول عرض مصر باستضافة القمة، قال الشرع نحن نرحب باي جهد عربي مشترك لأن العمل العربي المشترك هو اساس الامن والاستقرار في المنطقة.
وردا على سؤال حول أسباب التأجيل، قال الشرع من الافضل توجيه هذا السؤال الى التونسيين لمعرفة الاسباب التي حدت بهم لتاجيل القمة.
وقال وزير الخارجية اللبناني جان عبيد: إنه لا يمكن فرض رأي اي دولة على اخرى، معتبرا ان ردة فعل الغالبية الساحقة من وزراء الخارجية العرب هي الذهول والوجوم والاسف.
من جهته، رحب الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى في تصريح صحافي باعلان مصر استعدادها لاستضافة القمة العربية، وقال انه سيجري مشاورات مع المسؤولين العرب لتحديد موعد ومكان القمة.
واضاف موسى ان معظم الدول العربية اعربت عن انزعاجها لقرار التأجيل.
وكشف انه بدأ مشاوراته مع المسؤولين في مصر وفي الدول العربية لتحديد موعد ومكان القمة العربية.
وحول تداعيات هذا الارجاء على العمل العربي المشترك، قال موسى ان التداعيات خطيرة والموقف المصري باستضافة القمة الذي اعلن عنه اليوم الرئيس مبارك مهم جدا جدا لانقاذ ما يمكن انقاذه.
وبشأن ما نقلته وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية عن رفض الرئيس التونسي زين العابدين بن علي استقبال وزراء الخارجية العرب بعيد قرار الارجاء ثم نفي تونس لذلك، اوضح موسى ان ما حدث انه لم يتم رفض اللقاء، الا ان الوزراء طلبوا موعدا وكان الوقت متاخرا ولم تتكرر المحاولة.
واقترح المغرب عقد اجتماع عاجل لوزراء الخارجية العرب خلال الاسبوعين المقبلين للتشاور بعد قرار تونس إرجاء القمة.
وقال وزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى في تصريح صحافي ان بلاده اقترحت عقد اجتماع عاجل لوزراء الخارجية العرب خلال الاسبوعين القادمين للتشاور حول الوضع الراهن.
أما وزير الدولة العماني للشؤون الخارجية يوسف بن علوي بن عبدالله فقد صرح قبيل مغادرته العاصمة تونس أمس أن وزير الخارجية التونسي الحبيب بن يحيى أبلغه بأن الرئيس زين العابدين بن علي سيجري خلال الايام القليلة المقبلة اتصالات مع الزعماء العرب لتحديد موعد آخر للقمة.
واعتبر الوزير العماني أن هناك أسبابا أدت الى هذا التأجيل، وقال مدافعا عن موقف تونس أن سلطنة عمان تعرب عن تقديرها واحترامها لقرارها الذي يخدم المصلحة العامة، معتبرا أن لدى تونس من الاسباب ما يكفي لاتخاذ هذا القرار لأنها لا ترغب بأن يعقد اجتماع القمة في ظروف غير ملائمة .. على ان يعقد في الوقت الذي تراه مناسبا لأن رئاسة القمة حاليا تحت اشراف الاشقاء في الجمهورية التونسية.